من بين المفاهيم السياسية التي نسمعها بين الحين والآخر، “حكومة تكنوقراط”. وهي بالتأكيد تختلف عن الديمقراطية أو البيروقراطية، وأصبحت اليوم اتّجاه بعض البلدان عندما تعجز حكوماتها عن تأسيس برلمان أو مجلس منتَخب، فيلوح في الأفق خيار تشكيل حكومة تكنوقراط. فما المقصود بالحكومة التكنوقراطية؟
ماذا يُقصد بمصطلح “حكومة تكنوقراط” ؟
تُعتبر كلمة “تكنوقراط” كلمة ذات أصل يوناني، وهي مكوّنة من شقّيْن: تكنو: وتعني الفن، وقراطوس: وتعني الحكم. بالتالي فإن ما يُفهم من هذا المُصطلح السياسي هو الحكم الفني أو حكومة فنية. بمعنى أكثر وضوحًا، تُعتبر حكومة التكنوقراط مذهبًا سياسيًا يمنح أهل العلم المختصين في مجالٍ ما، كالأطباء والمهندسين والأدباء والاقتصاديين، نفوذًا في الحياة السياسية.
هذا يعني أن الحكومة التكنوقراطية تختار صُنّاع قرار من الخبراء غير المنتَخبين لتقرير مصير البلاد ووضع مصلحة البلد فوق أي مصلحة حزبية أو سياسية أو عرقية. بذلك تكون حكومة التكنوقراط مختلفة عن الحكومة الديمقراطية التي تختار صُنّاع القرار من الأفراد المنتَخبين من الشعب لشغل مناصب سياسية وتقرير مصلحة البلاد. لكن التكنوقراطيين يتّخدون قراراتهم بناءًا على معرفتهم المستمدة من المنهج العلمي بدلًا من الرجوع للرأي العام.
حاز مفهوم “التكنوقراطية” على شعبيته في ثلاثينيات القرن العشرين، خلال فترة الكساد الكبير. ويعود الفضل في إحياء هذا المُطلح إلى هنري سميث في عام 1919 عندما وظّف المُطلح في مقالته عن الطرق والوسائل لكسب الديمقراطية الصناعية. مُشيرًا إلى أن الديمقراطية الصناعية يُمكن أن تنطبق من خلال دمج العمال في صنع القرار.
وعلى الرغم من أن البعض يجد في حكومة التكنوقراط ملاذًا لإنقاد البلاد، لكنها تُعتبر حكومة غير ديمقراطية. فهي غلّبت أصحاب الخبرة المهنية والتقنية على اختيار الشعب. كما أنها حكومة قائمة على نظام رأسمالي لدعمها الموارد المالية للمواطنين الأغنياء، وما ينتج عن ذلك من اضطهاد للطبقة العاملة. وتُركّز الحكومة التكنوقراطية على العلوم والمبادئ التقنية في الحكم، التي قد يُنظر إليها على أنّها منفصلة عن الإنسانية وطبيعة المجتمع.
اقرأ أيضًا: