هل سمعتَ من قبل عن ماركة “داسلر”؟ أو عن “شركة الأخوين داسلر المحدودة”؟ بالتأكيد لم تسمع عنها، لكنك بدون شك سمعتَ عن ماركتي أديداس وبوما الرائدتيْن في مجال الملابس والأحذية الرياضية. أما بخصوص شركة “داسلر المحدودة”، فهي الاسم الأول الذي جمع كلا الماركتيْن الشهيرتيْن قبل أن تقوم الحرب بينهما وينفصل كل أخٍ عن أخيه ليؤسس شركته الخاصة!
الإخوة الأعداء! الصراع الذي أدّى إلى ظهور ماركتي أديداس وبوما!
في بيت ريفي متواضع في منطقة بافاريا الألمانية، كان أدولف داسلر يُمارس مهنة عائلته التقليدية في دباغة الجلود وصناعة الأحذية الجلدية. وبعد أربع سنوات من ممارسته للمهنة، التحق به أخوه رودلف ليعمل في مهنة العائلة الأصيلة.
كلا الأخويْن ساعدا بعضيهما في العمل، بحيث كان أدولف متخصص في صناعة الأحذية الجلدية الأنيقة، بينما تمكّن رودلف بمهاراته التسويقية الفذّة من بيع هذه الأحذية. كلا الأخوين شكّلا ثُنائيًا رائعًا وذاع صيتهما في المنطقة كأبرع مصممي أحذية في بافاريا الألمانية.
ومع دخول موسم الأولمبياد، حيث استضافت برلين الأولمبياد في عام 1936، انشغلت شركة داسلر المحدودة بتصميم أحذية رياضية ذات مسامير مناسبة للعدّائين. ومن أجل الترويج لعلامتها التجارية الجديدة، تمكّن الإخوة من إقناع العدّاء الأمريكي “جيسي أوينز” بأن يرتدي حذاءًا يحمل ماركة داسلر بمسامير في نعل الحذاء. تمكّن أوينز من تحقيق أربع ميداليات ذهبية في الأولمبياد، ولك أن تتخيّل كيف ساهم هذا الإنجاز الأمريكي في فتح باب الشهرة على مصراعيه لشركة داسلر المحدودة. حيث أصبح الطلب على أحذية داسلر خياليًا، وتهافت الرياضيون على شراء هذه الأحذية.
شرارة الخلاف وعلاقتها بالحرب العالمية الثانية!
مع قرع طبول الحرب وقيام الحرب العالمية الثانية التي كانت ألمانيا جزءًا رئيسيًا منها بقيادة الحزب النازي، بدأ الخلاف يدب بين الأخويْن، خاصةً بعد ظهور النزعة النازية عند رودلف وتطوّعه في الجيش طيلة فترة الحرب، فيما تطوّع أخوه أدولف لمدة عام واحد فقط ولم يكن مهتمًا بالنازية بقدر اهتمام أخيه.
من هنا يُعتقد أن شرارة الخلاف قد بدأت. فقد وقع رودلف في أسر الجنود الأمريكيين، حيث تم اتّهماه بالانتماء إلى منظمة Waffen SS النازية سيئة السمعة. ويقول الناظرون في تاريخ الخلاف بين أديداس وبوما أن السبب الرئيسي لهذا العداء الأزلي ظهر بعد أن وقع رودلف في الأسر، حيث اتّهم أخيه أدولف بأنه من وشى به للجيش الأمريكي وتسبب في أسره لينفرد بشركة داسلر وينجح بالتسويق لأحذية الشركة في السوق الأمريكي.
ولادة أديداس وبوما وانتهاء الشراكة في داسلر!
بعد أن وضعت الحرب أوزارها، انشقّ الأخوان عن بعضهما البعض، وتمزّقت الشراكة التي كانت من أنجح شراكات الشركات الرياضية، حيث شُطب اسم “داسلر” من السجلات التجارية وظهرت شركتين جديدتيّن هما شركتي أديداس وشركة بوما.
فقد أسس أدولف شركته الخاصة وسمّاها “أديداس” وهو اسمٌ من شقيّن هما “أدي” نسبةً لاسم مؤسسها، و”داس” من اسم عائلته. فيما أسّس شقيقه رودلف شركة “رودا” التي غيّرها لاحقًا إلى “بوما”. لم يتوقّف الأمر عند هذا الحد، فبعد أن شاع الخبر في المنطقة بشأن النزاع والانشقاق بين الإخوة، انشقّ سكان المنطقة التي تقطن بها عائلة داسلر، وبدأ كل شخص بارتداء الماركة التي يميل إلى صاحبها حتى أصبح الحي بأكمله في تنازع وتناحر!
لم يعد الخلاف عائليًا فحسب، بل عمّ أرجاء المنطقة التي كان الأخوان يسكنانها، ولم تنجح كل سبل حل هذا الخلاف في حياة الأخوين حتى ماتا والخلاف لا زال قائمًا بينهما.
أما اليوم، تُعتبر شركتي أديداس وبوما من أشهر الماركات الرياضية العالمية، وتمتلك كل شركة عشرات الآلاف من الموظّفين وحقّقت كليهما أرباحًا بمليارات الدولارات. وتوسّع مجال كلا الشركتيْن ليشمل منتجات رياضية عدا الأحذية كالملابس والمستلزمات الرياضية المختلفة.
اقرأ أيضًا: