هل لاحظت قبل ذلك أنك تستطيع حل مجموعة من المسائل المعقدة أو أن الأفكار المميزة تأتيك خلال الاستحمام؟ في الحقيقة، هذا لا يحدث معك فقط، بل مع شريحة كبيرة من الناس!
لماذا تأتينا أفضل الأفكار في الحمام؟
أظهرت الأبحاث أن تلك الأفكار الاستثنائية تأتي خلال تأدية بعض الأنشطة الرتيبة، مثل: القيادة لمدة طويلة، أو المشي لفترة قصيرة، وغالبًا ما يحدث ذلك خلال الوقت الذي لا توجد به ورقة وقلم للتدوين. وقد تبيّن أن الاندماج بلا هدف في نشاط يعد حافزًا كبيرًا للارتباط به بشكل أكبر، لكن وجود ورقة وقلم قد يعرقل تلك الجهود. يرجع السبب إلى أننا نتحرر من التفكير الواعي، ما يؤدي لإراحة الفص الجبهي، مركز القيادة في الدماغ.
وهنا ينتقل الدماغ إلى ما يُسمى بـ شبكة الوضع الافتراضي وهي المنطقة الدماغية التي تبقى نشطة في حال عدم القيام بمهمة، وهنا يمكنك أن تأتي ببعض الأفكار الإبداعية الجديدة، والتي قد يهملها العقل الواعي في وضعه الطبيعي. هذا هو السبب الذي يؤدي لاختلاف نوعية الأفكار التي تأتينا خلال الاستحمام عن تلك التي تتبادر إلى أذهاننا في مكتب العمل.
بين التفكير الجاد والتشتت، من أفضل؟
التفكير الجاد في مشكلة ما يعطّل نشاط شبكة الوضع الافتراضي، ويزيد من عمل قشرة الفص الجبهي، هذا ليس سيئًا، فهو يساعدك على التركيز بما تفكر به، لكن من شأنه أن يقلل من مستوى الإبداع، لأنك تركز على مهمة واحدة، فيعمل دماغك على فرض رقابة على بعض الحلول الإبداعية.
فتبيّن أن دماغك لا يكون نشطًا عند التركيز بمهمة واحدة فقط. حيث وجدت دراسة لجامعة هارفارد بأن أكثر الأشخاص المبدعين يتشاركون في سمة واحدة، التشتت بسهولة، وهو الجمال الكامن في الحمام الدافئ. فتشتت تركيزك بعض الشيء، يجعل دماغك يفكر بطريقة مختلفة، كما ينشّط شبكة الوضع الافتراضي.
لماذا الحمام فقط؟
الحمام مكان آمن ومغلق وصغير، وأنت تشعر بالراحة الكافية داخله، وهو فرصتك لتتخلص من كل الضغوط التي واجهتها في الخارج. وحين تكون مسترخيًا يقوم دماغك بإفراز الدوبامين أو كما يُعرف هرمون السعادة واللذة، والذي يحفّز الإبداع. كما تنشط موجات ألفا في الدماغ، وهي ذات الموجات التي تظهر خلال التأمل أو وقت النزهات، تتشارك تلك الموجات مع شبكة الوضع الافتراضي ما يحفّز التفكير الإبداعي.
وبحسب مجلة “Thinking and Reasoning” فإن الاستحمام صباحًا هو وقت ذروة الإبداع، حيث تضعف رقابة الدماغ، وهو ما يمنعك عن حجب بعض الأفكار الغريبة أو الجديدة، والتي تشكّل فرصة للتفكير الإبداعي.
وخلاصة القول، أنك حين تكون مشتتًا أو متعبًا أو مسترخيًا، تتراجع قوة قشرة الفص الجبهي، ويتحول الدماغ لوضع الشبكة الافتراضي، ويزداد مستوى الدوبامين، وتنطلق موجات ألفا، ليكون الحمّام أفضل بيئة للفكرة المثالية!