منذ القِدم، أثبتت العديد من وصفات الطب الشعبي قدرتها على علاج أمراض مستعصية عديدة، وأثبت الطب الحديث قدرة تلك الوصفات الشعبية على علاج الأمراض وقتل الجراثيم، واستخلصوا من تلك المواد العشبية المُستعملة مواد كيميائية ساعدت في تطوير الأدوية وزيادة فعاليتها. وكان من بين مكوّنات الطب الشعبي، عسل المانوكا الذي أثبت جدراته في علاج أمراض خطيرة، وتفوّقه على العديد من المضادات الحيوية الحديثة في إتمام هذه المهمة، حتى أن الأطباء يعتبرونه بمثابة وصفة علاجية لأمراض عديدة!
ما هو عسل المانوكا؟
عسل المانوكا هو أحد أفضل وأجود أنواع العسل الطبي في العالم، وعندما نقول طبي، فإن ذلك يعني أن التدواي به مطلوب في حالات معيّنة، واستخدامه تحت بعض الظروف قد يُسبب آثار جانبية لا يُحمد عقباها، مثل تأثيره السلبي الذي قد يصل إلى تلف الأذن الوسطى أو التأثير سلبًا على التئام الجروح، وذلك في بعض الحالات.
يُستخرج عسل المانوكا من خلايا النحل المتواجدة في جبال نيوزيلندا وأجزاء من أستراليا، حيث يتغذى النحل في تلك المناطق على رحيق أزهار “شجرة الشاي”، والتي تُعرف أيضًا باسم “شجيرة المانوكا”.
مميّزات عسل المانوكا
يُمكن أن تُميّز بسهولة بين عسل مانوكا والعسل التقليدي كون هذا النوع من العسل قاتم اللون. أما في خصائصه الكيميائية، فإن عسل مانوكا غني بمادة “ميثيل غليوكسال” التي يرتفع تركيزها في عسل المانوكا بحوالي 100 مرة عن العسل العادي. تُعتبر مادة “ميثيل غليوكسال MGO” ذات تأثير مضاد قوي للجراثيم. ولهذه المادة فوائد كثيرة مضادة للفيروسات والالتهابات ومضادة للأكسدة، ما يجعل عسل مانوكا خيارًا شائعًا في علاج الجروح وتهدئة التهاب الحلق وتحسين مشاكل الجهاز الهضمي.
ما السر في ارتفاع ثمن عسل المانوكا؟
يصل سعر علبة صغيرة من عسل مانوكا بحجم كأس تقريبًا إلى 100 يورو “حوالي 112$”، وهو ثمن مرتفع للغاية مقارنةً بعلبة العسل على شكل دب التي تُباع في المتاجر بسعر 5$ تقريبًا. والسبب في ارتفاع ثمنه هو الطلب العالمي القوي والعرض المحدود. هذا العسل لا يتم إنتاجه إلا في مناطق محدودة في العالم ذات وفرة بأزهار المانوكا الأصلية. تقع هذه الأزهار عادةً في مناطق نائية من نيوزيلندا، ولا يُمكن الوصول إليها سوى بطائرات الهليوكبتر والمشي لمسافات طويلة. كما أن موسم تفتح أزهار المانوكا موسم قصير نسبيًا يتراوح بين 2 – 6 أسابيع من العام بأكمله، ويتطلب جني عسل مانوكا مهارة كبيرة وتخطيط وموارد هائلة.
كما يلعب الطقس دورًا بارزًا في حصاد عسل المانوكا، ويُمكن أن يؤثّر بشدة على العرض. فإن شهد موسم تفتّح أزهار المانوكا أمطارًا غزيرة، فإن النحل لا يُغادر خلاياه، وبالتالي يقل حجم العسل المتكوّن. ويختلف مقدار جني العسل في كل سنة عن أخرى، وإن كان هناك وفرة في أزهار البرسيم في نفس وقت تفتّح أزهار المانوكا، فإن النحل سيهجر المانوكا ويتوجّه لأزهار البرسيم بسبب محتواها المرتفع من السكر.
وبسبب الطلب الكبير على عسل المانوكا مع انخفاض نسبة العرض، لجأ الكثير من المحتالين إلى الغش في هذا العسل وبيع عبوّات منه تحمل اسم العسل النادر لكنها غير أصلية 100% ولا تؤدي نفس الوظيفة التي يؤديها عسل مانوكا النقي.
وعندما تنوي شراء عسل مانوكا، عليك أن تنتبه لبعض العلامات التي تُشير إلى أن المنتَج بين يديك أصلي 100%. من هذه العلامات تصنيف UMF، (وهو شعار سداسي مع تصنيف مُدرج للداخل)، تصنيف MGO، (للاستخدام اليومي 100+، وأعلى للحالات المرضية)، وتصنيف NPA (نشاط غير بيروكسيد). لا تنخدع بالتسميات التي تعدد النشاط الكلي وتجمع بين أنشطة البروكسيد وغير البيروكسيد في العسل، إذ يوجد الكثير من أنواع العسل ذات نشاط مرتفع للبيروكسيد، لكنه غير نشط. فما يجعل عسل المانوكا مميّزًا، هو نشاط المواد غير البيروكسيد فيه.
آثار جانبية غير مرغوبة لعسل مانوكا
يُفضّل أن تستعمل عسل مانوكا مع وصفة طبية لتقدير مدى حاجتك للتداوي بهذا العسل. فقد أشارت العديد من الدراسات إلى آثار جانبية يُمكن أن تنتج عن العلاج الفردي دون الرجوع لطبيب مختص، خاصةً لمن يُعانون من أمراض مزمنة مثل السكري. فالتركيز المرتفع لمادة “ميثيل غليوكسال:” يُمكن أن تؤثر سلبًا على التئام بعض الجروح، ويُمكن أن تُطوّر الألم في الجروح المزمنة.
اقرأ أيضًا:
