طب و صحة

لماذا نشعر بالراحة بعد البكاء ؟

مهما كان السبب الذي بكيتَ لأجله، لكنك في كل مرة تنضب فيها دموعك وتكف عن الانهمار، تشعر براحة غريبة مُحببة، كما لو أنك تخلَّصت من ثقلٍ كبير لم تكن تعلم أنك تحمله! هذا يعني أنه بغض النظر عن سبب البكاء، سواء حزنًا أو فرحًا، لكن يبدو أن البكاء جيد بالنسبة لنا! لكن هل تعلم السبب في شعور الراحة الغريب بعد أن تبكي؟

بكاء

 

لماذا نبكي؟

البكاء هو أحد الأشياء الفطرية التي خُلقنا ونحن نعرف كيف نفعله. لكن ومن بين جميع المهارات التي اكتسبناها في الحياة وبإمكاننا تطويرها، ما هي فائدة البكاء؟ حسنًا، في البداية عليك أن تُدرك أن هناك أنواع مختلفة من الدموع. فالغدد الدمعية تُنتج دموعًا تُعرف باسم الدموع القاعدية، وهي أساسية للحفاظ على القرنية “سطح العين”، وتعمل كسائل “تشحيم” للقرنية.

بكاء

كما تُنتج هذه الغدد أيضًا مزيدًا من الدموع عندما تتأثر بعامل مهيّج غريب، كأبخرة أو ذرات غبار، من أجل إغراق العين وتوفير درع حماية. كما يتم تحفيز الدموع العاطفية عندما يتفاعل جزء من الدماغ يُعرف باسم “limbic portion” مع استجابة عاطفية معيّنة. ومن المُثير للاهتمام أن هذه الدموع التي تُحفّزها العواطف تختلف في تركيبها الكيميائي عن الدموع التي تُنتجها الغدد الدمعية للحفاظ على سلامة العين. فدموع العواطف تحتوي على عدة هرمونات عديدة، مثل هرمون البرولاكتين، وهرمونات الغدة الكظرية، والأندروفين الطبيعي الذي يُعتبر بمثابة مخدّر للألم.

وعن فوائد البكاء بالنسبة للناحية الجسدية، فإن إنتاج الدموع يُساعد على خفض مستويات الكورتيزول عندما نكون في موقفٍ يُسبب الضغط، ما يُنشّط الجهاز العصبي الودي الذي يعمل على إبطاء معدل ضربات القلب ويُساعدك على الشعور بالراحة. ومن ناحيةٍ أخرى، يُعتبر البكاء بمثابة إشارة للمقرّبين منك بأنك تحتاج إلى التسكين وبعض “الطبطبة”.

 

لماذا نشعر بالراحة بعد البكاء؟

عندما تمر بموقف سيء، اسمح لنفسك بالبكاء لأن ذلك سيؤدي بالنهاية إلى شعورك بالسكينة والهدوء. فالهرمونات التي ذكرناها من قبل تلعب دورًا أساسيًا في ضبط حالتك المزاجية، والأندروفين في الدموع يُخفف الألم بطريقة طبيعية ما يُمنح شعورًا بالشفاء والراحة.

فوائد البكاء

كما أن العامل الاجتماعي يلعب دورًا بارزًا في هذا الخصوص. فرؤية شخص ما يبكي تدفعنا إلى مواساته والتخفيف عنه وتعزيز المشاعر الدافئة، ما يمنحه في النهاية راحة كبيرة ويُحسّن ذلك من مزاجه بشكلٍ ملحوظ. أما من يعملون على كبت مشاعرهم وعدم السماح لدموعهم بالانهمار، هؤلاء يختبرون مشاعر سلبية أكثر من غيرهم ويتأثر مزاجهم سلبًا بذلك.

 

هل ذلك يعني أن امتناعك عن البكاء أمرٌ سيء؟

تُظهر الأبحاث أن النساء تبكي عادةً أكثر من الرجال. قد يكون ذلك بسبب هرمون التستوستيرون لدى الرجال الذي قد يمنع انهمار الدموع، ومستوى هرمون البرولاكتين المرتفع لدى النساء الذي يُعزز من عمل الغدد الدمعية. كما أن العوامل الاجتماعية والثقافية تجعل من ثقافة البكاء تختلف من بلد لآخر كما ذكرنا من قبل، وفي بعض البلاد يُعتبر بكاء الرجال “عيبًا” ونادرًا ما نرى رجلًا يبكي حتى تحت أصعب الظروف.

بكاء

ويُشير الخبراء أن منع نفسك من البكاء قد يُسبب لك مشاكل طويلة الأمد من الناحية النفسية والجسدية. فعدم السماح لنفسك بمعالجة الجزء العاطفي منك سيُسبب لك الاكتئاب والتوتر على المدى الطويل، وهي مشاكل تتفاقم مع الوقت ويصعب حلّها عندما تتراكم.

كما أن منع دموعك من أخذ مجراها الطبيعي بالانهمار تحت بعض الظروف يُسبب العديد من المشاكل الجسدية مثل الصداع، وآلام المعدة بفعل الكبت. والسماح بنفسك بالبكاء يُساعد الجسم على التخلص من السموم وخفض مستوى هرمون الكروتزول المرتبط بالتوتر.

لا عيب في البكاء تحت بعض الظروف، سواء كُنت ذكرًا أم أُنثى، اسمح لجسدك بالسير في مجراه الطبيعي والعمل على علاج جراحه بنفسه عبر الدموع، وستختبر فوائد ذلك بنفسك!

 

المصدر

اقرأ أيضًا:

لماذا تشعر برغبة في البكاء دون سبب على متن الطائرة؟

ماذا سيحدث إذا توقفنا عن البكاء؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى