ما يذكره الغرب عن حرب فيتنام لا يتعدى مجموعة من الصور الأيقونية التي التقطتها عدسات المصورين الغربيين والأمريكيين خلال الحرب. لكن بعض المصورين من الفيتناميين الشماليين والفيتكونغ التقطوا مئات الصور من زوايا مختلفة خلال ظروف محفوفة بالمخاطر لتوثيق أكبر قدر ممكن من الحرب ولتبقى شاهدة على ما حصل في فيتنام.
العديد من هؤلاء المصورين كانوا يعملون لصالح وكالة الأنباء الفيتنامية، جبهة التحرير الوطني، جيش فيتنام الشمالي أو الصحف المحلية المختلفة. آخرون كانوا من المدنيين العصاميين ممن امتلكوا كاميرات وقرروا توظيفها لصالح الحرب. وظلّت هذه الصور نادرة ولم يشاهدها الغرب حتى ظهرت مؤخرا بفضل مصور صحفي يُدعى “دوغ نيفن”.
فعندما توجه المصور الصحفي “دوغ نيفن” إلى هانوي للاطلاع على صور الحرب من وجهة النظر الفيتنامية، صُدم عندما لم يجد أي موروث من هذه الحرب التاريخية ولا حتى كتاب فيتنامي شمالي للحرب! وكل ما عثر عليه مجموعة من المنشورات الفيتنامية القليلة وبعض الصور التي نجت. هذا الأمر دفعه للبحث عن الصور الفيتنامية للحرب وجمعها منذ أوائل عام 1990م.
بدأت مسيرة نيفن الطويلة بالبحث مع القنوات الرسمية ووكالات الأنباء الحكومية. ثم عمل من خلال جمعية للمصورين الذين علموا في الحرب. وكان نيفن أحد الناجين من الحرب، إذ كان ينجو مصور واحد من كل 10 مصورين خلال الحرب الذين لقوا حتفهم بفعل القنابل والتفجيرات أو بفعل انتشار الأمراض كالملاريا والدوسنتاريا. وخلال بحث نيفن عثر على مصور يمتلك كاميرا بها فيلم لم يفتح مطلقا خوفا من تدميره لأن الكاميرا كانت بحالة يُرثى لها، لكن الإرث الذي وثقه الفيلم لم يكن يُقد بثمن!
فخلال الحرب، كانت الظروف الصعبة تُجبر المصورين على العمل بأبسط الأدوات خلال تحميض الصور، البعض منهم كان يخلط المواد الكيميائية في أطباق الطعام ومعالجة الصور بأنفسهم بفعل المخاطر المحيطة. ونجا عدد قليل من الصور قُدِّر عددها بـ180 صورة من أصل الآلاف من الصور، كما طُبع كتاب بعنوان: “فيتنام الأخرى، صور للحرب من الجانب الآخر”، والذي نشرته ناشيونال جيوقرافيك عن صور الحرب.
حرب فيتنام كما وثقتها عدسات المصورين الفيتناميين الشماليين