هل سمعت عن باريس المزيفة التي بُنيت بهدف الخداع في الحرب؟

لطالما كانت الخدع العسكرية جزءًا من الحروب وتحقيق الانتصارات في اللحظات الحاسمة للشعوب. من ضمن هذه الخدع التي خلّدها التاريخ مدينة باريس المزيفة التي ربما لم تسمع عنها من قبل، لكنها كما يوحي اسمها نسخة طبق الأصل عن العاصمة الفرنسية، استُخدمت لتضليل الأعداء والحفاظ على المدينة الأصلية من الدمار.

منذ الأزل، اشتهر الإغريق في حرب طروادة بالخدع العسكرية والمفاجآت التي قلبت موازين الحروب. من بينها إخفاء جنود إغريق في هدية سلام على شكل حصان خلال حرب طروادة لينقضوا على الأعداء على حين غفلة.

قدماء المصريين كان لهم بصمة في هذا المجال أثناء حصار يابو – يافا الحالية – فقد اختبأ المصريون في سلال وقدموها كجزء من جزية عند الاعتراف بالهزيمة؛ ثم فتح هؤلاء الجنود المختبئون أبواب المدينة ما أدى لسقوطها.

أما باريس المزيفة، فهي مدينة تم بناؤها على بعد 15 ميلًا فقط من باريس الحالية، ولن تفلح بالوصول إليها في أي رحلة أو جولة سياحية لأنها قد فُككت في النهاية.

ما هي باريس المزيفة ؟

في عام 1920، ظهرت المخططات والوثائق الداعمة لإنشاء باريس مخادعة من عام 1917 إلى النور. كان الرجل الذي خطط لهذا المخطط الغريب والمبتكر مهندسًا كهربائيًا إيطاليًا يُدعى فرناند جاكوبوزي.

من الواضح أن دوره الحقيقي كان غامضًا، لكن ما نعرفه أنه قد تم تكليفه من قبل الإدارة الفرنسية المسؤولة عن الحماية من الهجمات الجوية خلال الحرب العالمية الأولى Défense contre Avions.

للتشويش على الطائرات التي تسعى إلى قصف باريس، تم بناء المدينة الوهمية على مشارف المدينة الفعلية، باستخدام الخشب والقماش في الغالب.

تم تصميم القطعة المقلدة لخداع المهاجمين، لذا فقد تضمنت نسخًا متماثلة من المعالم مثل برج إيفل وقوس النصر، بالإضافة إلى نقل القطارات الخشبية وأضواء الشوارع – والتي كانت مضاءة على عكس المدينة الفعلية التي غرقت في الظلام لدرء المهاجمين – .

بالطبع، بحلول الوقت الذي كان العمل به قائمًا على بالمدينة المزيفة، انتهت الحرب وضاعت الفرصة في اختبار الحيلة!

هل يمكن استخدام مثل هذه الحيلة مرةً أخرى؟

فن الخداع في الحروب هو أسلوب عسكري تم استخدامه مرات لا تحصى. على الرغم من أن الحرب العالمية الأولى فشلت في اختبار مدى فعالية هذه الحيلة، إلا أن الحرب العالمية الثانية فعلت ذلك بشكل فعّال، واعتمدت عليها لتحقيق مكاسب رئيسية. فقد أصبح غزو الحلفاء لفرنسا عام 1944 ممكنًا بسبب القوات الوهمية والأسلحة والمعدات.

خلال الغزو، قامت قوات الحلفاء، التي كانت مقررة لدخول فرنسا من نورماندي، بإنشاء شرك هبوط في Pas-de-Calais، حيث القناة الإنجليزية هي الأضيق، لإعادة توجيه الإجراءات الألمانية المضادة إلى تلك النقطة.

تحت زي عملية Fortitude، دخل جيش مزيف يسمى First US Army Group (FUSAG)، تحت قيادة الجنرال باتون، إلى جانب الآلاف من الدبابات المطاطية والكرتون المزيفة والمدفعية والثكنات والقواعد بالمركبات والخيام، إلى فرنسا عبر كاليه. لقد ذهبوا إلى حد صنع مسارات إطارات دبابات وهمية لجعل الكذبة أكثر تصديقًا.

كما قامت عملية Mincemeat بتسخير جثة جندي من جنود الحلفاء المزيفة (لواء يدعى ويليام مارتن) مع “خطط” لغزو الحلفاء لخداع قوى المحور. في حملتهم في شمال غرب أوروبا، في عملية تسمى الحارس الشخصي، تم استخدام أفخاخ قابلة للنفخ (إلى جانب إخفاء الوقت المحدد للغزو).

الخلاصة

يقودنا ذلك في النهاية إلى حقيقة أن الخدع العسكرية كانت جزءًا لا يتجزأ من أي حرب أو معركة حدثت في التاريخ. لكن ذلك لا يعطيها الصفة الأخلاقية، فالكثير من هذه الخدع انتهت بمجازر وأوهمت الشعوب بانتهاء الحرب بينما راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء.

اليوم، تمنع اتفاقيات جنيف الغدر في الحروب، وويتضمن ذلك الاستسلام الكاذب واستخدام الهدنة لمهاجمة الخصوم في وقتٍ لاحق.

اقرأ أيضًا:

صور: الوجه المظلم لمدينة النور، باريس !

لماذا يُصاب اليابانيون بالاكتئاب في باريس ؟

حقائق لم يسبق لك معرفتها عن باريس

المصدر

Exit mobile version