بالتأكيد فإن المُصطلحات مثل إعادة التكرير والطاقة الخضراء النظيفة اعتدنا على سماعها كثيرًا في الفترة الماضية، فإذا اقترانت كلمة “خضراء” مع أي شيء يُسهم في الحفاظ على البيئة، لكن اليوم نسمع عن شيء جديد، لكنه في الحقيقة ليس جديدًا تمامًا، وهو الحوسبة الخضراء.
حسنًا، يبدو أن التكنولوجيا أيضًا وصلت إلى مرحلة الحفاظ على البيئة أيضًا، لكن ما الذي يعنيه هذا المُصطلح، الذي بدأ يظهر على وسائل الإعلام في عام 1992.
ما هي الحوسبة الخضراء؟
الحوسبة الخضراء تعني التزام الشركات المُصنّعة للمنتجات التقنية ببعض الإجراءات والسياسات الصديقة للبيئة في تصنيع واستخدام الحواسيب والخوادم أو أي جهاز تقنيٍّ آخر، والتخلّص منها بطريقةٍ مناسبةٍ وصديقةٍ للبيئة.
وتركّز هذه الإجراءات بشكلٍ عامٍ على تخفيض نسبة الطاقة المستهلكة إضافةً لإيجاد طرقٍ مناسبةٍ للتخلّص من المعدّات بطرقٍ صديقةٍ للبيئة، فالنسبة الأكبر من تجهيزات الحواسيب والعتاد الصلب تحتوي على موادٍ سامّةٍ من الممكن أن تساهم في تلويث البيئة من حولنا إذا ما تم التخلّص منها بالطرق التقليدية، وإنّ أحد الحلول المقترحة لهذه المشكلة هي إزالةُ أجزاءٍ معيّنةٍ من هذه التجهيزات والمكوّنة من مواد مثل الألمنيوم والنحاس والحديد والبلاستيك، لإعادة استخدامها مرّةً أخرى في تجهيزاتٍ جديدةٍ.
وهنا يمكننا القول أن مفهوم الحوسبة الخضراء بدأ يتبلور بشكلٍ أوضح ويخرج لنا بصيغةٍ رسميةٍ، فهناك مشكلةٌ وهناك حلولٌ وإجراءاتٌ للحد من هذه المشكلة.
وبالحديث عن تاريخ الحوسبة الخضراء نجد بأنه ظهر في عام 1992 عندما بدأ برنامج Energy Star لأول مرّةٍ.
وكان ذلك على شكل ملصقاتٍ اختياريةٍ تُمنَح للمنتجات التقنية التي تنجح في تخفيض الطاقة المستهلكة، وزيادة الكفاءة في الاستخدام إلى الحد الأقصى، وقد وجدنا Energy Star تصل لجميع الأجهزة من حواسيبٍ وشاشات تلفاز وأجهزة تبريد وغيرها من الأجهزة الأخرى المشابهة.
بدأت نتائج هذه الحركة تظهر للعلن تدريجيًا، وأول النتائج كان وضع السكون Sleep Mode في الحواسيب والأجهزة الإلكترونية؛ والتي تؤدي إلى وضع الحاسوب بوضع الاستعداد أو الترقّب بعد مضي فترةٍ زمنيةٍ بهدف توفير الطاقة، وبدلًا من إطفاء الحاسب وإعادة تشعيله في كل مرةٍ.
ومنذ تلك اللحظة بدأ مفهوم الحوسبة الخضراء يتوسّع تدريجيًا ليشمل الكثير من الجوانب التي تهدف لاستخدام الحواسيب والأجهزة التقنية بكفاءةٍ عاليةٍ.
ظهرت أهميّة الاعتماد على الحوسبة الخضراء منذ أن تداول الناس في الماضي معلومات بيئيّة خطيرة حول نفاذ مواردنا الطبيعية المُهدّدة وثرواتنا غير المتجدّدة، وحينها أدركت الشركات التقنية أن عليها القيام بشيءٍ حيال هذه المشكلة والمساهمة في حماية البيئة، لذا تعتبر الحوسبة الخضراء كمساهمةٍ في حماية البيئة والحفاظ عليها آمنة ونظيفة.
النفايات التقنية تزداد يومًا بعد يوم وسنرى تأثيراتها السلبية على البيئة تدريجيًا؛ نتج عن تلف التجهيزات التقنية بسرعةٍ إلى وجود 70 بالمئة من النفايات الخطرة جدًا على البيئة والمكوّنة من المواد السامّة والنفايات الثقيلة والبلاستيك المقاوم، ومعظم هذه المواد والمخلّفات تتسرّب بسهولةٍ للمياه الجوفية، إضافةً لكل ما ذُكِر فالشركات المصنّعة للرقاقات تحتاج كمّياتٍ كبيرةً جدًا من الموارد لتصنيع منتجاتها.
للحوسبة الخضراء دورٌ هامٌ جدًا في المحافظة على البيئة، وخاصّةً أنّ حياتنا اليوم تتجه نحو تجهيزاتٍ أكثر وتكنولوجيا أحدث، ولكن للوهلة الأولى نتخيّل أنّ المساهمة في الحوسبة الخضراء يعتبر أمرًا في غاية التعقيد فكيف سيمكننا المساهمة في هذا النوع من الأشياء ونحن مجرّد مستخدمين عاديين؟
في الحقيقة الحوسبة الخضراء ليست حكرًا على الشركات الكبيرة وإنما الجميع يمكنه المساهمة وبخطواتٍ بسيطةٍ وربّما أبسط مما تتخيّل. فعلى سبيل المثال، استخدام الحاسب المحمول أفضل بيئيًا مقارنةً بالحاسب المكتبي الثابت لأسبابٍ عديدةٍ، منها القطع الصغيرة التي تحتاج طاقةً أقل، وهو خيار يتطلب من المستخدمين التوجه نحوه.
إضافة إلى إعادة التدوير الجيدة للأجهزة، وذلك من خلال عدم رميها في سلة المهملات، بل بيع القطع بشكل منفرد، أو إيصال الجهاز بالكامل إلى مراكز إعادة التدوير ليتخلصوا منه بطريقة صديقة للبيئة.