متعهدة فن القط العسيري تترجم حلمها إلى واقع

لا زال إبداع النساء السعوديات متواصلا وملموسا في العديد من الجوانب المختلفة والفريدة في المجتمعات الخليجية خاصة والعربية والدولية عامة، ففي قصة عشق فريدة لفنون التراث القديمة، قامت فاطمة الألمعي بافتتاح متحفها الصغير لفنون النقش والمعروف محليا بإسم فن “القط” داخل منزلها، وضم هذا المتحف الفريد قرابة 400 قطعة فنية تتنوع بين الجدران والأواني الفخارية والكراسي “التختات” واللوحات والصناديق وتحفيات وفنون القط العسيري الذي يختلف باختلاف بيئات المنطقة سواء في دقته أو مساحته اللونية أو دلالات مفرداته.

متحف فاطمة، عبق التراث وإحياء لفن القط العسيري

متحف فاطمة، كما أطلقت فاطمة الألمعي على متحفها نسبة إلى الفاطمات أي كل النساء، أرادت من خلفه تأصيل الفنون التراثية وإحيائها من جديد ليكون لهذه الفنون مستقبل مزهر في زمن العولمة والتطور التكنولوجي الذي طال الملابس والديكورات، فقد ضم متحف فاطمة قطعا أثرية من فن القط منقوشة بأنامل ذهبية لمتعهدة القط العسيرية “الألمعي”، ولم يقتصر التطريز على الشاكلة العسيرية فقط، بل اشتمل المتحف على الثوب المكمم من نجران، الميل من جازان، المجيب والمجنب والنطع والمزر وحلة العروس وغيرها العديد من المنقوشات التراثية المذهلة.

بدايات الألمعي في فن القط العسيري

حول بداية اهتمامها في فن القط فإن الألمعي تعزو سبب نجاحها الكبير في هذا المجال إلى معلمتها رائدة فن القط العسيري فاطمة أبو قحاص، التي كانت قد افتتحت متحفها الخاص بهذا الفن ولازمتها الألمعي لتعلم كل ما أمكن من النقش حتى توفيت أبو قحاص قبل أربع سنوات ما أعطى الألمعي إشارة إلى ضرورة افتتاح متحفها الخاص والسير على خطى معلمتها التي غرست فيها حب التراث القديم وشجعتها على إحياء هذا الفن الشعبي العريق، فكان التخطيط للمشروع على قدم وساق وقدم زوج فاطمة الألمعي المساندة والمساعدة لها كونه مهتم في الأمور التراثية وأضاف إلى متحفها لمسة حضارية حديثة من خلال تزويد المتحف بشاشة عرض مرئي تُمكن الزائرين من الاطلاع على تاريخ القط في عسير وملابس المرأة التقليدية في المنطقة وتاريخها وشراكة المرأة للرجل فيها، فكان المتحف تحفة فنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

يُذكر أن الألمعي تشجعت للسير في هذا الطريق كونها سيدة تربت وسط التراث، إذ يُعرف عن المرأة العسيرية تمسكها بالزي التراثي الشعبي ومنديلها الأصفر، حتى كبار القبائل العسيرية تتزين مجالسهم وبيوتهم بنقوش القط المختلفة في جماليتها وأناقتها، إضافة إلى ذلك حرصت الألمعي على إبراز فن القط بفعل انحساره تدريجيا وغيابه عن أزياء الجيل الجديد، فأرادت من خلف هذا المشروع إعادة بث روح التراث وعبق الماضي في الجيل الجديد لزرع حبه في الصدور والحفاظ عليه من الاندثار.

مميزات فن النقش العسيري “القط”

تُعرف الألمعي فن القط بأنه عبارة عن خطوط ونقوش وتشكيلات جمالية يقوم بعملها نساء متخصصات في هذا المجال، ويتميز النقش العسيري باستعمال الألوان الزاهية الطبيعية كالأزرق والبرتقالي والأخضر والأبيض والأسود، إذ كانت المرأة قديما تستخرج هذه الألوان البراقة من الطبيعة لتزين بها منزلها، هذا وإن دل على شيء فإنما يدل على الحس الفني المرهف المزروع في فطرة المرأة السعودية والعسيرية على وجه الخصوص.

أقسام متحف فاطمة لفنون القط العسيرية

يشمل المتحف ثلاثة أركان رئيسية: الأول منها مخصص للقط في رجال ألمع، والثاني للقط في عسير السراة وبلاد قحطان، أما الركن الثالث فهو خاص بالملابس التقليدية في نجران وجيزان وعسير، وتمثِّل الأثواب المعروضة ملابس الفلاحة والرعي، إضافة إلى المصوغات والحلي النسائية المشغولة من الفضة وإلى ذلك، يضم المتحف ركناً لبعض المؤلفات عن تراث عسير، وتقول الألمعي إنه نواة لمعرض، تطمح إلى أن يكون أكبر بكثير ويضم تفاصيل زينة المرأة في كل مناطق المملكة.

وأوضحت الألمعي أنها تستخدم حاليا في نقوشها أقدم أنواع البويات، وأن العمل يستغرق من أسبوع إلى نصف شهر، تبعا لطبيعة النقش وحجم اللوحة المنقوشة، وحاليا تعتبر الألمعي مدربة معتمدة من مركز الفكر الناجح ومشرفة على العديد من الدروات التدريبية للنقش العسيري، وقامت حتى اللحظة بتدريب أكثر من 150 متدربة في عسير بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون وجمعية آباء.

المصادر

1 ، 2 ، 3 ، 4

Exit mobile version