اليوم، يرتدي أكثر من نصف سكان الولايات المتحدة الأمريكية نظارات، إلى جانب نسب متقاربة في الدول الأخرى. بالنسبة للجميع، بمن فيهم علماء النفس، فإن ينظرون إلى الشخص الذي يرتدي نظارة بأنه أكثر ذكاءً ومؤهلًا لنيل الوظائف أكثر من الأشخاص الذين لا يرتدون نظارات!
يبدو أن هذا الاعتقاد لا يقتصر على فئة معيّنة، إنما أصبح مرتبطًا بثقافة الشعوب منذ ظهور الوظائف المحوسبة والمصرفية وتلك التي تعتمد على التركيز والنظر بشكلٍ كبير. وليس من الغريب أن أكبر الأعمال السينمائية والدرامية أظهرت أبطالها مرتدين للنظارات مثل هاري بوتر، ولا كاسا دي بابيل. فما الأصل في هذا الاعتقاد؟
ما السبب في اعتقاد الناس الشائع أن النظارات تُظهر الشخص أكثر ذكاءً؟
إن كُنت تعمل في حقل أو مصنع، فإن النظارات لن تُفيدك بشي. بينما إن كُنت طبيبًا أو مصرفيًا أو مُدرّسًا أو عاملًا في مكاتب شركات كبيرة وحديثة مهتمة بالثورة التقنية الحديثة، فمن المحتمل أن ارتداءك للنظارات سيجعلك تبدو مُناسبًا للوظيفة التي تعمل بها.
يبدو أن الأمر أقدم مما نتوقّع! فقد ظهر هذا الاعتقاد في المشهد في القرن الثامن عشر. في تلك الفترة، يُمكن أن نرى أن النظارات تتساوى مع الذكاء. ويبدو أن تأثر الناس بالنظارات ظهر بعد استخدام الرهبان ورجال الدين للنظارات للدراسة بسبب تراجع قدرتهم على الرؤية، فربط الناس بين الأعمال الفكرية العميقة والنظارة.
ويبدو هذا التأثر جليًا في بعض اللوحات التي تعود للقرن السابع عشر الثامن عشر، منها صورة لرجل من مدينة البندقية اكتملت بين عامي 1610 و 1620، ويُعتقد أنها من أوائل اللوحات التي أظهرت شخص يرتدي نظارات. في هذه اللوحة، تعمّد الشخص ارتداء النظارة ليبدو أكثر ذكاءً ومتعلمًا وله مكانة اجتماعية مرموقة.
بعد ذلك، تغيّرت النظرة السائدة للنظارات، وذلك منذ عام 1900، حيث أصبح الاعتماد على الرؤية مطلب أساسي، وفي عام 1908، ظهر أو تشريع يُطالب الدول بتقديم الخدمات البصرية للسكان. وبحلول الخمسينيات، لم تعد إعلانات النظارات موجّهة للعملاء والزبائن بشكلٍ عام، بل للمرضى وضعاف البصر.
فبدلُا من كونها أداة لتسهيل العمل والتفكير العميق، أصبحت النظارة وسيلة لتصحيح البصر ومساعدة المرضى. وعلى الرغم من التغيير في النظرة النمطية للنظارات، لكن ظل التحيّز في المجتمع الإنساني لمرتدي النظارات بأنهم أشخاص أكثر ذكاءً وقدرة على تولي وظائف مهمة وحساسة.
اقرأ أيضًا: