ليش ما تطبع الحكومات فلوس كثير ويصير الكل غني؟

يحلم الجميع بامتلاك ثروات ضخمة من الأموال يحقق فيها كل أحلامه، فيقضي الإنسان أكثر من نصف عمره وهو يحفر في الصخر لأجل ذلك، ويحاول الفقراء كسب قوت يومهم بشق الأنفس. فلماذا لا تقوم الحكومات في العالم بحل يساعد الجميع كطباعة الأموال حتى يصبح الجميع أثرياء وبالتالي إنهاء أزمة الفقر والفقراء؟ لكن هل هذا أمر منطقي وطبيعي؟!

لتوضيح الأمر دعونا نبدأ بمثال، سنفترض أن هناك ثلاثة أشخاص يعيشون في البلاد، ويتشاركون بـ 3000 ريال، وهناك 3 كيلوجرامات من سلعة ثمينة متوفرة، بسعر 1000 ريال لكل كيلوجرام. سيحصل الأول والذي تبلغ قيمة أصوله 1500 ريال على كيلوجرام ونصف من السلعة، أما الثاني فسيحصل على كيلوجرام واحد، والأخير على نصف كيلوجرام.

دعونا نتخيل الأمر بشكل مختلف، فجأة أُعطي كل واحد منهم 5000 ريال بالإضافة لما معهم مسبقًا، ستزيد الأموال لكن لاحظ أن ما هو موجود من السلعة 3 كيلوجرامات فقط، نعم سيستطيع الجميع الشراء لكن بأسعار أعلى، حيث ستخرج هذه الأسعار عن المعقول!

ورقة بقيمة 10 مليون دولار زيمبابوي

هنا ستزداد الأمور سوءًا، وسيصبح حينها التضخم خارج السيطرة، وستفقد العملة قيمتها، حيث تصبح في يد الجميع، وهو ما يؤدي لارتفاع كبير في الأسعار، وهنا لن تكون الحكومة قادرة على طباعة الأوراق المالية نظرًا للسحب الكبير منها وعليها، حينها لن يكون أمام الحكومة من خيار سوى تغيير عملتها. وهو ما حصل في زيمبابوي حيث تعادل قيمة 35 مليار دولار زيمبابوي دولارًا أمريكيًا واحدًا!

لذلك أوقفت الحكومة في زيمبابوي عام 2009 التعامل بالدولار المحلي واستبدلته بالدولار الأمريكي أو الراند الجنوب الأفريقي، حيث وصل سعر السنت الأمريكي الواحد إلى 500 مليار دولار زيمبابوي عام 2008. فلن تصدق أن رغيف الخبز الواحد يمكن شراؤه بـ 65 مليون دولار زيمبابوي!

كما أن الأمر يرتبط بالعرض والطلب واللذان يحددان سعر وقيمة السلعة أو المنتج أو الخدمة، فلو فرضنا أن الأموال أصبحت في يد الجميع فسيكون هناك طلب عالٍ والعرض بنسب ثابتة أو قليلة، وبالتالي سترتفع الأسعار نتيجة لزيادة حجم الطلب عليها، ولن تكون هناك قيمة للعملة.

هذه الصورة في زيمبابوي ومكتوب على اللافتة ملياردير جائع!

طباعة الأموال دون وضع الإنتاج بعين الاعتبار، سيؤدي إلى التضخم، فحين تقوم الدولة بطباعة الأموال فهي تضخ العملة بشكل كبير وهو ما سيؤدي لإفقادها قيمتها السوقية. فطباعة الأموال لا تتم إلا باتخاذ العرض والطلب والإنتاج بالحسبان، وإلا فسيحصل ما تخشاه الدول وهو التضخم الحاد.

ومثاله ما حدث في زيمبابوي حيث أصبح جميع أفراد الشعب مليونيرات ومليارديرات، لكنهم في المقابل غير قادرين على شراء شيء وذلك بفعل ارتفاع أسعار الخدمات والسلع في البلاد. فحل أزمة الفقر يعتمد على زيادة الإنتاج ودعم المشاريع في المجالات المختلفة، وليس طباعة الأموال.

هذه الصورة ليست لرجل أعمال ينتظر صفقة كبيرة، إنما فهو يحمل رزم الأموال هذه لدفع فاتورة لوجبة طعام في أحد مطاعم زيمبابوي!

 

المصدر

Exit mobile version