كتبت العديد من الكتب حول “غارة دوليتل” والتي تُعرف أيضًا بـ “غارة طوكيو”، هي من أعنف الغارات التي هزت طوكيو والتي كانت مقدمة لهجوم هيروشيما وناجازاكي. صحيح أنها لم تسفر عن خسائر تُذكر لليابانيين، لكن الولايات المتحدة حاولت التسويق بين الجنود بقوة هذه العملية كنوع من تحقيق الانتصار النفسي خاصة بعد الضربة الصعبة التي وجهتها اليابان عبر دك قاعدة بيرل هاربر في 7 ديسمبر عام 1941م. لكن القوة كانت تكمن في نوع السلاح الذي استخدمته الولايات المتحدة.
وقعت غارة طوكيو بعد أقل من عام على الهجوم الياباني على قاعدة بيرل هاربر، والتي قادها الكولونيل “جيمس دوليتل”. وقد كانت هذه الغارة نقطة تحول للأمريكيين خلال الحرب العالمية الثانية وفرصة لاستعراض العضلات الحربية، الأمر الذي مهّد الطريق للهجوم النووي.
فقد استخدمت الغارة قاذفات قنابل بي 25 ميتشل، والتي لم يتم اختبارها في القتال من قبل. وقد حملت كل طائرة أربعة قنابل كل واحدة منها تزن 227 كيلوجرامًا، وتم إلقاؤها بشكل منظم على الأهداف العسكرية والصناعية في طوكيو.
بي-25 ميتشل
وقد تم اختيار المجموعة السابعة عشر لتنفيذ العملية، والتي تمركزت في أوريجون، وانتقلت إلى كارولاينا الجنوبية للتجهيز للمهمة. استخدمت الغارة قاذفات بي-25 لإسقاط القنابل على اليابان، وقد تم تزويد الطائرات بالكاميرات لتسجيل نتائج الغارة.
بعد الغارة سافرت القاذفات إلى الصين، وكانت تعاني من نقص الوقود، وبالكاد هبطت الطائرات إلى هناك بعد 13 ساعة من الطيران وقد عانت من صعوبات الهبوط بعد نفاد الوقود، وقد قُتل عدد من أفراد الطاقم، كما فُقد عدد آخر منهم، وتحطمت معظم الطائرات. أما دوليتل قائد العملية فقد هبط بالمظلة وسقط على كومة من الروث.
وقد عمل السكان المحليون والعصابات والمبشرون على تقديم المساعدة للجنود الأمريكيين. وقد غضبت اليابان بعد أن اكتشفت أن الساحل الصيني كان نقطة عمياء في خططها الدفاعية، وقد هاجمت المدن الصينية التي قدمت المساعدة للجنود الأمريكيين. ويقال أن حصيلة هجماتها على الصين أسفرت على ما يقرب 200 ألف ضحية.
وبعد عودة دوليتل إلى بلاده تم تكريمه بوسام الشرف لقيادته العملية. لكن ما لا يعرفه كثير من الأمريكيين أن هذه الغارات على قوتها وشدتها وأنها أحرجت الدفاع الياباني الضعيف حيث جاءت الهجمات مفاجئة ودون سابق إنذار، لم يكن لها وزن فلم تسفر عن نتائج ملموسة.
فقد تم أسر 8 من منفذي العمية، وتم إعدام 3 منهم، فيما قُتل وفُقد آخرون خلال الهبوط الاضطراري للطائرات. وما حاولت هذه الغارات فعله هو رفع معنويات الجيش الأمريكي وتحطيم مقولة الجيش الياباني الذي لا يُقهر. لكن يمكن القول أن أهم ما حققته هذه الغارة هو التمهيد للهجوم الأكبر على هيروشيما وناجازاكي.