لماذا يفضل الخليجيون العطور العربية أكثر من الغربية؟

العرب هم أول من اكتشف العطر، فاستخدم المصريون القدماء زهرة اللوتس، حيث كانوا يستخلصون عطرها ويضعونه في أوعية الفخار، ويدفنونه في حجراتهم؛ خوفًا من نفادها. ويعد خشب العود الأصل في العطور العربية، ويليه فرعه دهن العود.

المسك والعنبر والعود هي التركيبة الأساسية للعطور العربية، والذي يكمن سره في تحضير التركيبة من خلال استخدام مجموعة من الزيوت كالزعفران، واللبان، والورد الطائفي. فللعطور العربية مكانتها الكبيرة التي تحظى باحترام كبير في المجتمعات الخليجية. تتراوح أسعار العطور العربية الأصلية من 100 ريال إلى عشرة آلاف ريال، فالعود هو الذي يحدد سعر العطر. فمع اكتظاظ الأسواق بالعطور هل حلت العطور الغربية محل العطور العربية؟

العطور العربية جزء هام في حياة المجتمعات الخليجية تعبر عن الأصالة والعراقة وكرم الضيافة، والتي تستخدم في الأفراح والأعياد والمجالس. وبحسب صحيفة البيان الإماراتية فيبلغ حجم سوق العطور في الشرق الأوسط تقريبًا 3.9 مليارات دولار وهو ما يمثل 20٪ من حجم سوق العطور في الولايات المتحدة الذي يعتبر أكبر سوق في العالم.

وبحسب صحيفة الرياض فإن السعودية تستهلك 60% من حجم سوق العود في العالم، وأكثر المناطق استهلاكًا للعود في العالم هي مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ثم الرياض ثم دبي، وبقية دول الخليج، ومن ثم اليابان. ويقدّر عبدالله الدويش نائب رئيس مجلس إدارة شركة العربية للعود حجم مبيعات العود ودهن العود في السعودية بنحو 3 مليارات ريال سنويًا. بمعنى أن هناك إقبالًا واسعًا على هذه العطور، وأن العطور الشهيرة من ديور، وإيف سان لوران، وشانيل، ونينا ريتشي، وبربري، وغوتشي، وإسكادا، وكارولينا هيريرا، وجيرلان لم تحل مكانها أبدًا، فلا يزال الطلب على العطور العربية كبيرًا.

وهناك أسباب كثيرة تدفع الخليجيين للتمسك بعطورهم الأصلية على الرغم من ارتفاع أسعارها في كثير من الأحيان، والذي يعود لارتفاع سعر خشب العود المستورد من الدول الآسيوية. وتعمل اليوم شركات العطور الغربية على استهداف المستهلكين الخليجيين الذين ينفقون أموالًا كثيرة على العطور، من خلال إضافة رائحة العود ومشتقاته إلى عطورها. فرائحة العود الطيبة أحد أهم أسباب التمسك بالعطور الشرقية. وكذلك لم يعد الميل على هذه العطور مقتصرًا على العرب.

فبحسب الشيخ عبدالعزيز الجاسر رئيس مجلس إدارة العربية للعود فإن 80% من المبيعات في المملكة المتحدة وفرنسا هي لغير العرب، و40% من الأمريكيين، و60% موزعة بين الجنسيات الأوروبية والأفريقية.

كيف يتكون العود؟

العود عبارة عن إفرازات دهنية تنتجها شجرة العود المصابة بالفطريات دفاعًا عن نفسها وحماية للأجزاء غير المصابة فيها، يتحول خلالها الخشب الأبيض إلى خشب داكن اللون يتأرجح لونه بين البني والأسود الغامق. فهذه الفطريات هي التي تؤدي لإفراز العود. ويتم ذلك بطريقتين، الأولى الطريقة الطبيعية وهي التي تقوم فيها بعض أنواع الحشرات بجرح الساق جرحًا عميقًا، أو من خلال الطريقة الميكانية، حيث تقوم الآلات بإحداث الجرح للشجرة.

وسبب ارتفاع سعر العود، هو القطع الجائر لهذه الأشجار، منذ العصر العباسي، كما أن رحلة البحث عنه وما تتضمنه من مواجهة مخاطر الحيوانات المفترسة والسامة، وطول مدة هذه الرحلات التي قد تصل إلى شهور في بعض الأحيان أسهمت في ارتفاع ثمنه.

ويعتبر العود القديم النادر من هدايا الملوك والأمراء وكبار الشخصيات، وتصل بعض أسعار الكيلوجرام الواحد نحو 80 ألف ريال متجاوزًا سعر كيلو الذهب، ولهذا السبب سمي هذا النوع من العطور بهدية الملوك.

فيميل الخليجيون للروائح القوية، ولتركيبة هذه العطور سحر خاص لا يقاوم، فرائحتها قوية جدا. وتقول شركة العربية للعود أن العطور العربية بقيت محافظة على مكانتها ومطلوبة أكثر من غيرها أيضًا، كون هذه العطور هي المفضلة لدى الخليجيين، فللعود ودهن العود والعنبر رائحة زكية، وتبقى فترة أطول على الملابس.

ويتم استيراد المواد التي تدخل في صناعة العطور العربية من أماكن مختلفة، فيتم استيراد الورود والأعشاب والزيوت من فرنسا، أما الدول الآسيوية مثل الهند، والصين، وكمبوديا، وماليزيا، وإندونيسيا، فتعد أسواق مصدِّرة للعود والذي يعد المكون الأساسي للعطور العربية. فالإقبال على العطور الشرقية بسبب هذا المكون الذي يعد غنيًا برائحة قوية، تكون أكثر ثباتًا من أي رائحة أخرى. لا يقتصر الإقبال على الخليجيين، إنما بدأ الطلب من الغربيين خاصة بعد إدخال العود إلى العطور الغربية.

وبعد العود يعد الورد الطائفي من أهم مكونات العطور، والذي يعد من أغلى الأنواع، وكذلك العنبر الذي يُستخرج من قيء الحوت. وللعطور العربية مصادر متنوعة، فالمسك الأبيض يستخرج من بعض جبال الهند حيث يتكون بصورة طبيعية عندما تتفاعل بعض أنواع صخور الجرانيت مع تقلبات الجو من حرارة ورطوبة وأمطار، ومن خلال هذا التفاعل تتكون داخل صخور الجرانيت كتل صخرية يميل لونها إلى اللون الأصفر، وهي ما يعرف بالمسك الأبيض.

أما المسك الأسود فيتميز برائحة قوية عطرة، وتعد أنثى الغزال المصدر الوحيد له، حيث يراقبها الصيادون المتخصصون لفترة طويلة حتى يتأكدوا من حالتها الصحية، وبعد صيدها يسخرجون من سرتها المسك الأسود الذي يكون على هيئة كتلة متجمدة من الدم.

فالعطور العربية أكثر فخامة بمكوناتها ومحتوياتها التي تحمل الرائحة الشرقية القوية، والتي تبقى لفترات طويلة على عكس العطور الأخرى التي لا تستمر رائحتها فالعود من أقوى الروائح وأطيبها وأزكاها. ومن الأسباب الأخرى التي تجعل الخليجيون لا يفضلون العطور الغربية أنها تحتوي على نسب عالية من الكحول، فالعطور الشرقية حلال حيث لا تدخل في تصنيعها الكحول. فعتمد في تركيبتها على العود والورود والمسك والعنبر والزيوت والأعشاب.

وتعد المملكة العربية السعودية والإمارات أهم الدول التي تصنع العطور الشرقية، وتتوزع بعض المعامل الصغيرة في دول مختلفة. وهناك شركات كبيرة لها تاريخ عريق في صناعة أجود أنواع العطور العربية، مثل: عبد الصمد القرشي، ودرعة للعطور، والعربية للعود، والحرمين، والرصاصي، وهند العود، وياس للعطور، والسويسرية العربية للعطور، وأجمل للعطور، وتي إف كيه.

المصدر: 1 ، 2 ، 3

Exit mobile version