نهار النصار.. طيار الملوك وأول طيار سعودي يقطع المحيط قبل اكتشاف النفط

نهار النصار أول طيار سعودي يقطع المحيط ويدور حول العالم وذلك قبل اكتشاف النفط في سواحل المنطقة الشرقية، كما أنه أول طيار سعودي يقود الرحلات الملكية.

بداياته في التعليم

وبحسب تقرير أعدته صحيفة الرياض، فقد بدأ الكابتن نصار تعليمه بالدراسة في كتاتيب مدينة الخبر، فدرس القرآن، وتعلم القراءة والكتابة، وكذلك شيئًا من اللغة الإنجليزية على يد معلمة هندية. كان نهار من أوائل من التحقوا في المدرسة الأميرية أو ما عُرف بمدرسة الخبر الأولى. في عام 1950 بدأ نهار العمل كمراسل مكتبي في شركة الزيت العربية (أرامكو) في الظهران، وكان يواصل في الوقت ذاته الدراسة في مدرسة الشركة.

بدأ شغف نهار بالطيران حين كان يرافق والده إلى مطار الظهران، والذي كان يعمل مقاولًا يتولى إنشاء مرافق المطار حديث النشأة. وهناك كان نهار يراقب الطائرات والتي كانت شيئًا غريبًا بالنسبة له. لم يتوقف شغفه عند ذلك، ويذكر زملاء له في شركة أرامكو كيف أنه كان يسير بين مكاتب الشركة وهو يحمل الأوراق مقلدًا صوت الطائرات. وهو ما دفع القائمين على الشركة إلى نقله من العمل كمراسل إلى العمل فنيًا تحت التدريب في ورشة الشركة المخصصة للطائرات في مطار الظهران، وهو ما شكّل نقطة تحول في شخصية هذا الشاب الذي أراد معرفة كل ما يتعلق بالطائرات والطيران.

دراسة الطيران

التحق نهار بمدرسة سانت أندرواس في الإسكندرية ليحصل على شهادة الثانوية العامة التي تؤهله لدراسة الطيران، وفي عام 1954 التحق بمعهد الطيران في إمبابة، واستمر لمدة عامين، ثم أرسله والده إلى جامعة ساوثمبتون في بريطانيا حيث حصل على رخصة طالب طيران. لكن ومع بدء العدوان الثلاثي لم يكمل دراسته بسبب مشاركة بريطانيا في هذا العدوان. وقد عاد بعد ذلك إلى مصر، وتابع دراسته في معهد مصر للطيران بصحبة طلاب سعوديين آخرين، وحصل على إجازة الطيران الخاص عام 1957.

 

نهار النصار في مقتبل شبابه

أول طيار سعودي

بعد عودته إلى السعودية، عمل نهار كمساعد طيار أول في الخطوط السعودية حتى عام 1958 حين أمر الملك فيصل بضرورة وجود طيارين سعوديين، حيث كان الطيارون من جنسيات أجنبية. خضع نهار وزميله بهاء الدين أسعد للاختبار اللازم وتمكنا من اجتيازه ليكونا أول سعوديين يحملان رتبة قائد كابتن طائرات تجارية “طائرات دي سي 3″، وكان نهار آنذاك لم يتجاوز 23 عامًا.

تزوج نهار عام 1960 ورزقه الله بابنته المهندسة شويكار وابنه المهندس نواف. وفي عام 1962 سافر إلى الولايات المتحدة، وحصل على شهادة “طيار خطوط جوية” ATR من هيئة الطيران الفيدرالية الأمريكية. وفي نهاية عام 1963م نجح الكابتن نهار في اختبار الطيران على طائرة نفاثة من طراز بوينج بعد إنهائه التدرب عليها، فكان بذلك أصغر طيار سعودي وعربي، وأصغر طيار في العالم حتى ذلك التاريخ، يقود طائرة نفاثة.

 

نهار النصار يتسلم شهادة المواطن الفخري لولاية تكساس

في عام 1963 عُيّن نهار كبيرًا للطيارين في الخطوط السعودية، لكنه سرعان ما ترك هذا المنصب، مفضلًا الاستمرار في الطيران. وفي عام 1965م، كان القائد نهار من ضمن المجموعة التي اختارت الزي الرسمي للطيارين السعوديين، في الخطوط السعودية، وكان هو أول من ارتداه كما واصل الترقي في الطيران على طائرات بوينج النفاثة من طراز 707 و720 وصولًا إلى طراز 747، حتى أصبح قائدًا على هذه الطائرات.

في عام 1963 أصبح الكابتن نهار قائدًا للرحلات الملكية بعد أن كان الأمريكي سام بقلر هو من يتولى قيادتها، واستمر نهار على ذلك حتى وفاته. وقد أقلّت الطائرات التي قادها نهار كلًا من الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله، عندما كان وليًا للعهد، والأمير سلطان، رحمهم الله جميعًا.

كان نهار قائدًا لطيارة الملك فيصل في رحلته المشهورة بين مدريد والولايات المتحدة. ومما يُذكر في هذه الرحلة بينما كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة، متجاوزة الحدود الإقليمية لجمهورية البرتغال، وسط مياه المحيط الأطلسي، تعرضت إلى بعض الأعطال، مما دعا القائد نهار لأن يخبر الملك فيصل بالأعطال ويطلب توجيهاته بيد أن الملك قال له: أنت قائد الطائرة وأنت أعلم بحالها، لذلك اعمل بما يقتضيه عملك ولا حرج. عندها رأى القائد نهار ضرورة العودة إلى أقرب مطار، وهو مطار لشبونه عاصمة جمهورية البرتغال، وبعد الإذن بالنزول في مطار لشبونة، وما إن نزل الملك فيصل إلى المطار إلا ووجد رئيس الوزراء البرتغالي في انتظاره هناك، دون موعد سابق، ويرى البعض أن هذا اللقاء أسهم في عودة العلاقات العربية مع جمهورية البرتغال التي كانت متأثرة لأسباب تتعلق بالقضية الفلسطينية.

الكابتن نهار خلال زيارته لمصنع رولز رويس لصناعة محركات الطائرات

كبير الطيارين السعوديين

في عام 1968 عُيّن الكابتن نصار مدربًا للطيارين على طائرة البوينج 707 في الخطوط السعودية، وفي عام 1971 أصبح مشرفًا على طائرات البوينج. كما أكمل في نفس العام رحلة حول العالم مع الملك فيصل رحمه الله، وكانت هذه أول رحلة تقوم بها الخطوط الجوية العربية السعودية حول العالم، وكان هو أول طيار يقوم بمثل هذه الرحلة. وفي عام 1973م عُيـّن مديرًا إداريًا لتدريب الطيارين مع استمراره بالطيران. وفي عام 1974م عين مساعدًا لمدير التدريب بجانب عمله في الطيران وكمدرب للطيارين. وفي عام 1975 أنشأ أول قسم خاص بالرحلات الملكية ليكون مستقلًا عن الرحلات الاعتيادية.

في عام 1977م أصبح أول مدير عام لعمليات الرحلات الملكية، وفي مُنتصف عام 1993م عُيّن مساعدًا لمدير عام الخطوط السعودية لعمليات الرحلات الملكية. ويُشهد للكابتن نهار بأنه كان ملتزمًا، حسن الخلق، منضبطًا، محبوبًا من أهله وذويه وزملائه، وقد كان هادئ الطباع، محبًا للاطلاع على كل ما هو جديد في الطيران.

وفاته

في صبيحة يوم الأربعاء الموافق للثالث من أغسطس عام 1994 توفي الكابتن نهار بعد صراع مرير مع المرض استمر أربعة أشهر. رحل الكابتن نهار بعد رحلة عطاء استمرت تسعة وثلاثين عامًا، طار خلالها ثمانية عشر ألف ساعة وسبع دقائق وتسع عشرة ثانية. وتقوم عائلة الكابتن نهار النصّار حاليًا بجمع تفاصيل سيرته لنشرها في كتاب سيصدر قريبًا بهدف تقديم نموذج واقعي يمكن أن يقتدي به الجيل الجديد من أبناء الوطن في مواجهة مصاعب الحياة وتحدياتها.

 

اقرأ أيضًا:

صانع سيوف الأمراء والملوك يروي قصة السيف الأجرب..أشهر سيوف ملوك السعودية

طباخ ملوك السعودية يروي تجربة 20 عامًا في طبخ الموائد الملكية

Exit mobile version