نظريات تُبرر لماذا نحلم

لا أحد يعرف السبب الحقيقي الذي يدفعنا للحلم أثناء النوم، ولماذا لا نحلم في كل مرة ننام، وما هو تأثير الأحلام على المخ وباقي أجزاء الجسم، فكثيرًا ماتبدو الأحلام غامضة وصعبة التفسير، وهذا هو السبب في صعوبة  دراسة الأحلام، فهي غير متناسقة وسهلة النسيان، ولكن يعتقد بعض الباحثين أننا نحلم لسبب ما، فبعض العلماء يقومون بدراسة أسباب الأحلام ومعانيها، وسنعرض لك مجموعة نظريات تُبرر لماذا نحلم.

 

نظريات تُبرر لماذا نحلم

 

تخزين المعلومات

قد أثبتت العديد من الدراسات أن الأحلام تُساعدنا على تخزين المعلومات، فعندما نحلم نسمح للمخ بنقل المعلومات إلى ذاكرة المدى الطويل، حيث اكتشف علماء الأعصاب أنه خلال النهار يتم تخزين المعلومات في جزء من المخ يُعرف باسم قرن آمون “Hippocampus” الذي يرتبط بذاكرة المدى الطويل، وأثناء النوم يتم نقل المعلومات من قرن آمون إلى القشرة المخية المسئولة عن مُعالجة المعلومات الجديدة، حيث تُعتبر القشرة المُخية هو الجزء المسئول عن الإدراك والمعرفة بالمخ، فالنوم يسمح للمخ بنقل الذكريات والمعلومات إلى أجزاء مختلفة من الدماغ بحيث يمكن تسجيلها لحين استرجعها، وأثبتت الدراسات أنه قبل نقل الذكريات إلى القشرة المخية، يقوم قرن آمون بإعادة أحداث يومنا مرة أخرى وأحيانا يتم إعادته في بشكل عكسي.

 

معالجة المشاعر

قد نرى كوابيس وأحلام مخيفة عقب مشاهدتنا لأفلام الرعب، والسبب وراء ذلك هو أن الأحلام تُساعدنا على التعامل مع المشاعر القوية مثل الخوف والحزن، ولكنها تتعامل فقط مع المشاعر المُجردة، عن طريق نزع هذه المشاعر وفصلها عن المُسببات الحقيقية لها، ويقوم المخ بمعالجة هذه العواطف وربطها بذكريات سابقة خاصة بالإنسان، لذلك يعتقد البعض أن الأحلام يُمكن أن تكون وسيلة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء مشاعر الإنسان من غضب وحزن وخوف وغيرها من المشاعر الأخرى.

 

علاج القلق والاكتئاب

في دراسة أُجريت عام 2009 على مرضى الاكتئاب تم اكتشاف علاقة بين الأحلام والتشوهات الإدراكية، فقد تم إجراء تجربة على مجموعتين من الطلبة، المجموعة الأولى تتكون من 35 طالب لا يُعانون من أي مشاكل إدراكية، والمجموعة الثانية تتكون من 20 طالب يُعانون من الاكتئاب والقلق، حيث تم إيقاظ هؤلاء الطلاب بعد عشر دقائق من مرحلة النوم حركة العين السريعة (REM) التي يرى فيها الشخص الأحلام، وأيضًا بعد عشر دقائق من مرحلة حركة العين غير السريعة (NREM) وهي مرحلة بداية النوم، وبعد هذه الفترات من النوم تم إختبار ذاكرة الطلاب وحالتهم المزاجية، واكتشف الباحثون أن الطلاب الذين يعانون من الاكتئاب والقلق كانت أحلامهم يغلب عليها الطابع العدواني وإيذاء الذات أكثر من الطلاب الأصحاء، لذلك النوم في مرحلة حركة النوم السريعة (REM) قد تساعد المرضى المصابين بالاكتئاب والقلق في علاجهم والتعامل مع مشاعرهم.

 

لصحة أفضل

فقد كشفت دراسة أن الأشخاص الذين لم يُسمح لهم بالنوم قد أصابهم بعض الأعراض الخطيرة، ففي الدراسة السابقة عندما تم إيقاظ الطلاب قبل الدخول في مرحلة حركة العين السريعة (REM) أي لم يدخلوا في مرحلة الأحلام قد عانوا من زيادة التوتر وصعوبة في التركيز وزيادة الوزن قليلا، بالإضافة إلى ميل إلى الهلوسة، وكذلك بعض الآثار الجانبية الأخرى بسبب قلة النوم، حيث أثبتت العديد من الدراسات أن معظم هذه الآثار الجانبية كانت بسبب عدم الوصول إلى مرحلة حركة العين السريعة التي نرى فيها الأحلام.

 

قلة الأحلام تُشير إلى الاضطراب النفسي

تُعتبر قلة الأحلام من الأعراض التي تشير إلى الاضطراب النفسي، ومن 50% إلى 80% من المرضى المصابين باضطرابات نفسية يُعانون من مشاكل في النوم ، كما أن 10% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يُعانون من اضطراب النوم، وقد أجرى باحثون في جامعة هارفارد دراسة عام 2009 أثبتت أن هناك صلة بين الأحلام وبعض الاضطرابات النفسية الشائعة مثل الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، حيث أن عدم الوصول إلى مرحلة حركة العين السريعة أثناء النوم قد يُؤثر على الناقلات العصبية والهرمونات، مما يُسبب باضطراب العواطف ويؤثر على الطريقة التي نفكر بها، وأن استمرار الخلل في الهرمونات والناقلات العصبية هو الذي يؤدي إلى الاضطرابات النفسية.

 

معالجة المعلومات

أثبتت دراسة أن النوم في مرحلة حركة العين السريعة (REM) يساعد على معالجة المعلومات الجديدة وربطها بالمعلومات الموجودة مسبقا التي ذات الصلة، فاكتشف الباحثون أن السبب وراء أن أحلامنا قد تبدو غريبة هو أن المخ يحاول ربط المعلومات الجديدة بالمعلومات المتوفرة ويفسرها بطرق جديدة.

 

نظرية فرويد

كان فرويد يعتقد أن الأحلام هي انعكاس لأفكار الشخص ورغباته التي يتم قمعها، حيث يكشفها اللاوعي من خلال الأحلام، فأحلامنا تُعبر عن مشاعر غير مقبولة مثل الغرائز العدوانية والانجذاب إلى شخص أخر وغيرها من الرغبات التي يرفضها المجتمع.

 

نموذج التوليف النشط (Activation-Synthesis Model)

هو نموذج تم تقديمه لأول مرة عام 1977؛ لاكتشاف كيفية حدوث الأحلام عن طريق تحليل إشارات المخ، فقد تم اكتشاف أن الأحلام تنشأ نتيجة الاستجابات الحيوية لنشاط الجهاز الطرفي، فيترجم المخ هذا النشاط ويُفسره في شكل أحلام، فالأحلام هي نتيجة للوظائف الحيوية.

 

نظرية التكيف

ويعتقد علماء النفس أن النوم يسمح للحيوانات بالبقاء بعيدا عن الأذى، فعندما يبحث الحيوان عن مكان آمن للنوم، فإن فترة النوم تلك تمنع الحيوانات من التعرض للأذى بسبب أخطائهم والحفاظ على حياتهم، وقد استمرت هذه الاستراتيجية السلوكية نتيجة عملية الانتقاء الطبيعي، وقد وجد الباحثون أنه عندما لا يدخل الحيوان في مرحلة حركة العين السريعة خلال نومه فإنه سيستغرق المزيد من الوقت من المعتاد في تلك المرحلة في الليلة التالية، كما أن الحيوانات التي لم تدخل تلك المرحلة أو فعلت ذلك لفترة قصيرة جدا تم عزلها وانقراضها؛ لأن النوم والأحلام يُعتبران وسيلة للتكيف مع البيئة والبقاء بعيدا عن الأذى.

 

تحفيز التهديد

اكتشف مجموعة باحثون فنلنديون في جامعة توركو أن محاكاة التهديد خلال الأحلام تسمح للشخص لتكرار الآليات الإدراكية اللازمة لتصور التهديد وطريقة تجنبه، حيث يسمح للشخص بتحضير الإستجابة المناسبة لأي تهديد أو خطر يتعرض له، فوجدوا أن أولئك الذين يعيشون في بيئة تهدد أمنهم وسلامتهم يغلب على أحلامهم الطابع العنيف الجامح وتكون محاكاة التهديد لديهم كبيرة، في حين أن أولئك الذين يعيشون في مكان آمن تكون أحلامهم أكثر هدوءا وخالية من الأخطار والتهديد.

وقد اتبعوا هذه الدراسة مع دراسة أخرى أُجريت على الأطفال المصابين بصدمات نفسية، واتفقت نتائجها مع النتائج التي تم الحصول عليها من الدراسة السابقة، حيث ووجدوا أن الأطفال المصابين بصدمات نفسية أحلامهم تعاني من التهديدات والعنف أكثر من الأطفال الأصحاء.

 

المصدر

Exit mobile version