قبل أن اكتب هذا المقال بسويعات كانت ذكرى استشهاد القائد الفلسطيني الشيح احمد ياسين تطوف برائحتها العطرة في كل مكان , فهو شهيد الفجر بصاروخ غادر استهدفه على كرسيه المتحرك وهو خارج من بيت الله ..
توقف الكثيرون على سيرته ومسيرته في الجهاد والنضال ضد المحتل وصبره وصموده وتأسيسه لحماس وقيادته لتيار المقاومة لسنوات وصبره وصموده على اختياراته التي كانت في الغالب لا تروق للقوى العالمية الكبرى ..
إلا أنني فضلت الخوض في قضية مهمة في شخصية هذه الإنسان الهادي الطبع
والمشلول الحركة والكبير في السن المبحوح الصوت والمليء بالأمراض , والملاحق بالطبع دائما وأبداً من الأجهزة الأمنية والمخابراتية ..
ولاهتمامي وشغفي بعلم القيادة توقفت أمام شخصية أحمد ياسين رحمه الله
لألتقط العبر واستدرج الأفكار وافهم القواعد والأصول وعنون لظواهر يجب علينا
من الناحية العلمية والعملية والحياتية أن نقف عندها كثيراً ..
قرأنا كثيراً عن قصص العظماء والناجحين والعباقرة والرموز ولعلي عندما أتأمل هؤلاء الذي تركوا بصمة كبيرة على جدار حياتنا المليء بالأعمال الملهمة والأثار الخالدة , هذه المعطيات الهامة في شخوصهم لم تكن صدفة بحسب بل معادلة كيميائية يستطيع كل واحد منا أن يطبقها على حياته وعمله ومشاريعه ومنهجه في الحياة .
حيث اجتمع هؤلاء القادة في مشتركات كثيرة جعلت منهم مؤثرين في المشهد وصانعين للتغير ومرتقين بكل من حولهم .
وهنا أقول أن القائد هو روح قبل أن يكون جسد وفكر قبل أن يكون حركة
ومشروع قبل ان يكون عمل وهم وهمة قبل أن يكون نتاج ومخرجات ..
انظر معي مثلاً لأحمد ياسين أو نلسون ماندلا أو عبدالرحمن السميط أو على عزت بيقوفيش
وكيف هي الظروف العكسية التي تكون ضد هؤلاء ومع هذا كله تتحقق الأحلام وتترجم الرسالات والرؤى ويتغير الواقع وتنفذ المشاريع وتتحسن الظروف وتسقط التحديات أمام سيل الصمود الجارف .
هذا كله رغم المعطيات الصعبة مثل الإعاقة أو السجن أو المرض أو الهرم أو ضعف الإمكانيات وصعوبات التواصل ومعوقات العمل وغياب التسهيلات !!
ومن هنا يخطر ببالي أن القيادة طاقة داخلية تتمثل في مخزون روحي ونفسي كبير يتحول إلى طاقة فكرية وعقلية ثم ينساب إلى الجوارح والأعضاء يترجم ذلك كله على الأرض على هيئة أعمال وانجازات ومشاريع وأفكار إبداعية وخلاقة , فعندما تعطب الروح أو تخور النفس يسقط الجسد فمنها المنطلق وإليها النهاية , وعندما يغيب العقل أو ينحرف التفكير فهو ظلال المنهج والتيه في الطريق .
وهنا يكون لشباب أوطننا وأمتنا نماذج تسير على خطاها في التحدي والصبر وقوة الإرادة ووضوح الرؤية واستقامة المنهج والإيمان بالله والأخذ بالأسباب والحسم بالقرار والإتقان في العمل .
فالنجاح منصة مفتوحة للجميع ولكن علينا أن ندفع مهره قبل أن نقترن به طوال الحياة
ماذا نتعلم من هذا النموذج القيادي ؟
1 / في نموذج أحمد ياسين رحمه الله نتعلم أن الإعاقة ليست إعاقة الحركة أو شلل الأطراف , الإعاقة هي حالة نفسية تفرز الضعف والخنوع والهزيمة فالفاشل
هو من ينسحب من الميدان قبل أن يدخله أصلاً , ويسقط السهم منه قبل أن يحدد الهدف
ويعلق الأحلام على الصدف والمعجزات فهو مكثر للتمنيات قليل للعمل والمبادرات .
نعم علينا أن نؤمن بعد التجربة أن بعض هؤلاء هم أصحاب قدرات خاصة وليسوا أصحاب احتياجات خاصة !!
2 / نتعلم مفهوم القيادة بالحب Leadership by love
فالقيادة ليست قسوة أو قمعاً أو استبدادً أو صوتاً مجلجلاً أو وجاهة اجتماعية أو دكتاتورية وفوقية كما يمارس البعض , بل هي فن وحكمة ودراية وتبصر وتواضع وقرب من الإنسان الذي أمامك
وتقدير لعقله واحتواء لمشاعره وتحفيز لطاقته وإبداعه ومساندة طموحاته وتطلعاته .
فتعلم كيف تجعل الأتباع يؤمنون بك ثم بالفكرة والمآلات التي سوف تصلون لها سوياً , وتعامل معهم بكل حب وإنسانية ورقي وانتظر أن يعطوك أفضل ما لديهم من الابداع والعمل والإخلاص
اقنع نفسك بأنهم شركاء وليسوا عمال أو موظفين أو إتباع فقط .
3 / القيادة ليست بسطة في الجسم أو قوة في العضلات
عندما نرى هذه الرجل من كرسيه يدير الملايين فإننا نتعلم أن القيادة ليست مظهر جسدي مفرغ من مضمون وليست قوة في العضلات تفتقر الى قوة في العقل والمنطق والاسلوب وليست شعار بلا قيم أو حياة بلا إيمان , فالجوهر غالباً على المظهر وهو انعكاس له كالقمر يعكس ضوء الشمس بكل تألق وصفاء .
وعليه اهتم بداخلك وأبني نفسك علمياً وسلوكيا ومهارياً وإيمانياً بقوة وسوف تكون قائداً رائد في مجالك ولا ريب تصنع التغير وتقود دفة التطوير والتعمير .
4 / القيادة حكمة ودراية وبصيرة
يعتقد البعض أن القيادة هي الإقدام من غير تراجع , والاندفاع من غير حساب للعواقب ,
والتنفيذ بلا تخطيط أو تنظيم أو رقابة أو تقدير للمصالح والمفاسد , بل هي لب السياسية التي تعلمنا انها فن الممكن
حيث تتقدم وتنقض كالصقر في حال الفرص , وتتحفظ كالحمائم في حال التحديات والمخاطر .
5 / القيادة رؤية مستقبلية وعمل رؤوب وصبر لا ينفذ
لا يوجد قائد لا يعرف إلى أين المسير وما هو المصير وما هي نقطة الوصول وماهي الأهداف المرحلية التي هي جزء من الأهداف الإستراتيجية , فالقائد الفذ هو من يجيب على الأسئلة المفتاحية الهامة (لماذا , كيف , واين , متى ) قبل خوض عمار التجارب والبداية في المشاريع والأعمال .
6 / القيادة مبادرة وإقدام
يخطئ البعض حينما يعتقد أن الفرص والخيارات هي وليدة الصدفة فقط , بل عليك أن تصنع فرصتك بنفسك ولا تعتقد أن بقائك بعيد عن المخاطر سوف يكسبك السلامة , فلابد أن تخوض عمار المخاطرة ولكن بشكل محسوب ومدروس .
ما هو حديث نفسك الآن ..
حدث نفسك وأنت تقرأ هذه العبارات بأن تكون عظيماً تقهر المستحيل ولا تعترف بالعجز الذي هو حاجز نفسي هلامي أنت من يحطمه , بادر ولا تنتظر , فالفرص تصنع ولا توهب فها أنت تعلمت أن القيادة ممكنة التعلم وانها متاحة من خلال التدريب والمران فرفع لواء الخير والعطاء في أسرتك وبلد وأمتك وكن قائداً لمن حولك
لخير الدنيا والاخرة , فالدال على الخير كفاعله فما أجمل أن تحرك الناس نحو الهدف الصحيح والمناسب فهنا يكون القائد الريادي والنموذجي الملهم .
تأصيل
القيادة فن نستطيع أن نتعلمه ونتدرب عليه فها هو القائد الأول عليه الصلاة والسلام يقول لنا
” إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم “
بصمة قلم
القيادة ليست كرسي وثير أو عرشً فاره أو قصر عامر, القيادة أن تعشقك الجماهير حيث أخلصت لها
وأنت شيخ عاجز منهك , نعم لقد حولت الكرسي المتحرك إلى عرش متحرك
“محبرة الحكيم”
عندما تجد رجلاً قاد الملايين من كرسيه وحسب العالم لحركاته وسكناته الف حساب رغم إعاقته وهرمه ومرضه , فصرخ في الفضاء الواسع أن الإعاقة ليست جسداً بل هي فكر مريض وروح مستسلمة وعقل خاوي , ثم تقدم للميدان
فكلنا بانتظارك ..
سلطان بن عبدالرحمن العثيم
* مستشار ومدرب معتمد في التنمية البشرية والتطوير CCT
باحث في الفكر الإسلامي والسيرة النبوية الشريفة
ايميلي
مدونة نحو القمة
أسعد بقربي من عالمكم الجميل عبر
أذكر وفاته قبل حوالي 8 سنوات هذا الرجل الذي أفنى حياته في مقاومة اليهود ونال الشهادة وهوا مقعد والان العالم الإسلامي للأسف يعج بأطوال البغال وقلوب العصافير
رحم الله الشيخ احمد ياسين شكراًلكم بارك الله بكم جزاكم الله كل خير