عندما تأوي إلى الفراش ليلًا وتغلق عينيك في محاولة للنوم، هل تلاحظ تلك الألوان المختلفة التي تتطاير في خلفية معتمة؟ ألوان زاهية تظهر في كل مجال رؤيتك، وبعد ثوانٍ قليلة تستقر الرؤية والألوان!
بينما تستلم عيناك للنوم، ربما تتساءل عن السبب في رؤية هذه الألوان الزاهية وكيف لدماغك أن يفجّرها دفعةً واحدة!
ما هي الألوان الزاهية التي تظهر عندما نغمض أعيننا؟
هذه النقط اللونية الغريبة التي تراها لها اسم، حيث يُطلق عليها “الفوسفين phosphenes”، ويعتقد الباحثون أن الضوء الفعلي يلعب دورًا بوجودها، لكن ليس الضور العادي، هذا الضوء يأتي من داخل عينيك.
بنفس الطريقة التي يمكن أن تتوهج بها اليراعات ومخلوقات أعماق البحار، تُدصر الخلايا الموجودة في أعيننا الفوتونات الحيوية، أو الجزيئات الضوية المنتجة بيولوجيًا.
قال إستفان بوكون، عالم الأعصاب المجري الذي يعمل في معهد أبحاث الرؤية في لويل، ماساتشوستس: “إننا نرى الضوء الحيوي داخل أعيننا بنفس الطريقة التي نرى بها الفوتونات من الضوء الخارجي”.
توجد الفوتونات الحيوية في عينيك لأن ذراتك تبعث باستمرار وتمتص جزيئات صغيرة من الضوء أو الفوتونات.
هذا التبادل الفوتوني هو مجرد جزء من الوظيفة الخلوية العادية. لا تستطيع عيناك التمييز بين الفوتونات من الضوء الخارجي والفوتونات الحيوية المنبعثة من ذراتك.
في كلتا الحالتين، يقوم العصب البصري ببساطة بنقل هذه الإشارات الضوئية إلى الدماغ، والذي يجب أن يقرر بعد ذلك ما إذا كان يمثل بدقة العالم الحقيقي من حولك، أو ما إذا كان مجرد فوسفين.
وأوضح بوكون: “عندما تفرك عينيك، فإن هذا يولد الفوتونات الحيوية في أجزاء كثيرة من العين، لكن يتم استيعابهم في الغالب محليًا”.
داخل شبكية العين، تقوم ملايين الخلايا الدقيقة التي تسمى العصي والمخاريط بجمع الضوء وتحويله إلى إشارات كهربائية.
تنتقل هذه الإشارات عبر العصب البصري إلى جزء من الدماغ يسمى القشرة البصرية. هنا، يعيد الدماغ بناء صورة باستخدام المعلومات الواردة من العين.
عندما تبدو الصورة التي أعيد بناؤها وكأنها غير حقيقية، يسارع الدماغ إلى تسمية الصورة بأنها غير حقيقية أو فوسفين.
لكن هذه المعلومات لا تأتي دائمًا من شبكية عينك. وفقًا لبوكون، يمكن أن ينشأ الفوسفين في أجزاء أخرى مختلفة من النظام البصري أيضًا.
لماذا يتّخذ الفوسفين ألوانًا عديدة؟
اعتمادًا على مكان نشوء الفوسفين، يمكن أن يتخذ مجموعة متنوعة من الأشكال والأنماط والألوان.
تطلق الذرات والجزيئات المختلفة فوتونات ذات أطوال موجية مختلفة، وهذا هو السبب في أننا نرى ألوانًا مختلفة.
قد يكون الفوسفين ذو النمط الهندسي المنظم مثل رقعة الشطرنج قد نشأ في قسم من شبكية العين حيث يتم ترتيب ملايين الخلايا التي تجمع الضوء في نمط منظم مماثل.
وجد الباحثون أيضًا أن مناطق مختلفة من القشرة البصرية للدماغ تخلق أشكالًا معينة معينة من الفوسفين.
في الخمسينيات من القرن الماضي، توصل الباحث الألماني ماكس نول في جامعة Technische Universität في ميونيخ إلى مخطط تصنيف لأشكال الفوسفين.
درس نول الفوسفين في أكثر من ألف متطوع وتوصل إلى 15 فئة، بما في ذلك المثلثات والنجوم واللوالب والبقع والنقط غير المتبلورة.
واكتشف أنه من خلال حث مناطق مختلفة من القشرة البصرية بجهاز قطب كهربائي، كان قادرًا باستمرار على تحفيز نفس أنواع الفوسفين.
هل يرى الجميع الفوسفين والألوان الزاهية في العين؟
الأشخاص الوحيدون الذين لا يرون الفوسفين أبدًا هم الأشخاص الذين فقدوا البصر منذ ولادتهم. لكن الأشخاص الذين يفقدون بصرهم بسبب الأمراض أو الإصابات عادة لا يفقدون جميع الوظائف البصرية.
نظرًا لأن الفوسفين يمكن أن ينشأ في أجزاء مختلفة من النظام البصري، “نظريًا، يمكن لجميع المكفوفين الذين كانوا يرون سابقًا الاحتفاظ بالقدرة على رؤية الفوسفين”، أوضح بوكون.
كان الباحثون يدرسون أيضًا طرقًا لتحفيز الفوسفين لدى المرضى المكفوفين لمحاولة اكتشاف طريقة لاستعادة قدرتهم على الإبصار.
إذا تمكن العلماء من استخدام التكنولوجيا لجعل المكفوفين يرون الفوسفين، فربما يمكنهم استخدام تقنية مماثلة لجعلهم يرون صورًا حقيقية.
لذلك في المرة القادمة التي تنكمش فيها في سريك، أغمض عينيك واستمتع بالفوسفين. الآن بعد أن أصبح بإمكانك تقدير التأثيرات المرئية بطريقة جديدة تمامًا، يمكنك الاسترخاء والاستمتاع بالعرض!
اقرأ أيضًا:
لماذا تظهر فقاعات الصابون ملونة أحيانًا؟
لماذا نشعر بالراحة بعد البكاء ؟
لماذا في بعض الأحيان نرى القمر في النهار؟