في بعض الأحيان تظهر صفائح من السُحب الملونة في فصل الشتاء بعد غروب الشمس أو قبل الفجر، هذا النوع النادر من تشكيلات الغيوم يسمى “غيوم ستراتوسفير القطبية” أو “الغيوم الصدفية”، وهي التي يمكن مشاهدتها في مناطق خطوط العرض العليا مثل أيسلندا وألاسكا وشمال كندا والدول الاسكندنافية والقارة القطبية الجنوبية، وتعتبر واحدة من أجمل تشكيلات السحب. لكن ما هو السر وراء تكوّن هذه السحب، وهل لها تأثير بطريقة أو بأخرى على كوكبنا؟
وش السر وراء تكون غيوم ستراتوسفير القطبية!
الحقيقة وراء هذه السُحب هو شيء مُخيف حقاً، وهي تعتبر الأكثر تدميراً لغلافنا الجوي، إذ إن وجودها يشجع مجموعة من التفاعلات الكيميائية التي تُدمر طبقة الأوزون (التي تُعد الدرع الأساسي لحمايتنا من أشعة الشمس الحارة).
الغيوم بشكل عام لا تتشكل في طبقة الستراتوسفير بسبب عدم وجود ما يكفي من الرطوبة. لكن الغيوم الصدفية مختلفة، فهي تتألف بالكامل من قطرات المياه الطبيعية الممزوجة بحمض النيتريك الذي يأتي من مصادر صناعية.
منذ عقود، بدأنا في استخدام مواد مثل مركبات الكلوروفلوروكربون “CFC”في أجهزة التبريد المختلفة مثل الثلاجات والمكيفات، وقد تم التخلص من هذه المواد الكيميائية، لكنها لا تزال موجودة حتى يومنا هذا. تستغرق تلك المركبات عدة سنوات لترتفع في الغلاف الجوي حتى تصل إلى طبقة الستراتوسفير حيث تبدأ في التفكك بفعل الأشعة فوق البنفسجية، مما يؤدي إلى ظهور ذرات الكلور الحرة، وهذا ما يؤثر سلباً على طبقة الأوزون.
لحسن الحظ الأوزون ليس هو الجزء الوحيد الذي يتفاعل مع ذرة الكلور، حيث تتفاعل ذرات الكلور مع غيرها من المواد الكيميائية في الغلاف الجوي ليتشكل حمض الهيدروكلوريك ونترات الكلور. ويشكل الكلور غالبية هذين المركبين في طبقة الستراتوسفير. وهكذا فإن هذه العملية تحفظ تلك العناصر بعيدة عن الأذى.
لكن خلال أشهر الشتاء الطويلة في المناطق القطبية حيث هناك أشعة شمس قليلة، ودرجة حرارة باردة جداً في طبقة الستراتوسفير، فإن هذا يدفع إلى تشكل بلورات مجمدة من الماء مع حامض النيتريك، وحامض الكبريتيك في بعض الأحيان، وبذلك يتوفر السطح المثالي الذي تحدث فيه التفاعلات الكيميائية التي تقوم بالإفراج عن ذرات الكلور الحرة في الجو.
ونظراً لأن ضوء الشمس ضروري في المعادلة، فإنه في الغالب تحدث هذه التفاعلات خلال فصل الربيع عندما يكون هناك أشعة شمس في القطبين، وأشعة الشمس فوق البنفسجية تُكسر الروابط بين ذرات الكلور. الشيء الوحيد القادر على تدمير هذه الغيوم الصدفية هو تدفق الهواء من خطوط العرض الدُنيا.
هذه التفاعلات الكيميائية لا تحدث في أي مكان آخر في الغلاف الجوي، هذا هو السبب في أن ثقب الأوزون هو أكبر في المناطق القطبية من أي مكان آخر. أيضاً، لوحظت غيوم ستراتوسفير القطبية أكثر شيوعاً في نصف الكرة الجنوبي. بالتالي، هذا يشير إلى أن طبقة الأوزون أكثر استنزافاً في القطب الجنوبي مقارنة بالقطب الشمالي.