“سمكة الرأي، والشبح، ومغدقة، والأبواء، والبيضاء، هُدى، وعاصفة الحزم.. وغيرها” من التسميات التي أطلقتها لجنة تسمية المناخات في السعودية ، والتي تميزت هذا العام بقوتها في أحوال الطقس في ظاهرة عدتها بالصحية والعلمية تسر كل مهتم بتنمية المعرفة في العلوم التجريبية التي يكمن فيها التفكر والتدبر. لكن كيف جاءت هذه التسميات ومن يبتكرها، ولماذا؟
كيف تحصل الحالات المناخية في السعودية على أسمائها؟
تحدثت “العربية.نت” مع الدكتور عبدالله المسند، أستاذ المناخ المشارك بقسم الجغرافيا في جامعة القصيم، ورئيس لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة في السعودية، موضحاً أن السبب في تأسيس اللجنة يعود إلى تسهيل العمل مع الحالات المناخية المميزة كتابة ووصفاً وتحليلاً وأرشفة للمختصين والباحثين والإعلاميين، وحتى الجهات الحكومية كالدفاع المدني والتعليم والصحة والمرور.
وأشار المسند إلى أن فكرة تسمية الحالات المناخية المميزة طبقتها جزئياً عبر جوال كون الذي أُشرِف عليه، وذلك في موسم 2009، حيث سميت الحالة آنذاك “الخير 29″، ثم بعد ذلك عزمت على تأسيس لجنة تضم نخبة من المختصين والهواة في هذا المجال تُعنى بتتبع حالات عدم الاستقرار القوية بهدف تسميتها.
وقال المسند: “وعليه قمت بعرض الفكرة على بعض المنتديات والمواقع المعنية بمتابعة أحوال الطقس والمناخ، وذلك عام 2011، حيث عبر الزملاء عن نيتهم بقبول المقترح، وهذا التأييد دفعني إلى تنظيم اجتماع لمناقشة الفكرة، وبحث الآلية العلمية لتطبيقها في الواقع ونشرها بين المهتمين”. وأضاف: “عُقد اجتماع في مخيم الضيافة التابع لبلدية محافظة عنيزة يوم الجمعة 14 يناير 2011، ضم عدداً من المهتمين بهذا الشأن”.
ونوه المسند إلى أن الهدف من تسمية المناخات ليست ترفاً فكرياً، أو عبثاً علمياً، بل هي حاجة عملية وعلمية ملحة، مستشهداً بمثال عملي يتمثل في: “الحالة القوية والمميزة التي ضربت المنطقة الغربية والشمال الغربي من المملكة نهاية ديسمبر لعام 2010”.
وقال: “لاحظوا أنني اضطررت لكتابة 14 كلمة حتى أصل إلى المقصود، بينما لو تم تسمية الحالة مسبقاً، باسم مختصر، على سبيل المثال، الشامخة أو مدين أو الرياض أو الحجاز أو الهجينة أو الرحمة أو الكسير.. إلخ، أليس هذا أسهل في التعبير والمراقبة والأرشفة التاريخية؟ على غرار سنة الدمنة، سنة الغرقة، سنة الهدام، وعلى غرار تسمية الأعاصير عالمياً؟ مضيفاً أن علماء المسلمين الأوائل سموا المواقع، والجبال، والوهاد، والنجاد، والجواد، والنبات، وحتى السماء أطلقوا عليها عشرات الأسماء للنجوم، والكواكب، وهذه خطوة عملية علمية أولية مهمة في الحراك العلمي.
ولفت المسند إلى أن الاسم المختصر للجنة تسمية الحالات المناخية المميزة بالمملكة العربية السعودية (لَتَحم)،Committee of Naming Distinguished Climate Cases Over Saudi Arabia، وأعضاؤها يمثلون الجهات المهتمة بالطقس والمناخ غير الرسمية.
مراحل الاختيار
حول كيفية تسمية الحالات المناخية، ذكر المسند أن اللجنة تستهدف بالتسمية الحالات المناخية المميزة سواء أكانت مطرية أو ثلجية أو غبارية، وذلك عبر متابعة مخرجات النماذج المناخية العددية بشكل يومي، وأحياناً تجري المتابعة أربع مرات في اليوم الواحد، فإذا ترجح لديهم قوة الحالة قبل أن تأتي أطلقت اللجنة الاسم قبل بداية الحالة، وقد يكون هناك اختلاف بين التوقعات والواقع، وذلك عندما يكون الواقع أقوى مما كان متوقعاً؛ عندئذ تطلق اللجنة التسمية أثناء الحالة، وربما بعد نهاية الحالة إذا كانت قصيرة المدى.
آلية العمل في اللجنة أثناء اختيار الاسم تمر بثلاث مراحل:
- عندما تقترب حالة مناخية، وتُشير النماذج المناخية كلها أو بعضها أنها قد تكون قوية، تجتمع اللجنة إلكترونياً وتناقش الوضع الجوي القادم، وتستفيد من خبراتها الميدانية في هذا المجال، ومن ثم يتم التصويت على تسمية الحالة من عدمها، ويؤخذ بصوت الأغلبية هذه المرحلة الأولى، وعندما تصوت الأغلبية على التسمية.
- يتم اقتراح الاسم من قِبل الأعضاء.
- يتم التصويت على الأسماء المقترحة، ويؤخذ بالاسم الذي يحظى بصوت الأكثرية.