ممنوعات كانت تعتبر أدوية في الماضي!

في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كان بإمكان الأشخاص الذين يُعانون من عددٍ من الأمراض أو الاختلالات الجسدية العثور على وصفة طبية في الصيدليات المحلية. آن ذاك، تم تقديم الكلوروفورم والكوكايين والهيرويين والميثامفيتامين كحلول و أدوية لعددٍ كبير من الأمراض مثل التهاب الحلق والأسنان وحتى السعال والأرق والاكتئاب.

كانت هذه المواد في كثيرٍ من الأحيان تُسبب الإدمان وخطيرة ومميتة، لكنها لم تُمنع من التداول كعلاجات وأدوية. اليوم، أصبح هناك لوائح وقوانين تحظر تعاطي عدد كبير من أدوية الماضي، وإن كان لا بد من تناول بعض هذه المواد الخطيرة يخضع ذلك لنظام مُحكم وجرعات معروفة لا تؤثر بسوء على صحة الجسم.

في هذا المقال، نستعرض أبرز المواد الخطيرة التي تُصنّف كممنوعات اليوم منها المخدرات كذلك، والتي كان استعمالها واسعًا للغاية في الماضي كوصفات طبية وعلاجات شائعة.

 

ممنوعات خطيرة كانت تعتبر أدوية وعلاجات في الماضي!

 

الكوكايين – قطرات لعلاج وجع الأسنان

كان الدواء يُباع بدون وصفة طبية في الصيدليات منذ عام 1880 حتى بداية القرن العشرين. فقد أشاع سيجموند فرويد بفوائد الكوكايين في علاج الاكتئاب والعجز، في حين زادت شعبية الكوكاكولا بسبب وجود نسبة من العقار في مكوناتها آن ذاك.

كانت العديد من المشروبات والمقويات الطبية و أدوية علاج ألم الأسنان تحتوي على الكوكايين – وقد عانى المستخدمون على المدى الطويل من اضطرابات خطيرة في أنماط الأكل والنوم، والأوهام الذهانية والهلوسة، ناهيك عن الاكتئاب الشديد عند الانسحاب. تم حظر الكوكايين في الولايات المتحدة في عام 1920، ولكن بحلول ذلك الوقت كان للمخدرات بالفعل سوق رائج.

 

باير هيروين هيدروكلوريد – الهيروين

تم الترويج للعقار المسؤول الآن عن نسبة عالية من الوفيات الناجمة عن تناول جرعة زائدة من المخدرات باعتباره مثبطًا للسعال وكذلك كبديل أفضل وأكثر أمانًا للمورفين والكوديين. تم الترحيب بالهيروين بأذرع مفتوحة كعلاج فعال، وكان علاجًا رائجًا لأمراض الالتهاب الرئوي والسل وحتى نزلات البرد الشائعة.

تم التوقف عن تصنيع الهيروين في عام 1913 كعلاج، وتم حظره في الولايات المتحدة الأمريكية بحلول عام 1924.

 

الكلوروفورم

تم التسويق لعلاجات و أدوية تحتوي على نسبة عالية من الكلوروفورم، على أنه منشط فعال لأعراض البرد والتهاب الشعب الهوائية. في الواقع، في وقت مبكر من عام 1847، تم استخدام الكلوروفورم لتخفيف أعراض الربو وكمخدر عام.

وعلى الرغم من أن الدواء تم الترحيب به كبديل جيد عن الأثير، فقد ظهرت حالات عديدة من التداوي بالكلوروفورم تسببت بتوقف القلب أو الجهاز التنفسي. كما توفي العديد من المرضى بعد استنشاقه، ما دفع الأطباء للعودة إلى استخدام الأثير. على الرغم من ذلك، استمر استعمال الكلوروفورم في غسولات الفم والمراهم حتى عام 1976، حيث حظرت الإدراة الفيدرالية للأدوية استعمال الكلوروفورم للاستهلاك البشري بعد اكتشاف أنه أحد مسببات السرطان.

 

المورفين

في عام 1894، أطلقت السيدة شارلوت وينسلو شرابها المهدئ في ولاية مين الأمريكية. الشراب احتوى بين مكوّناته على كربونات الصوديوم والأمونيا المائية غير الضارة نسبيًا، باستثناء نقطة واحدة، فقد احتوى على 65 ملجم من المورفين لكل أونصة سائلة. تم الترويج لأشهر أدوية القرن الماضي بأنه مهدئ لآلام تسنين الأطفال.

لسوء الحظ، تعرض الأطفال لخطر الموت نتيجة تناول جرعة زائدة من المورفين. شجبت الجمعية الطبية الأمريكية الدواء باعتباره “قاتل أطفال” في عام 1911، وعلى الرغم من ذلك ظل استعماله في سوق المملكة المتحدة حتى عام 1930.

 

Ergoapiol

دواء مصنّع من الإرغوت والأبيول تم بيعه في أوائل القرن العشرين لعلاج عدم انتظام الدورة الشهرية. فطر الإرغوت استُعمل منذ العصور الوُسطى للسيطرة على النزيف ما بعد الولادة، وفي بعض الحالات لإجراء عمليات الإجهاض. مع ذلك، يُعتبر الإرغوت فطر شديد السمية يُمكنه أن يُقلل الدورة الدموية إلى أقصى حدود بحيث تتغلغل الغرغرينا.

أما الأبيول، فهو مركب مشتق من أوراق الكرفس والبقدونس. جرعات صغيرة منه قادرة على تحفيز الإجهاض وعلاج اضطرابات الدورة الشهرية، لكن كميات كبيرة منه تؤدي إلى تلف الكبد والكلى.

 

الباربيتور

الباربيتور المعروف باسم بنتوباربيتال تم اختراعه عام 1928 والتسويق له تحت اسم Nembutal. تم الترويج للعقار على أنه مهدئ معتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية واستُعمل لعلاج نوبات الأرق، لكن كان من الخطر استعماله لعلاج الأطفال العصبيين. من بين آثاره عل الأطفال إعاقة التفكير وردود الفعل البطئية، وسبّب الإدمان وكانت الجرعات الزائدة منه قاتلة.

 

Quaalude-300

الاسم التجاري لمركب الميثاكوالون، وهو دواء حائز على براءة اختراع في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1962. تم وصفه باعتباره مهدئ ومريح للعضلات وعلاجًا للأرق. في عام 1965، كان من المهدئات الأكثر شيوعًا في المملكة المتحدة، واحتل المرتبة السادسة في قائمة المهدئات الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة في سبعينيات القرن العشرين.

الآثار المدمرة لمادة المثاكوالون تتمثل في تقليله مع استجابة الجهاز العصبي المركزي، ويقلل معدلات التنفس والقلب، وخدر في الأصابع. كما أن الجرعات الزائدة منه أدت إلى الوفاة. ظل الدواء متداولًا في الولايات المتحدة حتى عام 1982.

 

التبغ

خلال منتصف القرن التاسع عشر، بدأ طبيبان بارزان يدافعان عن التدخين كعلاج للربو. أحدهما، الطبيب الإنجليزي هنري هايد سالتر، يعتقد أن الربو ناجم عن العصبية أو الإثارة، والتي قيل إنها تؤدي إلى تقلصات في عضلات الشعب الهوائية.

دعا سالتر إلى مجموعة من العلاجات المزعومة، بما في ذلك استخدام المنشطات، لاستخلاص ما أسماه “النشاط المهووس” من الرئتين. كما أوصى بأخذ التبغ وكذلك المهدئات مثل الكلوروفورم والستراميوم لتخفيف وقمع التهيج. كما نعلم الآن، يمكن للتدخين أن يؤدي في الواقع إلى تفاقم الربو – بل إنه يؤدي بالفعل إلى نوبات الربو – بدلاً من تخفيفه.

 

الأفيون

أحد أدوية الماضي الشائعة هو اللودانوم أو الأفيون وهو مستخلص كحولي يحتوي على حوالي 10% من مسحوق الأفيون. منذ عام 1676، تم الترويج له كمخدر قوي ومهدئ للألم لمختلف الحالات، وبحلول القرن التاسع عشر كان يستخدم لعلاج كل شيء من التهاب السحايا وتشنجات الحيض إلى الحمى الصفراء.

كما تم إعطاء الدواء كمهدئ للأطفال الرضع لعلاج آلام التسنين ومشاكل الأمعاء وانتفاخ البطن البطن والتشنجات. إلى جانب خصائصه التي تُسبب الإدمان، يُمكن للودانيوم أن يُسبب الإمساك والحكة وضيق التنفس. وأصبح استعماله في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة محدودًا للغاية ومقيدًا بوصفات طبية.

 

ميثامفيتامين

تحت اسم “نورودين”، تُعتبر الميثامفيتامينات من أخطر العقاقير الطبية المستعملة التي تؤدي إلى الانتحار بعد الإدمان عليها. ادّعى مروّجو نورودين أنه مفيد في تبديد الاكتئاب العقلي وله آثار جانبية قليلة على حد ما زعموا. لكن آثاره الجانبية تراوحت من فقدان الشهية، وطحن الأسنان، وعدم انتظام ضربات القلب، والأرق، وضغط الدم غير الطبيعي، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية. كما أنها تسبب بالإدمان الشديد وهو أحد أصعب التبعات للعقار.

المُثير في الأمر أن الميثامفيتامين يُستعمل اليوم كعلاج لاضطرابات السمنة وADHD.

 

المصدر

اقرأ أيضًا:

كيف تُؤثر ألوان الأدوية على فعاليتها؟!

ماذا يحصل إن تناولت الأدوية المُنتهية صلاحيتها؟

Exit mobile version