سعادة الإخوة القائمين على معرض الرياض الدولي للكتاب .. سلكَ اللهُ بي وبِهم طريقَ الهُدى والرَّشاد ..
من مُنطَلَقِ قولِ الله تعالى : وتعاونوا على البرِّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثمِ والعُدوان وقولُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .. أبعثُ إليكم هذهِ الهمساتِ السَّريعة :
الهمسةُ الأولى : أناشدُ القائمينَ على المعرضِ والمسئولينَ في وزارةِ الثقافةِ والإعلام وأدعوهم إلى أن يتَّقوا الله جلَّ جلالُه في هذهِ الأمانة التي ولاَّهمُ اللهُ عليها ، وأن يُعيدوا النظرَ والتأمُّلَ في سياسةِ هذا المعرض ، وأن يعلموا أنَّ كلَّ فردٍ منهم عليهِ مسئوليَّةٌ مباشرةٌ أمامَ ربِّه ، ثمَّ أمام مُجتمعهِ ووطنِه .
الهمسةُ الثانية : إنَّ الحُرِّيّةَ المُطلقةَ وغيرِ المُنضبطةِ بضوابطِ الشريعةِ ومحاسنها تجلبُ المصائبَ والمِحَن ، وما دامَ أنها كذلك فعرضُها وطرحُها في بلدِ الشريعةِ والإيمان مُنسلِخةً حتى من القيمِ والأخلاق ؛ مما لا يقبلهُ عقلٌ ولا يُقرٌّه شرع ، فهل سيتنبَّهِ القائمونَ على المعرضِ إلى هذا ؟!
الهمسةُ الثالثة : نعلمُ حرصَ القائمينَ على المعرضِ – وفقهمُ اللهُ للحق – على مُحاربةِ موجةِ التطرَّفِ والتكفيرِ وغزوِِها – وهوَ أمرٌ مهمٌ لا بدَّ منه – فإنّ منَ المًهمِّ أيضاً مُحاربةُ الطرفِ المُتسبِّب في حصولِ هذا التطرُّفِ والغلوِّ وهم دعاةُ اللِّيبراليةِ والعلمانية والزندقةِ و غيرهم ، ممن كانوا بأفعالهم ذريعةً للقائمينَ بأعمال العُنفِ والتفجيرِ والتكفير .
الهمسةُ الرابعة : ينبغي فحصُ كلَّ ما تجلبُهُ دورُ النشرِ المُشاركةِ من الكتب ، وإبعادُ كلِّ ما يتناقضُ مع شرعِ الإسلامِ ومبادئه ، فكما أنَّ الدالَّ على الخيرِ كفاعله فإنَّ الدالَّ على الشرِّ كفاعلِه ، ومن دلَّ على سوءٍ فلهُ من الوزرِ مثلُ أوزارِ من عمِلَ به.
الهمسةُ الخامسة : ينبغي انتقاءُ دورِ النشرِ ، ومنعُ منَ الدُّورِ ما تجلِبُ الشُّبُهاتِ والشَّهوات ، وما يضُرُّ بالعقائدِ ومبادئِ الأخلاق ، وقد قرّرَ مجموعةٌ من علمائنا أن ما يضُّرُّ بالدين والأخلاق أخطرُ مما يضرُّ بالأبدان ..
الهمسةُ السادسة : لقد غصَّتِ المعارضُ السابقةُ للكتاب بكُتُبٍ كثيرة فيها من سبِّ اللهِ تعالى وانتقاصِه ما تتفطَّرُ لهُ الجمادات ، وقد قالَ ربُّنا تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } ، فهل يرضى القائمونَ على المعرضِ بذلك ؟ وأين تعظيمُهم لربِّ العزَّةِ والجلال ؟ ألا يظُّنُّ أولئكَ أنهم مبعوثونَ ليومٍ عظيم ، يومَ يقومُ الناسُ لربِّ العالمين .. هل يسمحِ القائمونَ على المعرضِ بكتبٍ تُباع يُسبُّ فيها زعماءُ الدنيا وملوكُها ، لا أتوقعُ ذلك أبداً ، فالخوفُ من عواقبِ ذلك قد يمنعُ حتَّى من مُجرَّدِ إيراد خواطرَ في هذا ، ألا ينبغي أن يكونَ الخوفُ منَ اللهِ وتعظيمهِ هو الأولى والأجدر ؟
يُقادُ للسِّجنِ إن سُبَّ الزعيمُ وإن سُبَّ الإلهُ فإنَّ الناسَ أحرارُ
الهمسةُ السابعة : ينبغي للقائمينَ على المعرض : الاِلتفاتُ لنصائحِ العُلماءِ وتوجيهاتِ المُحتسبين ، والحرصِ على ما يُقدِّمونه من بلاغاتِ أو مُخالفاتٍ جرى اطِّلاعهم عليها .
الهمسةُ الثامنة : نرجوا من القائمينَ على معرضِ الكتاب أن يُعالجوا ما حصل في السنواتِ الماضيات منَ اختلاطِ الرجالِ بالنساء أثناءَ الزحام ، وأن يُخصِّصوا أوقاتاً للزيارةِ لكِلا الجنسينِ كُلٌ على حِدة ، ولْيعلموا أنّ الاختلاط من أسبابِ إشاعةِ الفاحشةِ والفساد ، واللهُ عز وجلَّ يقول : إن الذين يُحبَّون أن تشيعَ الفاحشةُ في الذينَ آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة .
الهمسةُ التاسعة : أُوجِّهُ رسالتي هذه إلى دورِ النَّشرِ المُشاركة : بأن لاَّ ينشرُوا من الكتُبِ ما يُخالفُ مبادئَ الإسلامِ وأبجديَّاتِ القِيَمِ والأخلاق ، وأن يعلموا أن نشرَ مثلَ ذلك من إشاعة الفوضى والفساد ، وتكريسٍِ للعنفِ والتطرُّفِ بنوعيهما الإفراطُ والتفريط ، وأن يحرِصوا على نشرِ ما ينفعُ الناسِ في دينِهم وما يصلُح لإعمارِ دُنياهم ، منضبطةُ بضوابطِ الشريعةِ وأخلاقِها .
الهمسةُ العاشرة : كما أوجِّهُ هذهِ الرِّسالة إلى زائري المعرضِ ورُوَّادِه : أوصيهِم بضبطِ اِنفعالاتِهم ، والإبلاغِ عن جميعِ ما يرونَ من كتُبٍ مُخالِفة ، والكتابةُ إلى المسئولينَ ووُلاةِ الأمرِ – وفقهمُ اللهُ لنصرِ الحق – فيما يقعُ من محظوراتٍ ومُخالفات ، واحتسابُ الأجرِ في ذلِك ، والحِرصُِ على شراءِ ما ينفعُ ويُفيدُ منَ الكُتُبِ والرَّسائل ، وحبَّذا الاِستفادةُ من أهلِ العلمِ والخِبرةِ واستشارتهم فيما يصلُحُ شراؤُه .
أسألُ اللهَ أن يُصلِحَ أحوالَ المسلمين ، وأن يجمعَ بينَ كلِمتهِم ، وأن يُوفِّقَ وُلاةَ أمورِ المسلمينَ لِرفعِ رايةِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المُنكَر ، وأن يحفظَ شريعةَ الإسلامِ من زيغِ الزائغينَ وعبثِ العابثين .. وباللهِ التوفيق ..
الجمعة 2 / 3 / 1430 هـ
بقلم : عبدِ الرحمنِ بنِ مُحمَّد السيِّد .
Am.daaw@gmail.com