لماذا طعم الماء البارد أفضل من الماء الدافئ؟

لماذا الماء البارد ما يُشعرنا بالانتعاش وليس الماء الدافئ؟

بعد يوم عملٍ طويلٍ وشاق، يتوق معظم الناس إلى شرب كوب من الماء البارد، فلا شيء يروي عطشنا مثل هذا السائل بالتحديد. مع ذلك، إن ناولكَ أحدهم كوبًا من الماء الدافئ عندما تشعر بالعطش، فعلى الأرجح أنك لن ترغب في تذوّقه. نفس كوب الماء الدافئ إن وُضع فيه ثلج يبدو لك أن نكهته تغيّرت بالكامل!

فما السبب في تغيُّر الذوّق المصاحب لتغيّر درجة حرارة الماء؟ وعلى الرغم من أن الماء لا طعم له (كما تعلّمنا على الأقل)، وهذه حقيقة علمية تعلّمناها منذ الصف الأول، لكن لمَ نشعر أن للماء البارد طعمًا يختلف عن الماء الدافئ!

 

في البداية وقبل كل شيء، دعنا نُنعش ذاكرتك بمعلومات خفيفة عن حاسة “التذوّق”، والتي نستشعرها عبر اللسان الذي يتكوّن من آلاف براعم التذّوق المختلفة، والتي يستشعر كل نوعٍ منها طعم معيّن. حيث ترتبط براعم التذوّق على اللسان بخلايا تقوم بإرسال إشارات إلى الدماغ حتى تشعر بطعم الأشياء في فمك. ويُمكن اعتبار “التذوّق” بأنه مزيج من التفاعلات الكيميائية المختلفة التي تتم على اللسان.

وعند استشعار الأطعُم المختلفة، يتم استشعار مادة بعينها، على سبيل المثال، يتم اكتشاف الملوحة عبر استجابة مستشعرات التذوّق لمركّب كلوريد الصوديوم أو أملاح مشابهة. كما ويتم استشعار الحموضة عبر تداخل البروتينات في خلايا المستشعرات مع بعض الأحماض (مثل حمض الستريك أو الخليك)، لتبدأ الاستجابة الخلوية بإطلاق الناقلات العصبية إلى الدماغ، الذي بدوره يُشعرك بالطعم في فمك في عملية حيوية معقّدة تتم بجزء من الثانية!

 

ما هو طعم الماء؟

كما قُلنا سابقًا، فإن الماء لا طعم له. واحدة من الحقائق الراسخة التي لا تتغيّر. مع ذلك، لمَ نشعر بالانتعاش الكبير عند تذوّق الماء؟ على مر العصور، اعتقدَ الناس أن ما قد يُعطي الماء طعمًا هو المعادن الذائبة فيه، لكن حتى الماء المقطّر النقي لديه نكهة مميّزة. فما المسؤول عن هذه النكهة أو الطعم؟

أولًا وقبل كل شيء، دعنا نتفّق أن الماء المقطّر لا طعم له فعليًا. مع ذلك، بمجرد فتح الزجاجة، تذوب كميات قليلة من ثاني أكسيد الكربون وغاز الأكسجين في الماء. أيضًا، إن سكبتَ الماء في كوب، فإنه سيختلط مع الشوائب المتواجدة في الزجاج “مهما كانت قليلة في الكمية”، وتُغيّر من مذاقه قليلًا. كذلك، فإن شوائب الطعام التي تبقى عالقة باللسان والفم ترتبط مع جزيئات الماء وتُغيّر من طعمه مع أول رشفة منه، وتُعطي للماء طعم محدد. لذلك قد نجد أن طعم الماء يتغيّر بين كل مرة وأخرى!

 

لماذا نشعر أن طعم الماء البارد أفضل؟

برودة الماء تقمع بعض العوامل “السيئة” التي تُغيّر من طعم الماء النقي. حيث أن الشوائب التي قد تُعكّر من طعم الماء وتُغيّره يُصبح من الأسهل اكتشافها لو كان الماء دافئًا. بمعنى آخر، ارتفاع الحرارة يُحفّز مواد معيّنة على الظهور، في حين يختفي تأثير هذه العوامل في درجات حرارة منخفضة.

أيضًا، عندما يكون الجسم متعبًا بعد العمل الشاق، ترتفع درجة حرارته. في مثل هذه الحالة، يساعد الماء البارد على خفض درجة حرارة الجسم بسرعة وفعالية، مما يوفر لك شعورًا منعشًا في هذه العملية.

احتمال آخر وهو أن طعم الماء مُكتسب. بمعنى أن من يعِش في القطبيْن لا يرغب بالماء البارد كمن يعيش في الصحراء. قد يربط الناس المياه الدافئة بأنها راكدة، لأن البرودة وصف مرتبط بطبيعته بكون الشيء “طازجًا”.

رأيٌ آخر أشارت إليه دراسة أُجريت في عام 1997 في كل الطيب بجامعة ييل، أشارت إلى أن طعم الماء البارد مفضّل لسبب نفسي بحت، لاعتقاد الناس أنه يُشعرهم بمزيدٍ من الانتعاش والرطوبة، وليس لأسباب عضوية.

بعد مناقشة كل هذا، وجب التنويه إلى أن العالم يعيش مشكلة مياه حقيقية هذه الفترة. وأصبحت أزمة المياه ظاهرة في العديد من البلدان، لذلك وجب علينا أن نُحافظ على أكبر قدر منها. بغض النظر إن كان باردًا أو دافئًا، لن يروي عطشنا أي سائل آخر عدا الماء على وجه الأرض!

 

المصدر

اقرأ أيضًا:

ما هي أفضل الأوقات لشرب الماء ؟

لماذا لا يروي العطش إلا الماء ؟

Exit mobile version