يقول أرسطو “لم يحدث أبدًا أن وُجِد عبقري ليس به مس من جنون” كما تتكرر على مسامعنا “بين العقل والجنون شعرة”. فهناك علماء وباحثون ذهبوا بأبحاثهم وعلومهم إلى أقصى حد، فالمعرفة لديهم أمر يستحق التجربة والمجازفة بكل شيء وأي شيء حتى لو كانت أرواحهم! قد يصفهم البعض أنهم مجانين، لكن يكفيهم أنهم خاضوا شرف التجربة!
علماء مجانين عرفهم التاريخ
باري مارشال، قام بشرب البكتيريا لإثبات تسببها بالقرحة!
في حين كان الجميع يعتقد أن البكتيريا لا يمكنها البقاء في المعدة، كان للطبيب الأسترالي رأي آخر، حيث كان يعلم أن قرحة المعدة سببها البكتيريا، حيث شاهد كيف كان مرضاه يتماثلون للشفاء بعد علاج المضاد الحيوي. لكنه حين حاول تعميم هذه النتائج، رفضت المراكز الطبية ذلك. ولإثبات صحة ما يؤمن به، قام باري بشرب البكتيريا، وبعد عدة أيام ظهرت أعراض التهاب المعدة والأمعاء. صحيح أنه أثبت نقطته، لكنه وجد نفسه في ورطة وهي البكتيريا داخل أمعائه، والتي تم التخلص منها فيما بعد بالمضادات الحيوية. نال باري جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء.
ويرنر فورسمان، وضع قسطرة في قلبه!
في عام 1929 كانت جراحة القلب في مراحلها الأولى، وكان الأطباء غير قادرين على علاج مرضى القلب. فكانت لفورسمان فكرة في إدخال أنبوب من خلال وريد المريض إلا أن زملاءه رفضوا ذلك معتقدين أنه قد يكون مميتًا. أبدت إحدى الممرضات رغبتها بمساعدته بتهريب أدوات التعقيم في حال وافق على إجراء العملية لها. قام فورسمان بتخديرها، لكنه قام بالتجربة على نفسه، فوضع القسطرة في قلبه على نحو أعمى، ثم ذهب إلى مختبر الأشعة السينية ليعرض لزملائه ما قام بفعله بشكل يدوي! في العام الذي يليه نال فورسمان جائزة نوبل في الطب!
ستابينز فيرث، فرك القيء في عينيه لإثبات أن الملاريا غير معدية
أراد طالب الطب “ستابينز فورث” أن يثبت أن الملاريا غير معدية حين انتشر وباء الحمى الصفراء عام 1973 ففرك القيء في عينيه، كما حقن نفسه بعينات دم من مرضى مصابين بالحمى. من المعروف أن الملاريا معدية، لكن فيرث لم يُصب بالمرض، لكن لماذا؟ يعتقد الخبراء أن عينة القيء التي استخدمها فيرث كانت على الأرجح لمريض في مراحل متأخرة من الملاريا حيث تصبح غير معدية. وترى بعض الآراء أن فيرث لم يحقن نفسه بالدم في مجرى دمائه مباشرة!
ثور هايردال، البعض يطلق عليه إنديانا جونز النرويجي
هايردال كان مغامرًا، درس الجغرافيا، وعلم النبات، وعلم الأحياء. اعتمد على الرحلات الاستكشافية البرية لإثبات نظرياته في علم الآثار. فقد أبحر في إحدى المرات إلى المحيط الهادئ باستخدام مجموعة كبيرة من القصب محلي الصنع، حيث اعتقد هايردال أن زوارق القصب كانت مستخدمة من القدماء للإبحار في أعالي البحار وتجارة بضائعهم. في عام 1947 قام بتشكيل فريق لإنشاء قارب بدائي باستخدام القصب. وخلال الـ101 يوم أبحر الفريق حوالي 6920 كيلومترًا في المحيط الهادئ لإثبات أن ذلك ممكنًا. في عام 2011 تعزّزت فرضية هايردال بمزيد من الأدلة الجينية. لكن تيارًا من علماء الآثار يؤكدون أن مجازفة البحر لم تثبت شيئًا.
تيخو براهي، فَقَدَ أنفه في مبارزة من أجل الرياضيات
نبيل دانماركي، وفلكي غريب الأطوار، كان يحب الحديث عن الرياضيات، وفي إحدى حفلات العشاء عام 1566 حصل جدال قوي حول صيغة رياضية. أحد ضيوفه لم يوافقه الرأي ما أثار غضب براهي وتحداه بمبارزة سيف. براهي كان عالم رياضيات بارع، لكنه كان فاشلًا في المبارزة ما أدى لخسارته قصبة أنفه، وقد استبدله بأنف صناعي مصنوع من معادن ثمينة!
أوجست بيير، ضرب مساعده لاختبار التخدير
الجراحة الجيدة تتطلب تخديرًا جيدًا، فأراد الطبيب الألماني أوجست بيير أن يطور تقنية تخدير جديدة عام 1898. وكانت تقنيته تقوم على إمكانية تخدير مرضاه بدون الحاجة إلى تنويمهم وذلك باستخدام حقن الكوكايين في منطقة حول حبل النخاع الشوكي. ولإثبات ذلك أراد اختبار التقنية على نفسه فطلب من مساعده حقنه بالكوكايين المسال، إلا أنه أخطأ في الإجراءات، فكان على بيير أن يقوم بالعملية بنفسه. فقد قام بتخدير مساعده في ساقه، ثم استمر بضربه للتأكد من أنه لا يشعر بالألم، كما حرقه بالسيجار، وضربه بمطارق الحديد، ليصبح بعدها أب التخدير!
السير هنري هيد، قام باستئصال جزء من أعصابه لدراسة الألم
وجد طبيب الأعصاب البريطاني السير هنري هيد صعوبة في معرفة آلية الألم، وقد قضى وقتًا مع مرضى تلف الأعصاب على أمل أن يحصل منهم على وصف لما يعانون منه. لكنه لم يحصل على إجابة شافية، فقرر أن يحاول معرفة ذلك بنفسه. فطلب من أحد زملائه استئصال جزء من العصب الكعبري. وحين حصل خلل في وظائف الحركة، قام بإجراء تجارب غريبة على نفسه. وقد استطاع وصف الألم بالتفصيل وهو ما منحه لقب السير، وكذلك ترشيحات لجائزة نوبل.
جورج ستارتون، لإثبات قدرة الدماغ على التأقلم، ارتدى عدسات لاصقة معكوسة لأكثر من أسبوع
درس عالم النفس الأمريكي جورج ستارتون الإدراك الحسي خلال 1980. وكان على يقين أن الدماغ سيقوم بتصحيح الخلل، فقرّر أن يجرب ذلك بنفسه، فارتدى عدسات لاصقة معكوسة، وبدأ يشعر بالاضطراب خلال اليوم الرابع، أما في اليوم الخامس بدأت الصور بالعودة إلى وضعها الطبيعي. وبعد خلع العدسات وجد صعوبة في تمييز الجانب الأيمن عن الأيسر حتى يعود الدماغ إلى وضعه الطبيعي. ووصل إلى خلاصة مفادها أنه بإمكان الدماغ التحكم بالحواس تلبية للضغوط البيئية.
إيلسي ويديسون، قامت بتجويع نفسها لمعرفة الحد الأدنى للاحتياجات الغذائية وقت الحرب
خلال الحرب العالمية الثانية كانت الحصص الغذائية قليلة، وقد تُرك المدنيون في بعض الأوقات يعانون من الجوع وسوء التغذية. أرادت اختصاصية التغذية والكيميائية إيلسي ويديسون أن تجد الحل بالوصول إلى الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية وقت الحرب للشخص للبقاء على قيد الحياة. وحين لم تجد الإجابة، قامت بتجويع نفسها. فقد عرّضت نفسها لأنظمة تجويع مختلفة، فعاشت على كمية قليلة من الملفوف والبطاطس والخبز لعدة أشهر. وأرادت أن تثبت أن هذه الحصص القليلة من الغذاء يمكنها أن تلائم جميع أنماط الحياة، فقامت بتسلق الجبال والمشي يوميًا. وخلاصة تجربتها استُخدمت كنظام غذائي لبريطانيا وقت الحرب!
كيفن وارويك، حوّل نفسه إلى نموذج سايبورغ
كيفن وارويك عالم بريطاني وبروفيسور في السبرانية “علم التحكم الآلي”، أراد أن يصبح أول سايبورغ (كائن بأجزاء عضوية وأخرى آلية) في العالم. فوضع رقاقة إلكترونية في ذراعه عام 1998، والتي كانت قادرة على إشعال الأنوار، وفتح الأبواب الإلكترونية والتواصل مع الحواسيب. وبحلول عام 2002 أراد التحول إلى روبوت كامل. استخدم الإلكترونيات، والجراحة، لاختبار ما إذا سيندمج الجهاز العصبي مع الواجهة العصبية، حتى أنه أراد نقل مشاعره إلكترونيًا إلى سايبورغ آخر وهي زوجته!
اقرأ أيضًا: