عام 1901 عثر على جهاز ميكانيكي عجيب بين حطام سفينة شحن رومانية غرقت في بحر ايجة سنة 60 قبل الميلاد بالقرب من جزيرة أنتيكيثيرا ،كان الجهاز محفوظ في صندوق خشبي مستطيل ابعاده (340*180*90 ملم) ،ويتكون من اقراص برونزية وتروس متعددة الأحجام ،وأطلق العلماء على الجهاز اسم أنتيكيثيرا تيمنا بالجزيرة اليونانية .
يعتقد الباحثون ان هذا الجهاز هو حاسوب القديم صنعه الإغريق من أجل حساب حركة الاجرام السماوية بدقة متناهية ،أجريت فحوص دقيقة على الأنتيكيثيرا باستخدام التصوير بالأشعة السينية ثنائي وثلاثي الابعاد ،فتمكن الباحثون من رؤية ما تحت الصدأ بل ورؤية ما تحت الاجزاء المختلفة المكونة للجهاز ،فاكتشف دولاب يتنبأ بكسوف شمسي حدث بتاريخ 12 مايو سنة 205 قبل الميلاد ،فاستنتج الباحثون ان هذا الجهاز صنع قبل 2200 سنة تقريبا .
الأنتيكيثيرا محاط بصندوق خشبي له وجهان تبرز منهما ادوات مختلفة ،يستخدمها المخترع للتعامل مع هذا الحاسوب القديم كما نستخدم نحن لوحة المفاتيح والفأرة في الحاسوب الحديث ،في الوجه الامامي هناك قرص منفرد تظهر عليه دائرة البروج الاغريقية والتقويم الفرعوني ،وفي الوجه الخلفي قرصان يظهران أطوار القمر والكسوف الشمسي ،وعلى احد جانبي الصندوق تبرز ذراع برونزية لها حركة دائرية .
الأنتيكيثيرا ابتكار غاية في التعقيد فعلي الرغم من فقدان بعض اجزاءه نتيجة مكوثه لقرون فى قاع البحر ،إلا ان الاجزاء التي بقيت متماسكة مع بعضها دليل ساطع على الرقي العلمي الذى وصله الإغريق ومن قبلهم البابليين ،فالجهاز يعتمد حصرا على علم الحساب البابلي وليس علم المثلثات الإغريقي كما قد يتبادر للذهن اول الامر .
يستطيع هذا الحاسوب القديم تتبع حركة كواكب المجموعة الشمسية التي كانت معروفة فى ذلك الزمن وهي عطارد ،الزهرة ،المريخ ،المشتري وزحل ،بالإضافة إلى حركة الشمس والقمر .
الأنتيكيثيرا معروض في متحف أثينا الوطني للآثار ،ويعتقد انه صنع في مستعمرات كورنثيانز في شمال غرب اليونان لوجود شهور كورنثية على احد التقويمات المكونة له ،أو في مدينة سيراكيوز بجزيرة صقلية ،لأن العالم الإغريقي الفذ ارشميدس عاش فيها حتى مقتله على يد جنود الامبراطورية الرومانية سنة 212 قبل الميلاد ،انتقاما منه لمساهمته الفاعلة في الدفاع عن مدينة سيراكيوز ،بابتكاره ألآلات ميكانيكية دفاعية أعجزت الغزاة الرومان وقهرتهم إلي ان سقطت المدينة بالخيانة .