مرة أخرى، تتعرض للدغ بعوضة مزعجة وتُسبب لك تورمًا وحكة واحمرار موضعي، هذا عدا عن إمكانية نقل واحد من أمراض عديدة عبر هذه اللدغة، لكن المطَمْئِن أن مرض نقص المناعة المكتسبة، الإيدز، ليس واحدًا من تلك الأمراض! فعلى الرغم من قدرة البعوض على نقل أنواع كثيرة من الأمراض مثل حمى الضنك والحمى الصفراء والملاريا، إلا أنه غير قادر على نقل فيروس الإيدز، فما هو السبب؟
السبب باستبعاد نقل البعوض لفيروس نقص المناعة المكتسبة، الإيدز ..
استبعد العلماء إلى حد كبير إمكانية البعوض في نقل الفيروس المسبب لمرض الإيدز، فلم يسبق أن تم توثيق أي حالة مصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة بسبب حشرة ماصة للدماء. وعلى الرغم من عدم وجود أدلة على إمكانية نقل البعوضة للإيدز، إلا أن ذلك لا يعني دحض الفرضية تمامًا كما يقول العلماء. فالنظرية تفترض أن إمكانية وفرص نقل البعوض لفيروس الإيدز قليلة وضئيلة بحيث لا يتم نقاشها ضمن نقاشات التحديات الحقيقة ومسببات هذا الفيروس المميت.
مع ذلك، عندما بدأ العلماء الدراسات المختلفة عند ظهور فيروس الإيدز للمرة الأولى، كان التساؤل عن إمكانية قدرة الحشرات في نقل الفيروس. بعض التجارب والحالات في عام 1980s وجّهت إصبع الاتهام إلى البعوض في نقل المرض على الرغم من الشكوك القوية في إمكانية الحشرات ماصة الدماء على نقل المرض.
في عام 1987م، عقد مكتب now-defunct U.S للتقييم التكنولوجي ورشة عمل بشأن تهديد فيروس نقص المناعة المكتسبة من قبل بعض الحشرات مثل البعوض، البق، القراد، والصراصير، لاحتمالية انتقال الفيروس النادرة عبر هذه الحشرات. وذكر التقرير أنه يكاد يكون من المستحيل بالنسبة للحشرات أن تحمل وتنقل فيروس نقص المناعة المكتسبة.
وعلى الرغم من بعض التحقيقات التي جرت على مر السنين واستمرت في البحث عن اتصال بين فيروس الإيدز والحشرات كالبق والذباب، إلا أنه وفي عام 2006م، أصدر مركز جيش الولايات المتحدة لتعزيز الصحة والطب الوقائي تقريرًا نهائيًا يُبين أنه ما من سبب يدعو للقلق بشأن نقل البعوض عبر اللدغ لفيروس نقص المناعة المكتسبة.
طرق نقل البعوض للأمراض:
فقد عرض التقرير نوعين من الطرق التي تستعملها الحشرات الماصة للدماء في نقل الأمراض: طريقة بيولوجية، وطريقة آلية:
الطريقة البيولوجية:
الطريقة البيولوجية وهي كيف أن الملاريا يُصيب أكثر من مليار شخص سنويًا، حيث أن البعوض يعتمد على طفيل البلازموديوم كوسيط حامل للمرض ليستقر في المضيف البشري. إذ تقوم أنثى البعوضة بالتغذي على الدماء من أجل تغذية البيض حتى يفقس، وعند اللدغ، تعمل البعوضة على نقل جزء من لعابها إلى المضيف البشري والذي يحمل طفيل البلازموديوم. وعندما تلدغ بعوضة أخرى الشخص المصاب بالملاريا، فإن طفيليات البلازموديوم تنتقل عبر جسم البعوضة حيث تتكاثر وتنتقل إلى الغدد اللعابية لدى البعوضة حيث تُصيب مضيف آخر في اللدغة المقبلة.
وحيث أن سلوك الفيروسات في جسم الحشرات تختلف تمامًا عن سلوك الطفيليات، فالفيروس غير قادر على تتبع نفس مسار طفيل الملاريا، وبدلًا من التكاثر والتوجه إلى الغدد اللعابية، فإن الفيروسات يتم هضمها وتموت في معدة الحشرة.
الطريقة الميكانيكية (الآلية):
الطريقة الآلية لنقل الأمراض من قبل الحشرات تختلف عن البيولوجية. لنفترض أن البعوضة لدغت شخص ما وبقيت آثار دماء هذا الشخص عالقة على فم البعوضة، وعندما تلدغ البعوضة شخص آخر، فإن محتويات الدم العالقة على فمها تنتقل للضحية الثانية، بمعنى آخر، لو كانت الضحية الأولى تحمل فيروس نقص المناعة المكتسبة، فإن الفيروس سينتقل للضحية الثانية.
وحيث أن البعوضة تمتص فقط من الألف إلى المائة جزء من الملليمتر من دم الإنسان البالغ حجمه 5.5 لترًا، فإن احتمال ابتلاع فيروس الإيدز ضئيل للغاية بالنسبة لهذه الوجبة القليلة. ما يعني أن الدم المتبقي على فم البعوضة بعد لدغ ضحية مصابة بالإيدز غير مرجح أن يكون حامل لفيروس نقص المناعة المكتسبة.
اليوم، أصبح العلماء مدركين تمامًا لكيفية انتشار مرض نقص المناعة المكتسبة، والحشرات ليست واحدة من تلك الطرق المختلفة. ما يعني أن تعرضك للدغة بعوضة لن يكون سببًا في نقل هذا الفيروس بين الأمراض الأخرى.
اقرأ أيضًا: