هل تصدق أن تناول جرعة زائدة من الكافيين قد يقتلك! فقد تم رصد حالات معدودة من الوفيات بسبب الإفراط في شرب الكافيين، لكن تحديد نسبة معينة من الكافيين قادرة على قتل الإنسان أمر صعب بعض الشيء، خاصة وأن تأثيرi يختلف من شخص لآخر حسب طريقة تفاعله بالجسم، كما أنه لا يوجد أي باحث محترم يجرؤ على إجراء دراسة على البشر لو كان الهدف من هذه الدراسة هو الموت للعينة!
لكن هناك بعض الدراسات الجيدة التي سمحت للأطباء بفهم ما يجري داخل جسم الإنسان عند تعاطي جرعات زائدة من الكافيين. وعلى الرغم من عدم القدرة على تحديد نسبة فعلية لقتل الإنسان العادي، لكن يُمكن القول أن أعلى جرعة كافيين تم تناولها من قبل شخص بقي على قيد الحياة قُدرت بـ 100 جرام كافيين خام، وهي كمية تعادل حوالي 1200 كوب من القهوة! ومن المحتمل أن تقتل الجرعات الأقل الكثيرين، لكن وبشكل عام يُمكن اعتماد الجرعة العلوية كالحد الآمن للكافيين!
كيف يُمكن أن يكون الكافيين قاتلا؟
قد يتساءل البعض كيف يُمكن للكافيين أن يكون قاتلا؟ وللإجابة على هذا السؤال، علينا تتبع سلوك هذه المادة داخل جسم الإنسان. فالكافيين هو واحد من المواد التي تتشكل بطريقة طبيعية وتُعرف باسم “الزانثينات”، وهي مادة تعتبر منشطة للجهاز العصبي المركزي. ويعتبر الكافيين أكثر مادة طبيعية منشطة يتم استعمالها على نطاق واسع في العالم. فاعتمادا على إحدى الدراسات، ما يقرب من 80-90% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يستهلكون على الأقل 200 ملغم/يوم من المادة.
وللكافيين العديد من الفوائد التي يُمكن أن تساعد في التحكم بالألم، احتباس الماء، الشعور باليقظة والرفاهية على سبيل المثال لا الحصر. وكما هو الحال لأي مادة منشطة للجهاز العصبي، فإن استهلاك جرعة زائدة من الكافيين يسبب مخاطر تفوق الفوائد، من التوتر والشعور بالقلق، ارتفاع ضغط الدم، آلام الصدر، الصداع والجفاف، وفي الحالات التي يُستهلك فيها بجرعات كبيرة للغاية وهي الجرعات السامة، ينتج عنه هبوط حاد في ضغط الدم ومشاكل في إيقاع نبضات القلب. واختلف الباحثون في ردة فعل مادة الزانثينات داخل الجسم، لكن ما هو معروف أنها تعادي مستقبلات الأدينوسين داخل خلايا الجسم.
فمادة الأدينوسين مادة مهمة لعمل الخلية بالشكل الصحيح، وتحتاج هذه المركبات إلى أن تتصل مع مستقبلات خاصة بالخلايا لتعمل بالطريقة السليمة، فهي تساعد على زيادة الأكسجين المتاح للخلايا وحماية الخلايا من الأضرار الناجمة عن عدم وجود الأكسجين والمساعدة على تكوين الأوعية الدموية وغيرها من الفوائد الجمة. أما عن تأثير الكافيين، فيكمن بكون التركيب الكيميائي للكافيين يُشبه التركيب الكيميائي للأدينوسين ما يجعله يرتبط بالمستقبلات داخل الخلايا بدلا من الأدينوسين، والنتيجة هي زيادة نشاط الجهاز العصبي وتنشيط عضلة القلب واسترخاء العضلات الملساء وإدرار البول بكثرة ما يهدد بالجفاف.
وهكذا، فإن المستويات المرتفعة من الكافيين يُمكن أن تكون سامة للغاية، كما أن الجرعات العالية تسبب تثبيط إنزيم “فوسفو داي إيستريز”، مع تحفيز إفراز النواقل العصبية في الجهاز العصبي، فالنتيجة تُصبح كارثية! زيادة حادة بمعدل ضربات القلب، تمدد بالأوعية الدموية ما يسبب انخفاض ضغط الدم، انخفاض مستويات البوتاسيوم التي يُمكن أن تسبب زيادة مميتة بضربات القلب، انهيار تكوين السكريات في الكبد وزيادة في خلايا الدم البيضاء.
إن كانت كل هذه الآثار لا تبدو مميتة بالنسبة لك، فلا تغفل عن الآثار الجانبية للتحمض اللبني الذي ينتج عن الجرعات الزائدة للكافيين، فالتحمض اللبني يقلل من كمية الأوكسجين الواصل إلى الخلايا وأنسجة الجسم ما يسبب إطلاق الكالسيوم من الشبكة الإندوبلازمية داخل الخلايا بسبب تحلل الشبكة الإندوبلازمية. هذا الانهيار في العضلات يسبب الإفراج عن الألياف من العضلات إلى مجرى الدم والناتج بول بني واسنداد في الكلى!
إن كانت هذه المخاطر أثارت لديك الفزع من إكمال شرب كوب قهوتك، فكن مطمئنا! ذلك لأن التفاعلات السامة في جسدك لن تحصل ضمن مستويات الاستهلاك العادية، فوفقا لإدارة الأغذية والعقاقير، فإن تناول كمية متوسطة من الكافين يوميا بحد 100-200 ملغم لا يعتبر خطرا، لكن قد تؤثر هذه النسبة على بعض الأشخاص مع اختلاف الجنس، العمر، والوزن والحساسية. لكن لا يُنصح بزيادة الجرعة عن 600 ملغم في اليوم الواحد.
لسوء الحظ، لا يمكننا تحديد نسبة معينة للكافيين ليكون قاتلا، لكن نكتفي بتقديم النصيحة بالاعتدال في شرب القهوة ومشروبات الطاقة والشوكولاتة والتي تعتبر مصدرا غنيا بالكافيين لتجنب الآثار الجانبية المزعجة والضارة.
اقرأ أيضا: