لماذا ننظر عادةً للأعلى عند التفكير في شيء ما؟

هل سبق لك أن وجدت نفسك تنظر للأعلى بينما تفكر في حل مشكلة أو مسألة ما؟ إن كنت تظن أنك الوحيد الذي تسرح في السماء كلما هممت في التفكير فأنت مخطئ! يبدو أنها سمة يتمتع بها البشر بشكلٍ عام!

لهذا السبب، نحدق في السماء عند التفكير في شيء ما!

عندما نفكر، فإننا لا نبحث عن النية الفعلية للبحث، كما أنه ليس بالضرورة أن تكون السماء ما نحدق به، ربما تكون جدران فارغة أو بقعة بعيدة أو حتى الأرض!

ما يتبين لنا أننا نسعى للبحث عن بقعة تحتوي على أقل قدر ممكن من المشتتات لتركيز كل انتباهنا على ما نفكر به.

على سبيل المثال، عند التحديق في السماء وأنت تفكر في مسألةٍ ما، هل تجد في الغيوم شيئًا مشتتًا؟ حتى إن مر سرب من الطيور أو طائرة بصوتها المزعج، تظل هذه الأشياء المحيطة غير مشتتة نسبيًا لأذهاننا.

بالإضافة إلى ذلك، فهي أصوات عابرة ولا تتطلب الكثير من التفكير لمعالجتها.

من الناحية المثالية، عندما نفكر أو نؤدي أي نوع من العمليات المعرفية، فإننا نهدف في نفس الوقت إلى تقليل الانحرافات عن طريق القضاء على أي شكل من أشكال المحفزات الخارجية.

نقوم بذلك من خلال النظر إلى الأشياء الفارغة (الجدران الفارغة، والسماء، وما إلى ذلك). يتميز هذا التحول في السلوك من الاهتمام الفعال بمحيطنا إلى النظر إلى الفضاء الفارغ بميل منخفض لتحليل ومعالجة محيطنا. في الأساس، نقوم بتسهيل نقل جميع ملكاتنا العقلية من المنبهات الخارجية إلى المحفزات الداخلية.

ماذا يحدث عندما نحدق في الفراغ؟

بدأ البحث في هذا الأمر في وقت مبكر من عام 1890. لاحظ ويليام جيمس، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه والد علم النفس الأمريكي، وجود علاقة محتملة بين حركة العين والنشاط المعرفي المتصور. وقد لاحظ أنه عندما انخرط في تفكير عميق، وجد في كثير من الأحيان أنه انسحب من العالم الخارجي.

في ملاحظاته التي سجلها، قال إنه غالبًا ما وجد نفسه وعيناه تتدحرجان إلى الأعلى أو الخارج. وكان يعتقد أن هذه محاولة متعمدة لإزالة التركيز من جميع المحفزات المحيطة. كما شبّه هذا النوع من حركة العين بالنوع الذي يحدث عندما ننام. في كلتا الحالتين، نميل إلى محاولة ضبط الانحرافات الدنيوية.

من هذا الأمر، يمكننا أن نستنتج أن الفكر والعمليات المعرفية لا ترتبطان بالضرورة بحركات الرأس، إنما بحركات العين. وقد ركّزت الأبحاث فيما بعد على دراسة العلاقة بين حركة العين والذاكرة.

ما العلاقة بين حركات العين والمعلومات المرتبطة بالذاكرة؟

من المثير للإعجاب أن الشبكات العصبية المشاركة في معالجة المعلومات غير المرئية “الموجودة في الذاكرة طويلة المدى” تطورت من الشبكات العصبية الموجودة مسبقًا.

فقد عالجت هذه الشبكات العصبية الموجودة المعلومات المرئية بشكل أساسي. من هذا، يمكننا الاستنتاج أن الطريقة التي ندرك بها المدخلات أو المحفزات غير المرئية قد تطورت من الطريقة التي نتعامل بها مع المعلومات المرئية من بيئتنا.

من هذا نستنتج أن الطريقة التي نحرك بها أعيننا عند الوصول إلى الذاكرة طويلة المدى “للبحث عن المعلومات غير المرئية” قد تحدث لمعالجة المدخلات المرئية الحقيقية.

بالمقابل، عندما نجد أخيرًا المعلومات التي نحتاجها ونركز عليها، تقل حركات أعيننا بشكل كبير، ونميل إلى التحديق، كما لو كنا نركز فعليًا على شيء بعيد عن بُعد.

ختامًا، في المرة المقبلة التي تجد نفسك فيها متعمقًا في التفكير، أسدِ معروفًا لنفسك وحدّق في جدار فارغ أو انظر للأرض. قد لا تجد كل الإجابات التي تحتاجها، لكنك ستجد نفسك تفكر بشكل أسهل وستكسب على الأرجح إحساسًا بالوضوح.

اقرأ أيضًا:

هل التفكير يُساعدك على فقدان الوزن الزائد؟

لماذا نحك رأسنا عندما نفكر في شيء ما؟

خدع عقلية للتوقف عن التفكير المفرط بشيء ما

المصدر

Exit mobile version