لم يعد الصراع بين طعم كوكاكولا وبيبسي الأشهر في عالم المشروبات الغازية يقتصر على صراع تجاري فحسب، بل امتد الأمر للعملاء الذين يتشددون لصالح مشروب على حساب الآخر في كثيرٍ من الأحيان.
لكن إن كنت جرّبت كلا النوعين، هل لاحظت فرق حقيقي بين طعم كوكاكولا وبيبسي؟
من أجل التوصل إلى حقيقة الاختلاف بين كلا المشروبيْن، أجرى العلماء تجربة عصبية ضمن مجال التسويق العصبي Neuromarketing.
ما هو التسويق العصبي Neuromarketing؟
كلمة التسويق العصبي عبارة عن مزيج من كلمتي علم الأعصاب والتسويق.
علم الأعصاب هو دراسة أي شيء وكل ما له علاقة بجهازنا العصبي، يتضمن البحث في الدماغ وعلم النفس الخاص به.
والتسويق هو الإستراتيجية التي تستخدمها الشركات حيث يساعدهم على بيع منتجاتهم إلينا، والإعلانات هي جزء من هذه الاستراتيجيات.
لكي يفهم المسوقون ماذا يبيعون لمن، عليهم أن يفهموا نفسية مشتريهم. هذا هو المكان الذي تكون فيه المعلومات حول الدماغ في متناول اليد.
على سبيل المثال، لماذا بعض الأشياء تلفت انتباهك مقابل أشياء أخرى؟ لماذا تفضل هاتف Android على iPhone؟ لماذا نوع معيّن من الآيس كريم فقط من باسكن روبنز؟
إذا تمكن المسوقون من معرفة سبب تفضيل الناس لأشياء معينة على أشياء أخرى، فيمكنهم استخدام تلك الاستراتيجيات المكتسبة لزيادة مبيعاتهم.
كوكاكولا Vs. بيبسي! هل هناك اختلاف حقيقي في الطعم؟
بالعودة إلى محور الموضوع، في عام 2004، قام مجموعة من علماء الأعصاب بإجراء دراسة تسويق عصبي على مجموعة من المتطوعين عددهم 67. في المرة الأولى تذوقوا مشروبات مختلفة دون إخبارهم بنوعها، وسؤالهم عن المشروب الأفضل بينهما.
تم تكرار التجربة مرةً أخرى، لكن هذه المرة طُلب منهم تحديد أي من المشروبات كوكاكولا وأيها بيبسي.
خلال التجربة، تم قياس نشاط الدماغ عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).
عندما يتم تنشيط منطقة من الدماغ، يندفع الدم إلى تلك المنطقة. ويلتقط التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي هذا التغيير في تدفق الدم.
يساعد ذلك العلماء على فهم الأنشطة التي تضيء أي أجزاء من الدماغ. إن فهم منطقة الدماغ التي تنشط استجابةً لمحفزات معينة يمكّن العلماء من فهم السلوك البشري.
باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي، لاحظ الباحثون أي أجزاء من الدماغ يتم تنشيطها عند تناول المشروبات المختلفة.
في المرحلة الأولى من التجربة، عندما لم يكن المشاركون يعرفون بالتحديد أي مشروب يستهلكونه، لم يكن هناك نتائج واضحة بالرنين المغناطيسي.
لكن اختلفت النتائج اختلافًا صارخًا بعد إطلاعهم على نوعية المشروب، وقد فازت كوكاكولا بالتصويت الشعبي، حيث فضّلها أكثر من نصف المشاركين على بيبسي.
ومع ذلك، فإن الشيء الوحيد الذي تغير هو أنهم يعرفون اسم العلامة التجارية! فلماذا تغير تفضيلهم بشكل كبير؟
عندما لم يعرف المشاركون أسماء المشروبات، أضاء مركز متعة خاص يقع في مقدمة الدماغ يعرف باسم قشرة الفص الجبهي البطني (vmPFC).
حيث تستجيب هذه المنطقة من الدماغ بشكل خاص للطعام الذي نجده ممتعًا، مثل المشروبات الغازية السكرية.
من ناحية أخرى، عندما عرف المشاركون أسماء المشروبات، كانت مناطق الدماغ المضاءة مرتبطة بالعواطف والذكريات.
مع إدراكهم أنهم يشربون الكولا، أظهر المشاركون رد فعل عاطفي لمعرفة اسم علامتها التجارية، مما دفعهم إلى تفضيلها على بيبسي.
ومع ذلك، فإن الاسم التجاري لشركة Pepsi لم يثر مثل هذا التفاعل العاطفي لدى المشاركين.
خلُص العلماء إلى أن الحملات الإعلانية الناجحة للغاية لشركة كوكاكولا كان لها تأثير عميق على ذاكرة الناس.
فقد كانت الإعلانات التجارية مؤثرة للغاية لدرجة أن الناس أقاموا روابط عاطفية مع فكرة كوكاكولا ذاتها، مما منحهم الراحة والسعادة.
إذًا، هل هناك اختلاف فعلي بين طعم كوكاكولا وبيبسي؟
الخلاصة، لا يوجد اختلاف كبير! فالمكونات الأساسية لكلا المشروبين متشابهة ويُستعمل نفس السكر البني تقريبًا.
سبب تفضيل الناس طعم كوكاكولا يرجع بشكل أساسي لارتباط العلامة التجارية بالعاطفة.
فقد نجحت الشركة بتكوين رابط نفسي عاطفي قوي مع العملاء وإشعارهم أنها لازمت كل فصول حياتهم، وبالتالي يرتبط المشروب بالحنين للماضي والذكريات الجميلة.
اقرأ أيضًا:
ما الفرق بين كوكاكولا دايت وكوكاكولا زيرو؟