نبذة تاريخية عن إنتاج الحرير الطبيعي
في يوم من الأيام، شكّل إنتاج الحرير ثورة كبيرة في العالم خاصة وأنه يُعتبر من أفضل الألياف الطبيعية التي يتم إنتاجهما من مخلوق متناهي الصغر. فقد كان الحرير دائما سلعة غالية الثمن منذ أكثر من 5000 عام، حيث تم إنتاج الحرير لأول مرة في الصين القديمة.
وبعد وقت قصير من إنتاج الحرير في الصين، انتشر إنتاج الحرير في جميع أنحاء الصين حتى أصبح من أهم ركائز الاقتصاد الصيني، وحتى اليوم لا تزال بعض المتاحف في الصين تحتفظ بأولى عينات الحرير التي تم إنتاجها قبل أكثر من 2000 – 3000 سنة.
فقبل 200 عام قبل الميلاد، كان طريق شيآن الصيني نقطة انطلاق تجارة الحرير الأسطورية وتسليم المنتوج إلى البلدان الأخرى. وكان هناك ما يُعرف باسم طريق الحرير العظيم الذي اتجه نحو الغرب وبلغ طوله قرابة 6500 كلم.
على طول هذا الطريق، نشأت العديد من القرى والحضارات البشرية، وكانت آخر محطة لهذا الطريق مدينة بيزنطة التي تُعرف اليوم باسم اسطنبول. في ذلك الوقت، كانت أسعار الحرير مرتفعة للغاية بسبب احتكار الصين لهذه الصناعة، لكن في عام 550 بعد الميلاد، أمر الامبراطور البيزنطي اثنين من الرهبان بالذهاب إلى الصين وإحضار بيض دودة القز وبذور شجرة التوت. فعند تخزينها بالطريقة الصحيحة يُمكن الاحتفاظ بالبيض سليما لمدة عامين.
وهكذا، وصل الاحتكار الصيني لتجارة الحرير إلى نهايته، وعلى مدى السنوات الـ1000 المقبلة، أصبح إنتاج الحرير جزءاً رئيسيا من الاقتصاد العربي والأوروبي.
مراحل إنتاج الحرير من دودة القز
تقوم دودة القز البالغ طولها 7 سم بتكوين الشرنقة الحريرية حولها.
بحركة ثابتة وسريعة، تعمل الدودة على حياكة الشرنقة بدءاً من الرأس على شكل رقم 8.
وتُكرر الدودة هذه الحركة ما يصل إلى 230000 مرة حتى يصل طول الخيوط الحريرية الملفوفة إلى 1000 متر.
بعد 2-3 أيام، تُصبح الشرنقة جاهزة، وتبقى اليرقة في الشرنقة مدة 3 أسابيع قبل أن تتحول إلى فراشة.
عندها تُصبح الفراشة قادرة على وضع البيض.
ويكون البيض متناهي في الصغر لدرجة أن وزن 2000 بيضة لا يتجاوز 1 غرام. وعندما تفقس البيوض لا يتجاوز حجمها رأس الدبوس، وخلال ثلاثة أيام من الفقس، يزيد ووزنها أكثر بـ 10000 مرة من حجمها عند الفقس بفعل تغذيها على أوراق الأشجار.
ولإنتاج أجود أنواع الحرير، يجب أن تتغذى صغار دودة القز على أوراق شجرة التوت schelkovitsy وليس أي شيء آخر.
لتصنيع فستان واحد من الحرير الطبيعي، يحتاج الأمر إلى قرابة 2000 شرنقة، ما يعني أن اليرقات بحاجة لتناول أكثر من 70 كجم من أوراق الشجر، أي ما يقارب شجرتين توت كاملتين.
بعد أن تُصبح الشرنقات الحريرية جاهزة، تحتاج الفراشات إلى وقت لتخرج من الشرنقة، عندها تفسد الخيوط الحريرية التي تم صناعتها حياكتها، لذلك يتم قتل اليرقات داخل الشرنقة عبر وضعها في فرن أو في مياه مغلية وإذابة الطبقة الواقية فوق اليرقات.
بعد ذلك، يتم نسج الخيوط الحريرية معا وتكون جاهزة لإنتاج الثياب باهظة الثمن والقيمة. ولا يتم وضع جميع الشرانق في المياه المغلية ذلك لأن العملية بحاجة لان تبقى مستمرة، لذلك يتم الاحتفاظ بعدد من الشرانق لتخرج منها الفراشات التي ستضع البيوض والتي ستدخل في مرحلة إنتاج الحرير القادمة.
أما بالنسبة للفراشات التي خرجت من الشرنقات، فهي عمياء ولا تستطيع الطيران وتعيش لبضعة أيام فقط، خلال هذه الفترة يجب البحث عن الشريك المناسب لتتم عملية التزاوج، وبعد أيام قليلة من التزاوج، تضع الأنثى البيض على أوراق شجرة التوت.