إن كُنت قد اختبرتَ من قبل ألم الأسنان، فأنت تعلم أنه يُصبح أسوأ ليلًا. في واقع الأمر، فإن أحد التساؤلات التي يطرحها طبيب الأسنان أو أخصائي الصحة عليك عند شكواك من ألم الأسنان هو: (هل يُبقيك مستيقظًا في الليل؟) حيث يستفسر المرضى كثيرًا عن السبب في ذلك.
يتكهّن بعض الناس أن السبب في ازدياد وجع الأسنان في الليل هو انشغالهم في ساعات النهار، ما يُلهيهم عن الألم ويُقلل من شعورهم به، في حين يشعرون به أكثر في الليل حيث يفرغون من الأعمال ويسترخي الجسد في محاولة منه للنوم.
قد تكون هذه النظرية صحيحة إلى حدٍ ما، لكن الحقيقة أن أسنانك تبدو أكثر سوءًا ليلًا لأن الألم بالفعل يزداد في الليل، حرفيًا وليس كتعبير مجازي. ولفهم ذلك بطريقة أفضل، يجب أن تفهم آلية عمل الهرمونات في جسد التي تُفاقهم من ألم الأسنان في الليل.
لماذا نشعر أن ألم الأسنان ازداد ليلًا؟
كما ذكرنا، فإن الهرمونات تعلب دورًا بارزًا في زيادة شعورنا بالوجع في الأسنان ليلًا. أهم هذه الهرمونات:
الكورتيزول
معظم الناس يعتقدون أن الكورتيزول هو هرمون التوتر. بالتأكيد يتم إطلاقه في حالات الضغط العالي، لكنه بالإضافة إلى ذلك يلعب دورًا في تنظيم مستويات الجلوكوز، والتمثيل الغذائي، وضغط الدم، كما أنه يساعد في تكوين الذاكرة، ويساعد في تقليل الالتهاب. هذه الوظيفة الأخيرة هي المهمة عندما نعاني من ألم في الأسنان.
الأدرينالين
هرمون آخر يلعب في هذا السيناريو هو الأدرينالين. من المعروف الأدرينالين يُفرَز في المواقف العصيبة لحث استجابة الكر والفر. الأدرينالين يوسع طرق الهواء لتوفير المزيد من الأوكسجين للعضلات، كما أنه يقيد الأوعية الدموية لإعادة توجيه تدفق الدم إلى مجموعات العضلات الكبيرة.
البروستاجلاندين
البروستاجلاندين هي مجموعة هرمونات مهمة تساعد في الحفاظ على التوازن والاستجابة الالتهابية، من بين مهام مهمة أخرى. تساهم البروستاجلاندين في ظهور علامات وأعراض الالتهاب الحاد. وتشمل الاحمرار والحرارة والتورم والألم. كما تُساهم هذه الهرمونات بتوسع الشرايين، وزيادة نفاذية الأوعية الدموية الدقيقة التي تساهم في زيادة تدفق الدم إلى الأنسجة الملتهبة مما يؤدي إلى تورمها. تتواصل البروستاجلاندين مباشرة مع الخلايا العصبية الحسية الطرفية وفي المواقع المركزية داخل الحبل الشوكي والدماغ مما يؤدي إلى الشعور بالألم.
الهيستامين
من المعروف أن الهيستامين يلعب دورًا رئيسيًا في الاستجابة الالتهابية. الهيستامين هو وسيط التهابي يكثف ويطيل الاستجابة الالتهابية. كما أنه مسؤول عن تنظيم التنشيط الدماغي في الجهاز العصبي الذي يؤدي إلى إنتاج السيتوكينات الالتهابية.
الميلاتونين
الميلاتونين هو الهرمون الأكثر ارتباطًا بدورة النوم. كما أنه مُعدِّل مناعي له خصائص مؤيدة ومضادة للالتهابات، وقد ثبت أنه يعزز مقاومة مسببات الأمراض. يقلل الميلاتونين من تدمير الأنسجة أثناء الاستجابة الالتهابية. وهناك أدلة غير مباشرة على أن الميلاتونين يمنع إنتاج جزيئات التصاق التي تعزز إلتصاق الكريات البيض بالخلايا البطانية. بهذه الطريقة يخفف الميلاتونين هجرة الخلايا البطانية، والتي تسهم في تلف الأنسجة.
مما سبق، يتبيّن أن هناك عددًا كبيرًا من الهرمونات تلعب دورها في عملية الاتهاب. وحيث أن ألم الأسنان يُمكن تعريفه كمصطلح طبي بأنه “التهاب حاد”، فإن جسمك يبدأ بالاستجابة المناعية عند التعرف على هذا الالتهاب. أول ما يحدث هو زيادة في إفراز البروستاجلاندين الذي يُحاول إزالة مسببات الأمراض.
عندما يحل الظلام، يفرز جسمنا الميلاتونين، ما يقلل من إنتاج الكورتيزول والأدرينالين. هذان الهرمونان هما المسؤولان عن إبقائنا مستيقظين خلال اليوم، لذا فإن انخفاض الإنتاج يعزز النوم. عندما يكون لديك التهاب حاد، مثل وجع الأسنان، فإن الميلاتونين يُساعد على تعزيز الشفاء ولكنه يوقف الهرمونات التي تقلل الالتهاب وتثبط الألم. مما يؤدي إلى زيادة الألم وفقدان النوم. وحيث أن الالتهاب يُحفز من إفراز هرمون الهيستامين، فإن الأخير يُقلل من إفراز الميلاتونين، ما يجعل النوم “يطير” من عينيك.
اقرأ أيضًا: