خلال فترة العصور الوسطى فقد شكّل الطاعون الرعب الأكبر في سائر أنحاء العالم، وكان قادرًا على قتل مئات الملايين من الناس في موجات لم يستطع أحد إيقافها.
وخلال تلك الفترة يُمكننا القول إن طبيب الطاعـون هو واحد من أكثر الشخصيات الغامضة التي ظهرت في تلك الفترة.
لماذا ارتدى أطباء الطاعون في العصور الوسطى أقنعة المنقار الغريبة؟
كان أطباء الطاعون موظفين عموميين استأجرتهم القرى أو البلدات أو المدن عندما حل الطاعون. من الناحية النظرية، كانت الواجبات الأساسية لطبيب الطاعون هي علاج ضحايا الطاعون ودفن الموتى.
لكن كانت هناك العديد من المهام الأخرى التي يقوم بها أطباء الطاعون، فقد كانوا مسؤولين عن حصر عدد الضحايا في دفاتر السجلات العامة، وتوثيق آخر رغبات مرضاهم.
رُبما أكثر ما يُذكر الناس بطاعون القرون الوسطى حالياً، هو قناع طبيب الطاعون ذو المنقار، والذي أصبح واحداً من أكثر رموز الموت الأسود شهرةً.
كان السبب الذي يقف وراء أقنعة الطاعـون ذات المنقار هو اعتقاد خاطئ حول طبيعة المرض الخطير، وهو أن العدوى تنتشر عن طريق الهواء ذي الرائحة الكريهة.
لأن أطباء الطاعون كانوا على اتصال بضحايا هذا المرض الفتاك، فقد كانوا معرضين لخطر الإصابة أكثر من غيرهم، وبالتالي اضطروا إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
قبل القرن السابع عشر، كان أطباء الطاعـون يرتدون بدلات واقية متنوعة. وفي عام 1619 فقط تم اختراع “الزي” الذي أصبح شائعاً.
الرجل الذي يُنسب إليه اختراع “بدلة الطاعـون” هو تشارلز دي لورمي، كبير الأطباء لثلاثة ملوك فرنسيين، هم: هنري الرابع، لويس الثالث عشر ولويس الرابع عشر، وكان أيضاً في خدمة عائلة ميديشي الإيطالية، وهي إحدى أشهر عائلات فلورنسا، والتي لعبت الدور الأهم في تاريخها اقتصادياً وسياسياً وثقافياً بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر.
رتدي طبيب الطاعـون قبعة مصنوعة من الجلد وكانت تهدف للإشارة إلى أن مرتديها طبيب. وعلى الرغم من أن القبعة كانت تؤدي وظيفة رمزية، فقد افترض المؤرخون أنها رُبما وفرت بعض الحماية عن طريق إبعاد بعض البكتيريا.
أما قناع طبيب الطاعـون المعروف، والذي كان على شكل طائر، وله منقار طويل. وقد كان المنقار مُعبأً بمواد ذات رائحة قوية وممتعة، مثل العنبر أو النعناع أو بتلات الورد، وكان مُزوداً بثقبين فقط، واحد على كل جانب بالقرب من فتحات الأنف، كان الثقبان كافيين للتنفس ويحملان مع الهواء رائحة الأعشاب الموضوعة والمُثبتة في المنقار.
وفيا يتعلق بالمعطف الطويل المصنوع من الجلد فإنه يمتد من خلف قناع طبيب الطاعـون إلى أسفل القدمين. وكان المعطف بأكمله مُغطى بالشحم، ظناً أن الشحم يمنع سوائل الجسم من الالتصاق بالغطاء.
وأخيرًا، يحمل طبيب الطاعـون قصباً خشبياً طويلاً لفحص مريضه دون لمسه، ويمكن أيضاً للطبيب استخدام هذه العصا للإشارة إلى مساعديه أو أفراد عائلة الضحية عن كيفية ومكان نقل المريض أو المتوفى.