تُعتبر المُدن بأنها المكان المثالي للعيش إذا ما كُنت تُريد الوصول بسهولة لجميع المرافق والأماكن، لكن هذه المُدن تأتي مع مشكلة التلوث بفعل الصناعة والسيارات وغيرها، ولعل أكبر المشاكل في المُدن هي التلوث الضوضائي، وخاصة إن كنت تعيش في مكان قريب من مطار، فإن حياتك ستكون كارثية بلا شك بفعل ضجيج الطائرات، وأمستردام هي واحدة من هذه المُدن التي تقع بجانب مطار سخيبول الذي من شأنه أن يُصدر ضجيج عالي يُؤثر بشكل ملحوظ على حياة السكان، لكن السلطات في هذه المدينة جاءت بفكرة بارعة للغاية من أجل علاج هذه المشكلة.
ما سر هذه التلال الحادة بجانب مطار أمستردام؟
يقع هذا المطار على بُعد 9 كم فقط من وسط المدينة، وهو مشغول جدًا في جميع الأوقات، حيث تجري به أكثر من 479 ألف رحلة كل عام، في المُتوسط 1300 رحلة كل يوم. الآن يُمكنك أن تتخيل مدى مُعاناة الناس الذي يعيشون في أمستردام، وهم الذين يكونون قادرين على سماع صوت ضوضاء الطائرات من على مسافة تصل إلى 28 كيلومتر، وذلك بسبب الأرض المُسطحة التي يقع عليها المطار، وكذلك المساحة المُحيطة به، وهي التي تفتقر لأي وديان أو تلال من شأنها أن تُقلّل من الضوضاء.
استعانت السلطات بشركة الهندسة المعمارية H+N+S، والفنان بول دي كورت، من أجل العمل معًا لحل هذه المشكلة دون التأثير على خدمة الطيران. وقبل الاستعانة بالمهندسين المعماريين، لاحظ موظفو المطار أن مستويات الضوضاء انخفضت عندما تم حرث الحقول القريبة، ثم طُلب من المهندسين معرفة كيفية تأثير الطوبوغرافيا المُعدلة على انتقال الصوت.
قام فريق المُهندسين بالبحث في فيزياء انتقال الصوت، واكتشف عالم الفيزياء الألماني والموسيقي إرنست شلدني، بأنه يُمكن حل هذه المشكلة من خلال إنشاء سلسلة من التحويطات، والتلال الحادة جنوب غرب المطار. هذه التلال كان يصل إلى ارتفاعها إلى 36 قدمًا، وهو نفس الطول الموجي للضجيج القادم من المطار، ونتيجة لذلك، انخفض مستوى الضوضاء من المطار إلى قُرابة النصف.
وقد غُطيت هذه الحواف والخنادق المُصمّمة للتعامل مع الضوضاء بالعشب الأخضر، وتم تحويل المكان بأكمله إلى حديقة حول المطار، وتم صناعة شبكة مُشاة مُتقاطعة ومسارات للدراجات في هذه الحديقة التي أصبحت بعد ذلك موطنًا للأعمال الفنية الصوتية الخاصة.
