سلسلة أفكار مرئية مترجمة **
الجزء الثالث – من أين تأتي الأفكار المميزة؟
ستيف جونسن
على مدى السنوات الخمس المنصرمة
كنت أبحث عن الإجابة
للتساؤل : من أين تأتي الافكار المميزة
إنها مشكلة يحاول الجميع فك لغزها
فجميعنا يحاول أن يغدو أكثر إبداعاً
جميعناً يريد أن يخرج بأفكار أفضل
ونريد لمنظماتنا أن تبدو مبتكرة أكثر
لقد نظرت الى هذه المشكلة من منظور بيئي
عن طريق النظر الى المحيطات التي دفعت
لتكوين الافكار والابتكارات المميزة
وما وجدته في كل الانظمة المبدعة
انه هناك تشابه في نمط تشكيل الفكرة المميزة
يتكرر على الدوام و هو نمط محوري لتكوين بيئة
خصبة للإبداع و الفكر
أحد الانماط أدعوها
الحدس البطيء
ان الافكار المميزة لا تكون عادة لحظية
ناتجة عن لحظة صفاء ذهني أو إبداع مفاجىء
فأكثر الافكار المهمة تطلبت الكثير من الوقت
لكي تنمو وتتطور داخل عقلنا
إن الافكار الناجحة و المميزة بصورة ما
عادة ما تستهلك من عام إلى عامين
وفي بعض الاحيان تحتاج اكثر من 20 عام لكي تصبح كذلك
وهذا بصورة جزئية سببه أن الافكار المميزة
تكون عبارة عن تجمع من الافكار الصغيرة
والتي تتجمع مع الحدس لتكون فكرة كبيرة مميزة
ونرى عبر التاريخ الكثير من الامثلة عن وجود اشخاص
استطاعوا فقط ان يلموا بنصف فكرة مميزة و بالتعاون مع أخرين
وصلوا الى الفكرة المميزة الأم
هناك قصة مميزة عن مخترع الانترنت
تيم بيرنيس لي
فمشروع الانترنت هو مشروع عمل عليه تيم لمدة عشرة سنوات
ولكن عندما بدأ لم يكن لديه تصور تام وكامل
عن تلك الشبكة الذي يريد ان يخترع
فقد بدأ العمل على مشروع رديف بالتوازي مع مشروعه
لأجل ترتيب معلوماته
و من ثم أهمل ذلك وبدأ بالعمل على مشروع آخر
وبعد عشرة سنوات استطاع أن يصل الى التصور
الكامل لمفهوم الانترنت العالمي
عن طريق تجميع كل افكاره الرديفة ليكون الفكرة الرئيسية
وهكذا عادة ما يحصل مع الافكار المميزة
فهي تحتاج وقتاً طويلاً لكي تنضج
ومعظم هذا الوقت يستهلك في حيز ” الحدس ”
والامر الآخر المهم حينما تفكر بالافكار من هذا المنظور
هو ان الافكار عندما تتشكل في حيز الحدس
يتوجب عليها أن تتواصل مع الافكار الحدسية الآخرى
فيحدث احيانا ان الافكار التي تجول في حيز الحدس
لا تخرج الى الواقع الملموس الا عندما تتواصل
مع فكرة حدسية أخرى لدى شخص آخر
فيتجوب عليك أن تفكر بطريقة
لكي تصنع محيط أو بيئة أو نظام يسمح
لكل تلك الافكار الحدسية بالتواصل و التجمع لتكوين
فكرة عظيمة كبيرة
وهذا ما كانت تفعله الدواوين في عصر التنوير
او المعارض الفنية في عصر الحداثة
فهي محرك عظيم للإبتكار
لانها تشكل محيطاً يمكن فيه للأفكار أن تتجمع و تتناقل فيما بين أصحابها
فتشكل أنماطاً جديدة
عندما تنظر الى مشكلة الابتكار من هذا المنظور
فسوف تصل الى النقطة التي نتحاور فيها نحن كمجتمع
مؤخراً بصورة كثيرة و هي عن ما هية تأثير
الانترنت على أدمغتنا
هل بتنا مغمورين بالكثير من التواصل متعدد المهام المفروض علينا
وهل هذا سيؤدي الى صنع أفكار أقل تخصصاً
وهل هذا سيدفعنا بعيداً عن
مفهوم القراءة المتانية العميقة على سبيل المثال
كما يبدو جلياً أنا من الهواة الكبار للقراءة
ولكن يجب علينا أن نتذكر و ان نضع بعين الاعتبار
ان العامل الكبير
للاختراعات الكبيرة والعظمية و القفزات التكنولوجية
كان القدرة المتزايدة على التواصل
وقدرتنا على الوصول وتبادل الافكار والمعلومات مع الاخرين
وقدرتنا على استعارة الافكار الحدسية من الآخرين
وندمجها مع افكارنا الحدسية
لكي نحولها الى شيء و فكرة جديدة
وانا اعتقد ان هذا العامل اكثر من غيره
يعد المحرك الاساسي للابتكار على مدى السنوات ال600
او ال700 المنصرمة
حسناً الجواب على التساؤل السابق .. نعم
ان الانترنت الآن مشتت للفكر اكثر
ولكن ما حدث بصورة مبهرة و رائعة
في السنوات ال15 المنصرمة
هو نشوء وسائل جديدة و كثيرة للتواصل
والتحاور مع الكثير من الاشخاص الذين يملكون
القطعة الناقصة في فكرتنا المميزة والتي نحتاجها لكي نكون الصورة النهائية لأفكارنا
ناهيك عن وجود الكثير من محيطات المعلومات والتي
تساعدنا على بناء و اثبات افكارنا الجديدة والمميزة
وهذا درس مختصر واقعي عن منبت الافكار المميزة
و فائدة تواصل العقول في هذا العصر
عرض مبسط عن فحوى كتاب ستيف جونسن
للمشاهدة من هنا
** تُعنى هذه السلسلة بنشر سلسلة ملفات مرئية مترجمة متعلقة بمواضيع عدة تهدف لنشر الافكار بصورة سلسلة و يمكن تقبلها من الجميع
ترجمة : محمود أغيورلي
لمشاهدة الأجزاء السابقة من سلسلة أفكار مترجمة اضغط هنا
الجزء الأول – لا وجود للضوء الزهري
الجزء الثاني – كم تبعد الثانية
في مجتمعنا وبالاخص جامعاتنا البيئة غير مهيئة تماما لهذا النوع من الابتكار مقارنة بما شاهدناه في الجامعات الغربية القراءة حول الموضوع وجمع الافكار الطروحة حوله من اهم العوامل التي تساعد على صقل فكره جديدة شكرا على الترجمه والنقل الرائع