بيانات صحفية

كيف تساهم مبادرات المعرفة في التغلب على تحديات التنمية

حملة أمة تقرأ .. أداة للتغيير الحضاري

كيف تساهم مبادرات المعرفة في التغلب على تحديات التنمية

حملة أمة تقرأ

تقول حكمة صينية : إذا أردت الاستثمار لعام واحد فازرع الحنطة، وإن أردت الاستثمار لعشر سنوات فازرع شجرة، ولكن إن أردت الاستثمار مدى الحياة فازرع في الناس.

مبادرة “أمة تقرأ” التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، نقلت مبادرات محمد بن راشد المعرفية من مهمة بناء مجتمع المعرفة المحلي، للمساهمة في بناء مجتمع معرفة عالمي، وذلك من خلال توفير ملايين الكتب التي تبرع بها المجتمع الإماراتي بكافة مكوناته وقطاعاته، لمن لا يملكون القدرة على اقتنائها أو من حالت الظروف دون أن تكون المعرفة أولوية من أولويات حياتهم.

والحقيقة، أن هذه المبادرات تنسجم تماماً مع الاجماع الدولي حول أهمية المعرفة في مواجهة تحديات التنمية في الألفية الثالثة، بل أن مبادرة “أمة تقرأ” جاءت بمثابة ترجمة لرغبات الخبراء والباحثين والمختصين في مجال العلاقة بين التنمية المعرفية من ناحية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى.

يقول الخبير الاقتصادي الكندي “كينيث جالبريت” : “ان التعليم والمعرفة يجب أن يشمل الشعب كله فالمدارس قبل المصانع والكتب قبل الآلات، لأن لا جدوى من رأس المال والصناعة والتكنولوجيا ما لم يتوافر رأس المال الإنمائي الأول وهو الإنسان القادر على الإفادة منها، فالعقل وتنميته وتعليمه يفوق كل تنمية لمورد مادي والتعليم الإبداعي هو الأساس في التنمية”.

وتتجلى أهمية هذه الكلمات في ظل ظهور الشكل الاقتصادي الحديث، أي اقتصاد المعرفة، وهو اقتصاد يقوم بالكامل على امتلاك الحدود الدنيا من المعلومات حول آليات الانتاج من ناحية وحول طبيعة الاسواق العالمية واحتياجاتها من ناحية ثانية.
لكن هذه الرغبة الملحة في الارتقاء بمستوى المعرفة لدى الشعوب الأقل حظاً بسبب جملة العوامل التي تضافرت لتضعها في محيط من الظروف المجافية، تواجه العديد من التحديات، وفي مقدمتها الحالة الأمنية لشعوب المنطقة.

لكن وكما هو واضح فإن القائمين على حملة “أمة تقرأ” استفادوا من التجربة التاريخية التي مرت بها العديد من شعوب العالم في تعاملها مع المعرفة تحت ظروف مماثلة. وفي هذا السياق يقول سعادة طارق القرق، الرئيس التنفيذي لدبي العطاء، أحد شركاء الحملة: ” عندما تتوفر الإرادة النابعة من إدراكنا لأهمية العمل الذي نقوم به، فلا شيء مستحيل، هكذا تعلمنا في مدرسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. والتاريخ يقدم لنا الكثير من الدلالات على إمكانية توفير المعرفة للأطفال والشباب تحت كافة الظروف، فالفيتناميون على سبيل المثال، وفي وسط المعارك، افتتحوا مدارس للتعليم والتثقيف في خنادق تحت الأرض، لقد أدركوا أن كل شيء شيء ستدمره الحرب يمكن بناؤه بالمعرفة، لأن المعرفة رأس مال يستحيل تدميره”.

وبالعودة للتاريخ أيضاً، نجد أن هناك محطتين نوعيتين، شكلتا إنطلاقة للعهد المعاصر تمثلت كل منهما بالمعرفة والثقافة، وهما الثورة الثقافية في أوروبا في القرن الثامن عشر، والتي أنتجت الثورة الصناعية والشكل الانتاجي الحديث للقارة الأوروبية، والثورة الثقافية الصينية، في القرن العشرين، والتي أسست لواقع العملاق الاقتصادي الصيني، ومن البداهة القول أن كافة النتائج الاقتصادية والتنمية التي نتعامل معها اليوم في سياق العلاقة مع أوروبا وآسيا هي من إرث هاتين الثورتين.

المسؤولية الاجتماعية للشركات:

وفقا للمؤرخ الأمريكي روبرت برينر، فإن مساهمة الشركات والمؤسسات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص، في دعم مسيرة المعرفة، هي بمثابة إسهام مباشر في بناء اقتصاد مستدام.
فأحد التحديات التي تواجه الشركات اليوم في ظل تداعيات الأزمة المالية الأخيرة، هي إيجاد سبيل لتحقيق تنمية بشرية تتمثل بإعادة انتاج ثورة ثقافية ومعرفية على غرار الثورة في أوروبا. وهنا تتجلى المسؤولية الاجتماعية للشركات وفق “برينر” بأن تساهم في نشر المعرفة سواء من خلال دعم المؤسسة الأكاديمية أو من خلال المساهمة في حملات مكافحة الأمية في دول العالم الثالث.

محاربة الأمية والجهل أولى من محاربة الجهلة والفقراء.

يتفق كافة علماء الاجتماع، حول توصيف عامل أساسي ساهم إلى حد كبير في صناعة التطرف والإرهاب العالمي، وهذا العامل هو مزيج ما بين الفقر والجهل، إذ يشكل هذا الثنائي، بيئة مؤاتية لنمو ثقافة التعصب والتطرف وبالتالي الإرهاب. إن الإنسان غير قادر على قراءة واقعه بعلمية وإيجابية إذا لم يمتلك منهجاً معرفياً إنسانياً يستطيع بواسطته تحليل هذا الواقع وتحديد سبل التفوق عليه، فيقع تحت سيطرته السوداوية المبهمة ويعلن العداء لكل ما هو مختلف عنه، أما المعرفة فهي السبيل للارتقاء وللتفوق على كافة النزعات السلبية.

يقول محمد عبدالله الزرعوني مدير هيئة الهلال الأحمر الاماراتي فرع دبي” إن محاربة الجهل والفقر، أولى ألف مرة من محاربة الجهلة والفقراء عندما يصبحون بسبب إهمالهم واستثنائهم أدوات لتخريب و تدمير الإنسانية في كافة أرجاء العالم، و منذ تأسيسها فإن هيئة الهلال الأحمر أعطت و قدمت برامج و مشاريع إنسانية متخصصة لتربية الطفولة الناشئة و الجيل القادم على المبادئ الإنسانية العالمية و التسامح و الخير و المحبة لجميع شعوب الأرض و استحدثت فرق الهلال الطلابي الذين يمثلون النواة الأساسية لزرع مبادئ التطوع و العمل الإنساني في كل مدراس و جامعات الدولة . لذا نحن ننظر لمساهمة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في تنفيذ حملة “أمة تقرأ” بمثابة القضاء على كافة العوامل السلبية في مهدها، والقضاء على مسببات الجهل والتطرف، وسعي حثيث لبناء إنسان ملتزم بمسؤوليته تجاه محيطه، وهذه المهمة تقع على عاتقنا نحن وعلى كافة مؤسسات العمل الإنساني في العالم قبل أن تكون مسؤولية من وضعتهم الظروف عرضة لثقافات التعصب ومعاداة الغير”.

في ظل قراءة سريعة للأحداث ونتائجها السلبية، فإن مبادرات محمد بن راشد وفي مقدمتها المبادرات التنموية والمعرفية تؤسس بلا ريب لحراك عالمي فاعل في مواجهة جبهة أخرى تشكلها الأزمات. لكن الفرق بين الجبتهين يتمثل في نوعية التوجه ونوعية السلاح المستخدم. فالمبادرات تستخدم سلاح المعرفة في مواجهة الجهل، النور ضد الظلام، البناء ضد الهدم مما يجعلها توجهاً منسجماً مع المسار التاريخي لتطور الأمم، ومعبراً عن الحاجة الماسة للشعوب بألأمن والسلام والتقدم، وهذه هي مقومات انتصار الإرادات كما برهن عليها التاريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى