يستخدم الدماغ البشري طاقة أكثر من أي عضو آخر في الجسم، ويُعتبر الجلوكوز مصدر الطاقة الوحيد والأساسي بالنسبة له. لكن ماذا يحدث إن تعرَّض الدماغ لكمية مفرطة من السكريات بالنسبة للنظام الغذائي القياسي؟ بالتأكيد لن يعود الأمر بالحُسنى مطلقًا!
ماذا سيحدث إن تلقَّى الدماغ كمية مفرطة من السكر؟
في الدماغ، فإن السكر الزائد يُضعف كلًا من المهارات المعرفية والتحكم الذاتي. بالنسبة للكثير من الناس، فإن تناول السكر يُحفزّ لديهم الرغبة في تناول المزيد، فالسكر له آثار جانبية تُشبه إلى حدٍ كبير آثار الإدمان على المخدرات بالنسبة لمركز المكافأة في الدماغ. وقد اقترح العلماء مسبقًا أن الأطعمة الحلوة – إلى جانب الأطعمة المالحة والدسمة – يُمكن أن تُحدث تأثيرات شبيهة بالإدمان في دماغ الإنسان، ما يؤدي إلى فقدان التحكم بالنفس، والإفراط في تناول الطعام، وما يتبعه من زيادة في الوزن.
تأثير المكافأة
في الأدمغة البشرية، تم إثبات أن الأطعمة ذات النسبة المرتفعة من السكريات تُنشّط مناطق في المخ مرتبطة بإثارة مشاعر الجوع مقارنةً مع أطعمة منخفضة التركيز من السكر. هذه الأطعمة سبّبت ارتفاعًا في نسبة جلوكوز الدم ما نتج عنه اندفاعًا أكبر للإدمان في المخ.
وكانت أبحاث سابقة نُشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية قد استخدمت مؤشر نسبة السكر في الدم GI، وهو مقياس لكيفية تحويل بعض الأطعمة إلى سكر في الدم، لاختبار هذه العملية، ووجدت أن تناول وجبة ذات مؤشر مرتفع من GI أثارت نشاطًا أكبر في مناطق الجوع والمكافأة والشغف في المخ.
Sugar Addiction “إدمان السكر”
قدّمت دراسة إضافية حول نشاط الدماغ أدلة تزعم أن فكرة الإفراط في تناول الطعام يُغيّر نظام المكافأة في عقولنا، والذي يؤدي إلى زيادة في الإفراط بتناول الطعام. ما يعني أنه ومع مرور الوقت فإن الحاجة للحصول على كميات أكبر من السكريات ستزداد للوصول إلى نفس مستوى المكافأة الذي اعتاد عليه الدماغ.
حتى أن دراسة نُشرت في مجلة PLoS One الطبية وجدت أن الأطعمة الحلوة يُمكن أن تُسبب إدمانًا أكثر من الكوكايين نفسه!
الذاكرة
السكر ضار على جميع أعضاء الجسم وليس فقط الدماغ. فتأثير السكر طويل الأمد على الدماغ يؤدي إلى تباطؤ الوظيفة الإدراكية والعجز في الذاكرة والانتباه. وتُشير بعض الأبحاث إلى أن استهلاك السكر المرتفع يُسبب التهابًا في الدماغ، ما يؤدي إلى مشاكل في الذاكرة، لكن الخبر السار أن هذا الضرر الناجم عن السكر على الذاكرة قد لا يكون دائمًا.
إذ يُمكن عكس تأثير السكريات على الذاكرة عبر اتباع نظام غذائي منخفض السكريات، ومنخفض في نسبة GI، بحسب دراسة نُشرت في مجلة Appetite سنة 2017. كما أن استهلاك مكملات غذائية مع أحماض أوميغا 3 الدهنية يُحسن من عمل الذاكرة.
المزاج
تُؤثر السكريات كذلك على المزاج. في سن الشباب، تتعرض القدرة على معالجة المشاعر للخطر عند ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم. وكانت دراسة ذكرت أن الأشخاص المُصابين بداء السكري النوع الثاني عانوا من زيادة في مشاعر القلق والحزن بسبب الارتفاع الحاد بنسبة جلوكوز الدم.
كما وجدت واحدة من أكبر الدراسات التي تربط بين السكر والاكتئاب، أن ارتفاع معدلات استهلاك السكريات مربتط بزياد حدوث الاكتئاب، وأن الأشخاص الذين لديهم مستوى أعلى من السكر كانوا أكثر عرضةً بنسبة 23% لتشخيص اضطراب عقلي أكثر من الذين لديهم نسبة سكريات أقل.
القدرات العقلية
ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم تضر بالأوعية الدموية كذلك. ويُعتبر تلف الأوعية الدموية السبب الرئيسي لمضاعفات الأوعية الدموية لمرضى السكري، ما يؤدي لتلف الأوعية الدموية في الدماغ والعينين المسببة لاعتلال الشبكية. وأشارت العديد من الدراسات أن التعرض المستمر لمستويات عالية من الجلوكوز يُقلل من القدرة العقلية على المدى الطويل.
مفتاح السلامة في الاعتدال
من خلال كل ما سبق، فإن الاعتدال في تناول السكريات والأطعمة الحلوة هو مفتاح الوقاية من كافة المخاطر أعلاه، والتي ما هي سوى غيضٌ من فيض بالنسبة لمخاطر ارتفاع نسبة السكريات في الدم. والاعتماد على مصادر طبيعية للحصول على السكريات أفضل من تناوله في السكاكر والحلويات التي تحتوي على سكر مكرر. بدلًا من ذلك، يُمكنك أن تحصل على الحلاوة من الفواكه التي تحتوي على ألياف ومضادات أكسدة ومواد كيميائية نباتية ذات تأثير إيجابي على الدماغ.
اقرأ أيضًا: