علوم و فضاء

“تونغوسكا” انفجار مرعب قوته فاقت هيروشيما 1000 مرة!

ربما لم نسمع عن أقوى من القنبلتين النوويتين اللتين أُسقطتا على هيروشيما وناجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية. لكن هل تعلم أنه في العام 1908 حصل انفجار قوي للغاية فاق قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما 1000 مرة؟!

tunguska

تُعرف هذه الحادثة بـ “انفجار تونغوسكا” والتي حصلت في تمام الساعة السابعة صباحًا، في الثلاثين من يونيو عام 1908 بالقرب من نهر تونغوسكا في بودكامينايا في سيبيريا. وقد رأى شهود العيان ضوءًا لونه أزرق برّاق يتحرك في السماء. وما تبع ذلك كان الأعنف، حيث وقع الانفجار بقوة 15 ميجا طن والذي أسقط 80 مليون شجرة في تلك المنطقة! وقد أثّرت الحادثة على أجزاء من أوروبا.

فقد حدث تغير كبير في الضغط الجوي على طول الطريق إلى بريطانيا العظمى، وأثر آخر بقي لعدة أيام بعد وقوع الانفجار، وكان يمكن مشاهدته في آسيا وأوروبا وهو توهج السماء ليلًا، لدرجة أن سكان الصين كانوا قادرين على القراءة جيدًا وسط الظلام!

شهادة أحد شهود العيان حول انفجار تونغوسكا

انفجار تونغوسكا
بقايا الأشجار التي ضربها الانفجار

هذه شهادة رجل يُدعى “إس سيمينوف” والذي كان على بعد 64 كيلومترًا من نقطة الصفر، ويقول فيها:

“كنت جالسًا وقت الإفطار قبالة منزلي حيث شاهدت إلى الشمال من تونغوسكا انشطار السماء إلى جزأين واشتعال النار بشكل كبير فوق الغابة. وبدأ انشطار السماء يزداد، كما بدأت النيران تغطي الجهة الشمالية. ومن تلك المنطقة التي كانت مشتعلة بها النيران جاءت حرارة شديدة، ثم سمعت صوت دوي شديد، عندها فقدت قدرتي على الإحساس حيث أُلقيت من شدة الانفجار عدة أمتار. حينها جاءت زوجتي وأدخلتني إلى المنزل. وبفعل الحادثة تدمرت المحاصيل وتحطمت النوافذ وأقفال الحديد”.

فما الذي سبب كل هذا الانفجار؟

بقي هذا الأمر غامضًا، ولم يعرف أحد الإجابة. فحين حصل الانفجار لأول مرة لم يلقَ اهتمامًا وذلك لأنه حدث في منطقة نائية جدًا من العالم، ولم تتم دراسة الانفجار إلا بعد 19 عامًا حين قرر الجيولوجي “ليونيد كوليك” التحقيق فاعتقد أن نيزكًا ضخمًا لا بدّ وأنه ضرب الأرض.

رحلة البعثة السوفيتية إلى مكان الانفجار

تونغوسكا
تونغوسكا اليوم

وصل كوليك وفريقه إلى المنطقة عام 1927 أي بعد 19 عامًا من الانفجار وكان منظر الدمار هائلًا حيث الأشجار المتفحمة، حاولوا الوصول إلى فوهة بركانية لكن دون جدوى.

ولفترة طويلة كان هناك جدل كبير عن سبب هذا الانفجار بالضبط، لكن العلماء اليوم يرجحون أنه مذنّب وليس نيزكًا أو غيره من الأشياء التي تحدث في الطبيعة. وهناك تحليل لذلك، فالمذنّب طوله حوالي 30-40 مترًا، ولا بد أنه سافر من 55 ألف-65 ألف كيلومتر.

وخلال سفره في الجو، فإن الهواء المحيط به يسخن وترتفع درجة حرارته حيث تصل إلى 28 ألف درجة مئوية وهو ما يجعل المذنّب يبدو ككرة نارية عملاقة تسطع في السماء. وهذا ما أدى لانفجار المذنّب بحوالي 8 كيلومتر فوق سطح الأرض. لكن لا توجد هناك حفرة أو أي دليل واضح لسبب الانفجار.

حقائق إضافية

تونغوسكا
قنبلة القيصر
  • يُقَدّر أن هناك مذنّبا أو نيزكًا بحجم تونغوسكا يضرب الأرض كل 300 سنة. والانفجار الناجم عنه كفيل بأن يمسح أكبر مدينة عن وجه الأرض.
  • يضرب الأرض مرة أو أكثر كل عام نيزك أو مذنّب ثلث حجم مذنب تونغوسكا وهذا يؤدي إلى انفجار بقوة 20 كيلو طن، وهو ما يعادل قوة القنبلة النووية التي أُطلقت على ناجازاكي. ولحسن الحظ تنفجر هذه الأجسام في الغلاف الجوي.
  • من أجل الحصول على التمويل للبعثة لدراسة حادثة تونغوسكا أقنع كوليك الحكومة السوفيتية بأن هذا المذنب متشكل في الغالب من الحديد، وهو ما قد يقدم توريدًا كبيرًا من هذا المعدن لتستفيد منه الدولة!
تونغوسكا
القنبلة التي أُلقيت على هيروشيما
  • لم يمت أحد في هذا الانفجار وذلك لأنه حصل في منطقة نائية في العالم. لكن كثيرًا من المزارعين والرعاة فقدوا مصدر رزقهم بسبب الدمار الهائل.
  • بنت الولايات المتحدة قنبلة نووية تعادل مذنب تونغوسكا في قوة الانفجار والتي وصلت إلى 15 ميجا طن. وأُطلق على هذه القنبلة قلعة برافو، وتم تفجيرها في الأول من مارس عام 1954.
  • قنبلة القيصر هي أضخم وأقوى قنبلة، قوة انفجارها 50 ميجا طن. وكان من المقرر أن تكون شدة انفجارها 100 ميجا طن، لكن تم تخفيضها إلى 50 خوفًا من الغبار النووي، وهي أنظف القنابل بسبب نوع المتفجرات المستخدمة فيها. تم تفجيرها في 30 أكتوبر عام 1961.
  • في المقابل كانت قنبلتي هيروشيما وناجازاكي أصغر من قنبلة القيصر، فقنبلة هيروشيما “الولد الصغير” كانت قوة انفجارها حوالي 13 كيلو طن من المتفجرات. دمر الانفجار الناجم عنها حوالي كيلومتر مربع ونصف من مساحة المدينة، كما دمر 69% من المباني، وقتل 70 ألف شخص، وأصاب 70 ألف آخرين بجروح خطيرة.
  • جاء الانفجار على 90% من الطواقم الطبية والمرافق، وهو ما أدى لحروق الإشعاع، وقد قُتل 150 ألف شخص من تبعات الانفجار، ومن نجا فعانى لسنوات عديدة من السرطان والمرض؛ نتيجة التعرض للإشعاع المؤين الشديد.
  • أما قنبلة ناجازاكي “الرجل البدين” فكان عدد القتلى أقل، وذلك بعد الخوف من القنابل التقليدية التي تم إسقاطها من قبل، ما أدى لتحذير الناس وبالتالي إخلاء المدينة. وصلت قوة انفجارها إلى 21 كيلو طن.

مقطع فيديو يمثّل انفجار قنبلة القيصر

المصدر

اقرأ أيضًا:

هيروشيما وناجازاكي بين اليوم وأمس

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى