علوم و فضاء

لماذا يمتلك بعض البشر شعر أحمر ؟

قد تجد أصحاب الشعر الأحمر جذابين ومميزين، لكن في وقتٍ من الزمان، كانت حمرة الشعر دليلًا على الشر والضلال. وخلال فترة محاكمة الساحرات في أوروبا، كانت كل سيدة ذات شعر أحمر تعتبر ساحرة وتعاني من الاضطهاد.

لون الشعر

ليس ذلك فحسب، بل في إسبانيا خلال فترة محاكم التفتيش، تم الاستخفاف بأصحاب الشعر الأحمر باعتبار اللون الأحمر دليلًا على أنهم سرقوا النار من الجحيم!

من التحول إلى مصاصي دماء بعد الموت إلى كونهم مخلوقات سيئة الحظ بلا روح، تحّمل حمر الشعر وابلًا من المعتقدات اللامنطقية عبر التاريخ.

لحسن الحظ، جاء العلم ليدحض كل هذه الخزعبلات، وتبين أن حمرة الشعر تأتي بميزات عديدة، بدايةً من كونها الأندر بين ألوان الشعر الأخرى وهذا منحهم صفة جمالية، إلى جانب أشياء أخرى يتمتعون بها.

الميلانين ودوره في تلوين الشعر

شعر أحمر

من الداكن إلى الفاتح، يعتمد لون الشعر والجلد على مادة في جسم الإنسان تسمى الميلانين.

ينتج اللون المرئي للشعر عن الصبغة التي تفرزها الخلايات المتخصصة والعروفة باسم الخلايا الصباغية، وتتواجد داخل بصيلة الشعر ومصفوفة الشعر.

تفرز الخلايا الصباغية نوعين من صبغة الميلانين التي تمنح الشعر لونه: الإيوميلانين، والفيوميلانين.

الأشخاص ذوو الشعر الأسود والبني لديهم مستويات أعلى من الإيوميلانين يتوافق مع الشعر الأبيض.

في حين الشعر الأشقر هو نتيجة كمية منخفضة من الإيوميلانين والفيوميلانين.

أما حمرة الشعر، فهي حالة خاصة حيث تكون كمية الفيوميلانين أكبر من مستوى الإيوميلانين.

طفرة الجين MC1R عند أصحاب الشعر الأحمر

لون الشعر

إن وجود أو عدم وجود صبغة اللون ليس حدثًا عشوائيًا، إنما يقرر أحد الجينات صبغة الميلانين التي يتم إطلاقها وبأي كمية.

يلعب الجين MC1R الموجود في الكروموسوم 16 دورًا مهمًا في عملية تخليق الميلانين بواسطة الخلايا الصباغية.

يوفر هذا الجين تعليمات لتكوين بروتين يعرف بمستقبل الميلانوكورتين 1، والذي يوجد على سطح الخلايا الصباغية.

من خلال هذه المستقبلات، يتم تحديد نوع صبغات الميلانين التي ستحصل عليها، وانعكاسها على لون الجلد والشعر.

مستقبل الميلانوكورتين 1 هو نوع من المستقبلات، حيث تعمل المستقبلات كصندوق للمعلومات الواردة. يرتبط جزيء الإشارة (الذي يمكن أن يكون أي مادة كيميائية) بالمستقبل، مما يؤدي إلى سلسلة من التأثيرات في الخلية مع المستقبل. يمكن أن تتراوح هذه التأثيرات من إنتاج بروتين جديد أو تثبيط وظيفة معينة إلى تمرير إشارة.

عندما يتم تنشيط جين MC1R، ستحتوي الخلية على المزيد من مستقبلات MC1، مما يتسبب في إنتاج الخلايا الصبغية لديك لمزيد من الإيوميلانين ويمنحك لون شعر أغمق.

من ناحية أخرى، فإن تعطيل أو تثبيط جين MC1R سيكون له تأثير معاكس تمامًا. ستحتوي الخلايا الصبغية لديك على مستقبلات MC1 أقل أو لا تحتوي عليها، مما يؤدي إلى زيادة في إنتاج الفيوميلانين، مما يعني أنك ستحصل على بشرة ناعمة وشعر برتقالي مائل للحمرة.

يمتلك حمر الشعر نسخة متحولة من ذات الجين الذي يتسبب في تكوين الجين لمستقبلات MC1 قليلة أو معدومة. ويسمى هذا بطفرة فقدان الوظيفة ويؤدي إلى زيادة كبير في الفيوميلانين.

تطور الشعر الأحمر

جين الشعر الأحمر

من المفاهيم الشائعة أن الشمس هي ألد الأعداء لحمر الشعر، وهذا صحيح للأسف!

يعمل الميلانين كواقي شمسي طبيعي، من خلال امتصاصه الأشعة فوق البنفسجية، ويعمل كمضاد للأكسدة وكاسح للجذور الحرة.

نتيجة لذلك، من المنطقي أن يكون لدى الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من خط الاستواء بشرة داكنة وشعر أسود.

ومع ذلك، فإن غالبية الأشخاص ممن لديهم مستويات مرتفعة من الفيوميلانين، يعيشون في نصف الكرة الشمالي، حيث الشمس ليست قاسية كما في المنطقة الاستوائية.

نظرًا لأن هؤلاء لا يواجهون غضب أشعة الشمس الحارقة، فإن أجسامهم لا تتطلب كمية كبيرة من صبغة يوميلانين.

يُعتقد أن طفرة MC1R جاءت نتيجة تكيف البشر مع الأجواء الباردة والمظلمة في الشمال. وبالتالي، لا يتفاعل أصحاب الشعر الأحمر جيدًا مع التعرض الطويل لأشعة الشمس.

مادة الفيوميلانين ليست فعالة مثل يوميلانين في حماية الجلد من الأشعة فوق البنفسجية من الشمس. وبالتالي، فإن حمر الشعر عرضة لمخاطر الإصابة بحروق الشمس وسرطان الجلد.

تشير دراسات أخرى إلى أن حمر الشعر يقاومون تأثير المسكنات، مثل الليدوكائين تحت الجلد، كما أن لديهم حساسية للألم ناتجة عن البرودة أو الحرارة.

تربط دراسة أخرى بين حمر الشعر وحساسية الألم العالية، ومرض باركنسون، وانخفاض وظيفة الصفائح الدموية والعيوب المحتملة في جهاز المناعة.

تضيف الدراسة كذلك أن النساء تعرضن لمزيد من السلبيات وفوائد أقل من الشعر الأحمر مقارنة بالنساء اللواتي لديهن لون شعر آخر.

يبدو أن التفرد والندرة والجمال ليس كافيًا! فأن تكون ذا شعرٍ أحمر ليس بالأمر السهل!

اقرأ أيضًا:

لماذا تُفتّح أشعة الشمس لون الشعر، لكنها تزيد من اسمرار البشرة؟

هل القلق والتوتر يزيد من شيب الشعر؟

لماذا يتغير لون خصلات شعرنا إلى الأبيض كلما تقدمنا في العمر؟

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى