كل منا يحمل في مخيلته حلما يتصور به واقعه ، وعندما بدأ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث ، كان حلماينتظره الكثيرون من الشباب والشابات ، ووضعه كل منهم في بؤرة اهتمامه الذي سيحقق من خلاله الطموح ، ليتجاوز واقعه الذي رآه قد تعثر بكثير من أمثاله في عدم التحاقهم بأي وظيفة يستطيع من خلالها بناء حياته بشكل أفضل .
سافر وعاش الغربة وارتوى قسوة الصدمة الحضارية ، ولكن طموحه وحلمه وشوقه لوطنه لم يفارقه ، قاوم كل المتاعب واستبسل في بناء ذاته لينهي كل ما كان يخطط له ويعود إلى وطنه ، متلهفا على احتضان ترابه ويرغب في المساهمة لبنائه ونقل تجارب الأمم الأخرى إليه .
هذا الحلم الممزوج بالطموح والتوثب أصطدم بأزلية العائق لدينا ، لم يكن هناك أي تخطيط ورؤية واضحة لاستيعاب هؤلاء الشباب ، كأن السوق لم يدخل ضمن مدخلات ومخرجات الابتعاث ، تماما كما هو الحال في التعليم لدينا بين المدخلات و المخرجات ، وإلا لما صدمنا بأن هناك ( 15 ألفا ) عائدون من الابتعاث لم يجدوا لهم موطئ قدم في خدمة وطنهم ، وربما كان التركيز في الابتعاث على الاكتفاء الذاتي لوزارات الدولة المختلفة .
أضف لذلك أن القائمين على البرنامج قد أعدوا التهيئة للمبتعث حتى يعي أنظمة الدولة الأخرى ، ولكنه لم يضع في رؤيته ماذا بعد عودته ؟
مسؤولية من ؟ وما مقدار الشراكة مع القطاع الخاص ؟
حيث أن الشركات الكبيرة الرافدة للوطن كأمثال ( سابك – أرامكو ) لديها برنامج ابتعاث خاص – ينتهي بالأمان الوظيفي والمتابعة في الإنجاز – وكأن الأمر لدينا فيه اختلاط في الرؤية لهذا البرنامج بين القطاعين العام والخاص .
خادم الحرمين الشريفين يسعى ليرى أبناءه وقد عادوا لبناء وطنهم ، وقدموا له الشكر بالأفعال في تقدمه وازدهاره .
البرنامج في مجمله يسعى لتغيير نمط التفكير ، والامتزاج بثقافات أخرى لنقلها إلى الوطن ، ولكن إن لم يجد هذا المبتعث العائد من وعثاء الغربة وكدر الوقت الذي قضاه في بناء حلمه ، فهو سيتحول إلى ناقم لا محالة سواء من نفسه أو وطنه الذي لم يستطع أن يحتضنه و يساهم في تقدمه.
نافذة ضوء :
أهم شيء هو أن لا تتوقف عن التساؤل
البرت اينشتاين
خالد بن محمد الأسمري
مدرب ومستشار أسري/ مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني
تويتر