ليش جبنة تشيدر لونها برتقالي وتصنع من حليب أبيض ؟

هل تساءلت يوما لماذا تبدو جبنة تشيدر برتقالية اللون في حين أن الحليب الذي تُصنع منه لونه أبيض؟ وهذ هذا يعني أن هناك إضافات وصبغات تُضاف للحليب عند صنع جبنة تشيدر أم ماذا؟ في هذا الموضوع سنجيبكم على هذا التساؤل.

الطبيعة الكيميائية والفيزيائية للحليب

يتكون عادة الحليب من حوالي 87% ماء و 13% مواد صلبة، كالدهون والبروتينات المختلفة، ومن أهم هذه البروتينات بروتين يُسمى الكازين، وهو على أربعة أنواع في الحليب ويُشكل حوالي 80% من بروتينات الحليب. وعادة ما تتوزع جزيئات الكازين كروية الشكل في كل أرجاء الحليب كون الشحنة الكهربائية التي يحملها البروتين سالبة، ما يعني أن جزيئاته تتنافر عن بعضها البعض ولا تتجمع وتترسب معا.

فيزيائياً، تظهر الأجسام البيضاء بهذا اللون نتيجة لنشر مستوى من الضوء ولا ينعكس أي جزء من الطيف المرئي في المنطقة المحيطة بطيف الضوء. من هذه القاعدة، نستنتج أن الحليب يظهر باللون الأبيض نتيجة قيام جزئيات الكازين وبعض الدهون المبعثرة في الحليب بتشتيت الضوء الموحد في جميع أنحاء الطيف المرئي.

هذه الحقيقة تُعيدنا مجددا إلى السؤال الذي طرحناه في البداية، وهو ما سبب كون جبنة تشيدر صفراء أو برتقالية اللون في حين أن الحليب أبيض؟

 

مراحل تطور صناعة جبنة تشيدر تاريخيا

قبل أن تتطور وسائل وأنماط الزراعة والرعي، كانت الأبقار ترعى في مراعي وفيرة بالأعشاب التي تحتوي على مادة بيتا كاروتين، وعند عملية هضم الأعشاب، فإن الصبغة الصفراء “بيتا كاروتين” تُخزن في الخلايا الدهنية للأبقار. وعند حلب الأبقار، فإن الدهون في الحليب تحتوي على كريات الصبغة وتكون الصبغة محاطة بغشاء من الدهون ومجموعات من البروتينات. ويظهر حليب البقر أبيضا بالنسبة للعين البشرية، وذلك يتوقف على نوع البقرة و والوقت من السنة والحقول التي ترعى فيها. لكن الدهون التي تحتوي على صبغة بيتا كاروتين تعمل على تحويل لون الحليب إلى أبيض كريمي أو في بعض الحالات لون مائل للصفرة قليلا.

وعند صناعة جبنة تشيدر من هذا الحليب الذي يحتوي على كريات دهنية تحتوي على صبغة بيتا كاروتين، فإن البكتيريا بمساعدة الحرارة تقوم بتحليل الغشاء الدهني عن الصبغة الصفراء ما يجعلها تظهر بوضوح ويُصبح تركيز الدهون مرتفع في الجبنة عن الحليب، هذا يجعل المنتج في النهاية يظهر باللون البرتقالي أو الأصفر. وتحتوي عادة جبنة تشيدر المصنوعة بهذه الطريقة على قرابة 32% دهون، ويكون لونها قريبا للون الزبدة وليس برتقاليا ظاهرا كما نراه في الجبنة هذه الأيام.

فلماذا أصبح اللون أغمق هذه الأيام؟

وفقا للبروفيسور بول كيندستدت، من جامعة فيرمونت، فقد عمد المزارعون في إنجلترا في القرن 16 و 17 الميلادي إلى كشط جزء من كريمة الحليب الطافية على وجهه قبل بيعه لصُناع الجبنة لصناعة الزبدة وبيعها على حِدة، هذا الأمر قلل نسبة الدهون في الحليب لتصنيع الجبنة. هذه الممارسة أدت إلى إنتاج جبنة تشيدر مائلة للون الأبيض على الرغم من احتفاظها بنفس الطعم اللذيذ. فقام المزارعون بإضافة مكونات أخرى للحصول على اللون البرتقالي مثل عصير الجزر أو الزعفران، لكن معظم صانعي الجبنة استعملوا بذرة أناتو الاستوائية ذات اللون البرتقالي كونها أرخص في السعر.

وفي القرن التاسع عشر، أصبحت مصانع الجبنة تزيد من تركيز الصبغة الصفراء لذلك وجدنا أن جبنة تشيدر أصبحت برتقالية وليست صفراء فاتحة. أما اليوم، فقد أصبحت مزارع رعي الماشية المنتجة للأجبان تعتمد على نظام تغذية جاف للماشية من الحبوب حتى يتسنى للمزارع التحكم في طبيعة المنتج النهائي مع التضحية بالقليل من القيمة الغذائية.

هذه التغذية الخالية من الأعشاب الطبيعية افتقرت لصبغة بيتا كاروتين الطبيعية ما جعل الجبنة المنتجة بيضاء اللون، ولإرضاء المستهلكين، تم إضافة صبغات صفراء أهمها الصبغة الصفراء المستخلصة من بذور نبتة أناتو الاستوائية. لهذا السبب تظهر جبنة تشيدر بلونها البرتقالي أو الأصفر على الرغم من أن الحليب أبيض اللون.

 

المصدر

اقرأ أيضا:

وش قصة اللون الزهري بالجبن؟

شركات عالمية تتوقف عن استخدام الألوان الصناعية في أشهر منتجاتها

Exit mobile version