خوانا ماريا.. ضلت الطريق فعاشت وحيدة في جزيرة 18 عامًا!

“روبنسون كروزو” كانت أولى الروايات الإنجليزية كتبها دانيال ديفو، وتدور أحداثها حول شاب تقطعّت به السبل في سواحل إحدى الجزر، وقد استحوذت الرواية على اهتمام القرّاء والنقاد، فقد شحذت الخيالات والآفاق منذ إصدارها للمرة الأولى عام 1719. فهي انعكاس لتجارب قد تحدث في الواقع!

هناك رواية أخرى ربما هي أقل شهرة “جزيرة الدلافين الزرقاء” للكاتب الأمريكي “سكوت أوديل” والتي تتحدث عن حكاية الفتاة كارانا 12 عامًا، والتي تخلّف أخوها الصغير الذي يبلغ ست سنوات عن الوصول إلى السفينة، التي تغادر القبيلة على متنها، فتقفز وتسبح حتى الشاطئ لإنقاذ أخيها. فتغادر السفينة وتبقى كارانا وأخوها، وبعد عدة أيام تفقده لتجده ميتًا، فتبقى الفتاة وحيدة في الجزيرة.

فكيف حالنا لو تخيلنا أن هذه الأحداث قد تحصل في الحقيقة؟ فهل تخيلت من قبل أنك قد فُقدت في مكان معزول عن العالم الخارجي؟ ربما هي ذات الأفكار التي تسيطر على تفكيرك حين تسمع عن غموض مثلث برمودا وحوادث الاختفاء في المدارات الزمنية اللامتناهية!

سان نيكولاس، جزء من أرخبيل جزر القناة في كاليفورنيا، وهي جزيرة جرداء وصخرية. وقد أصبحت قاحلة بعد أن اختارتها القوات البحرية الأمريكية لاختبار أسلحتها النووية. وبعد صدور كتاب “جزيرة الدلافين الزرقاء” أصبحت جزيرة سان نيكولاس تُعرف باسم جزيرة الدلافين الزرقاء.

أما بطلة قصتنا الحقيقية هي خوانا ماريا والتي تم اكتشافها عام 1853م، حيث عاشت وحيدة في تلك الجزيرة لمدة 18 عامًا. حين عُثر على ماريا كانت ترتدي ثوبًا من ريش طائر الغاق، أما بيتها فكان من عظام الحيتان!

عاشت القبيلة التي تنحدر منها ماريا “نيكولينو” في جزيرة سان نيكولاس منذ 10 آلاف عام، قبل أن يتم اكتشاف وجودها حيث تعرضت لهجوم من قبل تجار الفراء الروس وصيادي ثعالب الماء، فذبحوا الرجال واغتصبوا النساء. وهو السبب الذي أدى لهجرة أفراد القبيلة إلى مكان آخر بعد هذا الهجوم الوحشي عليهم.

عرف رهبان الفرنسيسكان بهذه الحادثة، وعلموا أن هناك قلة من سكان القبيلة لا تزال تعيش على أراضي الجزيرة، فأرسلوا قاربًا لهم للرحيل عنها، لكن ذلك الأمر فيه بعض الغموض.

ومن هنا تبدأ القصة، حيث يُقال أن جميع أفراد قبيلة نيكولينو قد صعدوا إلى السفينة، باستثناء شخصين، البعض يقول أنهما امرأة وطفل. وهناك قول آخر وهو أن سيدة اكتشفت عدم وجود طفلها على متن القارب فقفزت وسبحت إلى الشاطئ للبحث عنه وإحضاره. لكن المرأة ذهبت بلا رجعة، فأخذت عدة قوارب تبحث عنها دون أي جدوى!

وبعد 18 عامًا قضتها ماريا وحيدة في الجزيرة حيث تقطعّت بها السبل ولم تعرف طريقًا للخروج، تم العثور عليها. والغريب أنها استطاعت أن تبقى على قيد الحياة، فقد تكيّفت مع حياة العزلة، واعتمدت على نفسها، قتلت الفقمات والبط، وبَنَت بيتها من عظام الحيتان! كانت تصطاد الفقمات وتتغذى على دهونها، كما أنها كانت تحيك الملابس لنفسها من ريش الطيور!

كل ذلك تم توثيقه بعد العثور عليها، لكن أحدًا لم يستطع فهم لغتها حيث كانت تتحدث بطريقة غريبة لا يمكن تفسيرها. ولم تكن هناك طريقة لمعرفة قصتها بشكل مباشر. فيقول أحد الباحثين بأن ماريا أخبرت القبطان الذي أنقذها أن الكلاب البرية قتلت طفلها ومزقته إلى أشلاء.

بعد إنقاذها، تم اصطحاب ماريا إلى سانتا باربرا، وهو المكان الذي فرّ إليه أفراد قبيلتها، والذين لم تُعرف مصائرهم. فيُقال أنهم توفوا على إثر انتشار وباء بينهم، أو أنهم رحلوا إلى مكان آخر. بعد عدة أسابيع من وصولها إلى المكان تم تعميدها، وقد أُطلق عليها “خوانا ماريا”.

تبقى قصة ماريا غامضة، حيث لم يكن هناك أحد قادر على استيعاب ما تقول. لكن مما عُرف عنها بعد ذلك أنها كانت تغني وكانت مولعة بالقهوة والمحار. وبسبب عدم قدرتها على التواصل مع منقذيها والتكيف مع عاداتهم، فكانوا يرون أنها وحشية فظة. فلمدة 18 عامًا فقدت الاتصال والحياة مع البشر، وهو ما يفسر طبيعتها الوحشية!

 

المصدر

Exit mobile version