بين الحب والخيانة والعادات الاجتماعية:
الحلقات الأخيرة من مسلسل “طائر الحب” على شاشة تلفزيون دبي
نهاية غير متوقعة ورومانسية أسرت قلوب المشاهدين
دبي: 13 مارس 2017 ـ نجاح جماهيري كبير حققه مسلسل “طائر الحب” على شاشة تلفزيون دبي، بعد أن حصد معدلات نسب متابعة عالية، وحاز على إعجاب الملايين على امتداد الوطن العربي وتفوّق على منافسيه من الأعمال المدبلجة حتى بات موعد انتظاره يومياً لترقّب مجريات قصته منذ الحلقة الأولى إلى حلقاته الأخيرة.
وقد حصد “طائر الحب” هذا النجاح الجماهيري القياسي، نظراً لحبكته المشوّقة وانسيابية أحداثه وقصته الكلاسيكية الرومانسية المقتبسة من الرواية التركية الشهيرة “النمنمة” الصادرة في العام 1922، كذلك نَزْعته المتمردة أحياناً على العادات والتقاليد السائدة آنذاك في القرن الماضي، أواخر سنوات الحكم العثماني، بالإضافة إلى العوامل الفنية والبُنية الإخراجية والموسيقى التصويرية التي نقلت المُشاهد بحرفية ومهارة إلى تفاصيل تلك الفترة الزمنية، فتماهى الجمهور مع مجريات الأحداث وعايش التسلسل السردي بحماس، وكأنما نقَله سحر المسلسل إلى قلب الشاشة يُساند أدوار البطولة، ويتأسف لانكسارات المواقف والأدوار ويرسم الابتسامات للفرح المنساب عبر الأحداث والشخصيات.
ـ أجراس القلوب ـ
تعلّق المشاهد العربي ببطلة المسلسل فريدة أو “العصفورة” فغرد معها في فضاء الأمل، وتعقّب مشوار حياتها القاسي منذ أولى سنوات طفولتها حين غفت جنب والدتها للمرة الأخيرة قبل أن يسلبها الموت الحنان على غفلة ويعود ليسرق منها والدها العسكري على جبهة القتال، فكبرت يحاصرها شبح الموت والفراق، حيث عانت اليتم والوحدة الباردة في المدرسة الداخلية حين أودعها زوج خالتها لتتلقى أرقى مستوى تعليم وتربية، فكانت الطفلة المشاغبة، العنيدة، كثيرة الحركة والمقالب إنما المحبوبة من زميلاتها والجميع، وقد صادقت الأشجار ونجوم السماء مقتنعة أن والديها ينظران إليها.
لم يعوّض اهتمام خالتها بها النقص الذي تآكلها، وتسالي العطل المدرسية التي كانت تقضيها في قصر خالتها، لم تنسِها قسوة الدهر على طفولتها، كانت شقاوة كامل ابن خالتها جاذبها الوحيد، فترعرعت على فكرة وسامته الى أن وقعت في شباكه حبيبةً لروحه وعقله فسار المُشاهد على وقع مشوار حبهما، حين تعثّر بعد فضح خيانته لها مع ناريمان -حائكة المكائد-التي لم يجفّ شرّها إلى المشهد الأخير. وحين التهب الثنائي في العشق، وكتابة الشعر، ورحلات الكوخ الجبلي والتضحية بالذات مراراً من أجل إنقاذ كامل من السجن ومن حيل صديقه سليم الذي حاول الإيقاع بينهما، وثم حاول التلاعب بمشاعر نجيبة شقيقة كامل للاستيلاء على أموالها وانتهى به الأمر صريعاً.
الكلّ شهدَ على شرائر ناريمان ومحاولاتها اليائسة للإيقاع بكامل، وعلى شهامة سيف الدين بيك زوج خالة فريدة الرجل النبيل، الصورة المثالية لرب الأسرة الذي واجه تحديات المجتمع بأسره حفاظاً على ترابط عائلته وإن اعترضته أعين وألسنة الشامتين من جراء مشاكل وفضائح عائلته فبقي جباراً. والكلّ راقب حقد زينة خانوم المشتعل والمتلهّف للحظة انتقام، وطموح يوسف “العربجي” الذي كاد أن يدمّر حياته ليتسلق سلّم الثراء ويقطف زهرة هوسه فريدة من حبيبها ولكن تبدّلت مشاعره حينما التقى مرجان قريبتها فسعيا معاً لتقريب المسافات بين كامل وفريدة بوفاء أبكى المشاهدين، وفي رحلة السعي إلى جمع كسرات حب، رنّت أجراس قلبيهما وتزوجا.
، نهاية غير متوقعة ـ
رافق المشاهدون النزاعات العقيمة بين كامل وفريدة والعثرات التي عصفت بعلاقة طاهرة المشاعر، صادقة، شفافة في رقّتها كموسيقى الدموع التي ذرفتها فريدة على حبها التائه في مهبات القدر، فما أن أوشكت على الخطوبة حتى انهمرت عواصف المشاكل وافترقا، ليعودا أكثر حباً من الأمس، وما أن تخرّجت وانحسرت غيوم الهموم والشكوك واعتقدت أن الربيع قد أزهر أخيراً بعد كل عواصف الشتاء وأوشكت على الزواج، حتى فرّت وتناثرت لؤلؤات فستان زفافها.
تسمرّت عيون المشاهدين عند أحداث الحلقة الأخيرة، الجمهور يترقّب نهاية المصير ويهتف لقصة حب تستحق التصفيق. إنما علَت دراماتيكية الأحداث على صوت الزغاريد، إثر صدمة العروس فريدة في ثوان ما قبل الاحتفال، فانهزمت غبطتها أمام خيانةٍ أخرى، خذلها قمر قلبها كامل من جديد، بعد دروب المعاناة العسيرة ومخاض المشاعر والصراعات هذه المرة لم تستسلم لرنين قلبها وعلى عتاب قرار الاقتران الأبدي، خلعت ثوب عرسها وأخفت وجهها عن المحتفلين واستدارت نحو النسيان، تلملم آلام حب حفر جراحات عميقة على مر الأعوام، لطالما طببتها بيديها وتعالت على وجعها، وسامحت إلا هذه المرة… ذرفت رسالة من دموع، ودّعت كامل أمير أحلامها في سطور بعبارة وحيدة: “الحياة مصممة على التفرقة بيننا، حُلمنا سراب”، ورحلت إلى تقصّي المجهول، وأضحى كامل كرحّالة مكسور يلاحق ظلال آثارها يحلم لو حب حياته، وعطر أيامه يعود من جديد.