بيانات صحفية

تحسين خيارات الوصول إلى التمويل مسألة مصيرية للتنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي

تحسين خيارات الوصول إلى التمويل يعتبر مسألة مصيرية للتنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي

مايكل ارمسترونج

أفاد تقرير جديد نشره معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW، بأن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج إلى تكثيف جهودها من أجل تحسين بيئة التمويل فيها. ويُحذّر المعهد المتخصص في مهنة المحاسبة والتمويل أن الوصول إلى التمويل سيكون بمثابة حافز رئيسي للتنويع الاقتصادي في أنحاء المنطقة، وهناك حاجة بالغة له في ضوء التحوّل الجذري الذي تشهده أسواق النفط العالمية.
بيّن تقرير رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الثالث 2016، والذي تم إعداده من قبل “أكسفورد إيكونوميكس” – شريك معهد المحاسبين القانونيين ICAEW والمتخصّص في التوقعات الاقتصادية، أنه بينما يؤثر انخفاض أسعار النفط على الدور الذي تلعبه الحكومات كمحرّك مباشر وغير مباشر للاستثمارات التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن ضمان نفاذ الشركات إلى التمويل يعتبر مسألة مصيرية للغاية. ويتطلّب هذا وجود سياسة طموحة، بما في ذلك إعطاء الأولوية للإنفاق العام، وتعزيز المنافسة في القطاع المصرفي، وتطوير صناعة الخدمات المالية، والانفتاح أكثر على الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
أن “المستوى الطبيعي” لأسعار النفط جعل من داوفع التنويع مسألة عاجلة، ولكن أكثر صعوبة أيضاً بسبب الأوضاع المالية المتشددة في أنحاء المنطقة. ويسرد التقرير ثلاثة مسارات محدّدة ذات صلة بهذا السياق، أهمها أن تراجع الإيرادات النفطية يعني أن الحكومات لديها مخصصات مالية أقل لدعم الاستثمارات وتمويل المشاريع التنموية. وتشير التقارير إلى هبوط إجمالي الإنفاق الحكومي بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20% في المملكة العربية السعودية، والكويت، وسلطنة عُمان، والبحرين بين العامين 2014 و 2016، مع فرض المزيد من القيود على النفقات العامة خلال السنوات المقبلة.
ثانياً، تُفضي إيرادات النفط المنخفضة إلى تراجع أرصدة الودائع الحكومية في منظومة المصارف المحلية، وبالتالي نقص السيولة النقدية لإقراض الأفراد والشركات على حد سواء. وأخيراً، يبقى التحفظ المستمر على الإنفاق أمراً هاماً، خاصة في ظل الأضرار التي تسبّب فيها انخفاض أسعار النفط على الأوضاع المالية العامة والتصنيفات الائتمانية. ولا تزال أرصدة الديون الحكومية منخفضة قياساً بالمعايير الدولية، ولكن مع عجز إجمالي الناتج المحلي بخانتين عشريتين، ترتفع أرصدة الديون بشكل حاد. ودفع ذلك بوكالات التصنيف الائتماني إلى تخفيض تصنيفات كل من المملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، والبحرين خلال النصف الأول من العام 2016. واضطرت المصارف المحلية التي تحتفظ بالديون الحكومية كأصول، لزيادة مخصصات الاحتياطات المالية، والحد من قدرتها على الإقراض.
ويتجلّى الأثر العام لهذه المسارات الثلاثة في أن الإقراض المصرفي، إلى جانب المعروض النقدي العام في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، قد تراجع تدريجياً على مدار السنوات القليلة الماضية، كما بدأ بالتقلّص في بعضها.
ويقول توم روجرز، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، ومدير قسم استشارات الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس”: “قد تؤدي بيئة التمويل الأكثر تشدداً إلى جعل الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي تعاني للحصول على التمويل الذي تحتاجه للاستثمار والتوسّع، أو الحصول عليه فعلاً ولكن بأسعار فائدة أعلى. ومع ذلك، هناك طرق من شأنها أن تساهم في التغلب على هذا التحدي. فعلى سبيل المثال، ينبغي على الحكومات أن تحاول بل تعطي الأولوية لمجالات السياسات المحفّزة للنمو عند ترشيد نفقاتها العامة، وأن تحسّن من البيئة المواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصادات المحلية، وفي بعض الحالات تحفيز المنافسة في القطاع المصرفي”.
وإذا نجحت الحكومات في جذب معدلات أكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصاد المحلي، فسوف يؤدي ذلك إلى منافع عديدة، مثل النفاذ إلى السيولة الأجنبية، ونقل التكنولوجيا، ودعم ربط أسعار الصرف بالدولار. وبالرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر تُعتبر من بين أفضل 20 اقتصاد جذّاب للاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم، جاءت سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية والكويت في المراكز الـ 80، و 107، و 137 على التوالي.
من جانبه، يقول مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: “إن استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لن يوفر فقط مصدراً إضافياً للتمويل، بل سيُرسي بيئة تنافسية صحية من شأنها أن تعود بالنفع على القطاع المالي والاقتصاد ككل. وقد تجد المصارف ومؤسسات التمويل أرباحها تحت الضغط من أي تحركات لتعزيز المنافسة في قطاعاتها، ولتطوير مجالات أخرى في القطاع المالي. وبينما تحسّنت بيئة الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الأخيرة، ما زالت القيود المفروضة على الملكية الأجنبية، وضعف حماية المستثمر، وقوانين الإفلاس تشكّل تحدّيات ملموسة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة”.
ومن المتوقع أن تشهد أسواق النفط حالة من التوازن في 2017. وتفيد التقديرات إلى بلوغ متوسط سعر خام برنت 44 دولار أميركي للبرميل في 2016، وصولاً إلى 50 دولار أميركي للبرميل في 2017 تباعاً، وذلك بفضل نجاح استراتيجية أوبك في الحفاظ على مستويات الإنتاج المرتفعة، ومحاولتها إبعاد المنتجين بتكاليف عالية، خاصة من الولايات المتحدة الأميركية. ومع ذلك، لا يزال هذا أقل بكثير من أسعار النفط عند نقطة التعادل بالنسبة إلى موازنات الحكومات، والتي تبقى تواجه بذلك عجزاً في معظم أنحاء المنطقة. ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط بنسبة 2.4% هذه السنة، وبنسبة 2.8% السنة المقبلة، مقارنة بنحو 2.8% في العام 2015.
ويبيّن التقرير أيضاً:
· من المتوقع أن يرتفع نمو إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية بنحو 0.8% في 2016، وبنسبة 1.5% في 2017. وسيبقى النمو غير النفطي ضعيفاً بسبب استمرار سياسات التقشّف، لكنه سيرتفع بقرابة 1% في 2016. ومن شأن رؤية 2030 أن تساعد المملكة على تنويع اقتصادها، وتخفيض العجز المالي في موازنتها.

· من المرتقب أن تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً بنسبة 2.3% في العام 2016، وبنسبة 2.7% في 2017. ويُظهر النمو غير النفطي علامات تباطؤ نظراً لضبط المالية العامة، والدولار القوي، والأوضاع النقدية الأكثر تشدداً. كما أن تجدد المخاوف من ضعف السوق العقارية في البلاد ينبع من زيادة المعروض وضعف الطلب، لا سيما وأن أسعار المنازل هبطت بنسبة 7.4% في الأشهر الاثني عشر حتى 2016، وذلك وفقاً للمحللين العقاريين REIDIN.

· في أعقاب تخفيض التصنيف الائتماني للبحرين من قبل وكالة “ستاندرد آند بورز” في شهر فبراير، خفّضت “موديز” من تصنيفها لدرجة واحدة إلى Baa2 (مع نظرة سلبية) في منتصف شهر مايو. وفي غضون ذلك، وبالرغم من إزالة مخصصات الدعم، ورفع الرسوم الحكومية، وتقليص النفقات العامة، من المرجح أن يصل عجز الموازنة العامة للحكومة إلى 11% من إجمالي الناتج المحلي هذه السنة. ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي 11.7 مليار دينار في 2016، و 11.9 مليار دينار في 2017 (كلاهما بأسعار 2010).

· ما زال الوضع المالي في سلطنة عُمان يشكّل مصدراً للقلق، مع شكوك تدور حول جهوزية عُمان للتصدي لعجزها المالي الكبير. وحتى الآن، تم تمويل العجز تقريباً بإصدار سندات للدين، ومن خلال السحب من صندوق الاحتياطي العام للدولة، بالإضافة إلى قروض ومنح من دول أخرى. ومع ذلك، تُصبح شروط التمويل أكثر تشدّداً على الصعيد المحلي. ومن المفترض أن تقلل السندات السيادية الأخيرة بالدولار من مخاطر مزاحمة القطاع الخاص، لكن على حساب ارتفاع الدين العام. ومن المتوقع أن يتراجع نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 2% في 2016، وإلى 2.1% في 2017.

· من المنتظر أن تظل قطر الدولة الأسرع نمواً في منطقة الخليج العربي. وستستفيد معدلات الإنتاج للنفط والغاز من زيادة الطاقة الإنتاجية لخط الأنابيب في حقل برزان للغاز، ومن محطة التكرير الجديدة “راس لفان 2” في 2017. ولكن، سيُقابل ذلك وعلى نطاق واسع تباطؤ النمو في القطاع غير النفطي، مما ينعكس على نمو إجمالي الناتج المحلي الذي من المتوقع أن يبلغ 3.5% في 2016، و 3.7% في 2017.

· تسير الكويت على خطى الدول الأخرى في منطقة مجلس التعاون الخليجي، حيث تطرق أسواق الدين الدولية بهدف سد العجز في موازنتها العامة. وعلى الرغم من تعهّد الحكومة بالاستمرار في تقليص الإنفاق الكلي، ورفع الإيرادات غير النفطية، إلا أنها ما زالت تُعطي أولوية للاستثمار، تماماً كما ورد في الخطة التنموية 2015-2020. ونتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2% في العام 2016، وارتفاعه إلى 2.2% في 2017.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى