لماذا لا نتذكر ذكريات طفولتنا المبكرة؟

عند محاولة تذكّر إحدى الذكريات القديمة، فإننا نجد أن هناك ذكريات منسيّة ويصعب علينا تذكرها. لكن لماذا يحدث ذلك؟ ولماذا ننسى السنين المُبكّرة من حياتنا؟

لماذا لا نتذكر ذكريات طفولتنا المبكرة؟

تعرف هذه الظاهرة الغامضة باسم (فقدان الظاهرة في مرحلة الطفولة – childhood amnesia). وهي عدم قدرة البالغين على الوصول إلى ذاكرة ما قبل 3.5 سنوات من العمر. يؤثر فقدان الذاكرة بصورة مختلفة على الجميع، فالبعض لا يتذكرون أي شيء حتى عمر السادسة.

تَفكّر الباحثون في هذا اللغز، وحصلوا على بعض النتائج الواضحة. ومع هذا، معظم هذه النتائج كانت غامضةً مثل غموض الذاكرة نفسها. ولكن، هنالك بعض الإشارات التي تخبرنا أين يتوجب علينا النظر لاحقًا.

عند الولادة، يحتوي دماغ الطفل على 86 مليار خلية عصبية، أي ما يقارب ربع عدد النجوم في مجرة درب التبانة. باستخدام آلية عصبية معينة، يمتص الأطفال المعلومات، ويشكل دماغهم ما يقارب 700 إلى 1000 اتصال متشابك جديد في الثانية. إنه إنجاز رائع للتعلم وفترة تطور سريعة. ولكن قد يكون لهذا الأمر سلبيات.

بعد العديد من التجارب، توصّل العلماء إلى أن ذاكرتنا لا تختفي، بل تتغير بطريقة تجعل الوصول إليها غير ممكن. وبالطبع، سنحتاج إلى المزيد من البحوث للتأكد من صحة هذا الأمر على البشر.

هل اختفت هذه الذكريات؟ أم هل أصبح مفتاح الوصول إليها غير متاح؟ لا يعلم الباحثون الجواب، ولكن يفترض البعض أن الذكريات موجودة ولكن الاتصالات التي تؤدي إليها قد اختفت، في عملية تسمى التشذيب المشبكي synaptic pruning.

ربما لاحظت الآن أن دراسة الذاكرة، وبالأخص فقدان الذاكرة، هي محاولة صعبة. هذا الأمر صحيح بشكل خاص في ضوء الاكتشافات الحديثة التي تكشف عن مدى قابلية وعرضة أدمغتنا للخطأ.

ويعتقد الباحثون أن الذكريات الأولى لها تأثير عاطفي أقل من الذكريات اللاحقة، لأن الأطفال لا يستطيعون وضع سياق مرتبط بالمعنى أو الأهمية لذكرياتهم. الذكريات الأولى التي يتذكرها الشخص غالبًا ما تكون عاطفيةً للغاية، كما يشير المؤلفون.

وبصورة مشابهة، قد يكون للغة دور أساسي، فإنها تمثل هيكلًا لذكرياتنا. فقد تتحول التجربة إلى سياق، ما يسهل تذكرها. وهي تسمح للأطفال بالحوار مع الآخرين؛ ما يؤدي إلى إحضار التجربة من جديد من بنك الذكريات.

إذا لم تتمكن من إدخال التجربة ضمن إطار منطقي، فإنها ستزول من مخزن ذاكرتك، ليس بالضروري أن تُنسى، بل قد يتعذر الوصول إليها، غير مرتبطة بأي إطار ذي معنى في الاتصالات المشبكية. ومع ذلك، فقد تم اختراق هذه النظرية بحقيقة أن الأطفال الذين يولدون طرشانًا ويكبرون دون تعلمهم أي لغة، يتذكرون أولى ذكرياتهم بنفس العمر مقارنةً بمن هم غير طرشان.

 

المصدر

Exit mobile version