الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة كما قد يتبادر للذهن، عند الوهلة الأولى قد يخطر بالبال أن لون السماء يتحول إلى الأسود في الليل، لأننا نقف على جزء من كوكب الأرض لا يواجه الشمس، حيث أن الأرض تدور حول محورها كل 24 ساعة، وهذا الدوران ينتج عنه حجب ضوء الشمس عن نصف الأرض الذي لا يواجه الشمس، وهذا بالطبع السبب الرئيسي في حدوث الظلام وتحول لون السماء إلى اللون الأسود، لكن لماذا لا تقوم مليارات النجوم الموجودة في الكون –في مجرتنا وحدها هناك أكثر من 200 مليار نجم- والتي بعضها يفوق شمسنا حجما وقوة بتعويض غياب الشمس؟
في الواقع إن هذا السؤال لطالما حير العلماء، وبخاصة أنه يتناقض مع نظريتهم التي كانت تفيد بأن الكون لا نهائي، لكن لو أن هذه النظرية صحيحة لكان عدد النجوم لا نهائي، ولو أن عدد النجوم لا نهائي، فساعتها يفترض أن تكون سماء الليل معبأة بالنجوم دون بقعة سوداء واحدة.
حاول علماء الفلك في القرن التاسع عشر تفسير لون السماء الأسود في الليل، عن طريق القول بأن سحب الغبار العملاقة الموجودة في الكون تحجب ضوء بعض النجوم عن كوكب الأرض، وبالتالي لا يصل إلى كوكب الأرض إلا ضوء النجوم التي ليس بيننا وبينها سحب غبار، لكن حتى هذا التفسير لم يصمد، لأن امتصاص سحب الغبار لضوء النجوم سيؤدي مع تعاقب الزمن إلى اكتسابها طاقة هائلة تجعلها براقة بذاتها.
اذن ما هو التفسير ؟ لماذا لا تستطيع النجوم أن تعوض غياب الشمس؟
للإجابة على هذا السؤال كان على العلماء أن يصححوا نظريتهم عن لانهائية الكون، وهو الذي حدث في القرن العشرين، حيث أعلن العلماء نظرية جديدة تفيد بأن الكون نهائي، وأنه بدء من نقطة واحدة منذ حوالي 15 مليار سنة، ثم حدث الانفجار العظيم، ومنذ ذلك الوقت والكون يتمدد والمجرات تبتعد عن بعضها بسرعات هائلة.
نتج عن هذه النظرية الجديدة ثلاثة أمور، الأمر الأول هو الجملة المنطقية التالية بما أن الكون محدود فعدد النجوم محدود، وهذا يعني أنه لا يوجد نجوم كافية لتملأ سماء الليل بشكل كامل، الأمر الثاني بما أن الكون يتباعد فإن النجوم تتباعد، وهذا يعني أن الضوء الذي ينطلق اليوم من النجوم نحو الأرض سيستغرق وقتا أطول في الوصول إليها من الضوء الذي انطلق نحوها منذ مليون سنة، ومع ازدياد المسافة ستضعف طاقة الضوء، وبالتالي سيزداد خفوت ضوء النجوم، وهذا يعني أنها لن تستطيع على الإطلاق تعويض غياب ضوء الشمس، الأمر الثالث عدد الكواكب والكويكبات وغيرها من الأجسام الغير مضيئة أكبر من عدد النجوم، وهو ما يساهم في حجب بعض ضوء النجوم عن كوكب الأرض.
وماذا عن القمر؟
على الرغم من أن القمر هو ثاني جسم في المجموعة الشمسية من حيث اللمعان، إلا أن هذا اللمعان ليس نابعا من ذاته بل هو مجرد انعكاس لضوء الشمس، لذلك ضوء القمر باهت وبارد، وبالتالي غير كاف لتبديد سواد ليل الأرض.
اقرأ أيضا :
لماذا كانت مدة اليوم قبل 100 مليون سنة 21 ساعة فقط؟