ومن يعش ثلاثين حولا – لا أبا لك يفهم !

– مقال ساخر –

المتأمل في أقدم العلوم الإنسانية قاطبة .. يجد أن الإنسان ومنذ بداية محاولة فهمه لما يدور من حوله دأب في دراسة الكواكب .. والفضاء .. والأجرام السماوية فعلم الفلك من أقدم العلوم الإنسانية ومع ذلك فهي أقل هذه العلوم نفعا على البشرية ،،

أما في أيامنا هذه .. تجد أن أحدث العلوم التي بدأت الإنسانية بالتوجه إليها .. والاهتمام بها هي العلوم النفسية .. والتنمية الذاتية .. وما حققه هذا العلم في سنوات من فائدة على البشرية .. لم يحققه علم الفلك خلال آلاف السنين ،،،

مع أن النفس أقرب بملايين السنوات الضوئية مسافةً من الكواكب التي كان يحاول قديما دراستها والتأمل بها

وتخيل معي ولو للحظة لو أن الإنسان منذ بداية التاريخ حاول قلب الآية .. فانكب على دراسة نفسه وروحة .. التي هي أقرب إليه .. بدلا من دراسة كواكب واجرام ربما لا تعود عليه بأي نفع ..

باعتقادي .. لو حصل ذلك .. لوجدنا الآن ما يسمى هيئة الكواكب المتحدة مثلا ..

أو سمعنا خبرا .. عن أن المذنب الذي ضرب قاعدة أمريكية في زحل .. هو من عمل القاعدة

أو أن حملة الشهاب الساطع استطاعت القضاء على فلول النظام السابق في اورانوس !
أو أن الكهرباء قُطعت عن المريخ .. بسبب فوز حكومتها بالانتخابات الديموقراطية وانشقاقها عن حكومة بلوتو
وفي اليوم التالي يصدر القانون رقم 5222201 القاضي بنشر قوات الكواكب المتحدة في
دار فايف .. للانتهاكات الإنسانية في ذاك الاقليم ،،

حتى اوضح فكرتي .. لو أن الانسان درس منذ بداياته علوم تطوير الذات .. لتطور في العلوم الأخرى بكل أريحية .. ولحقق نجاحات أكبر مما هي عليه الآن في علوم الفضاء والكون

من ناحية أخرى وبعد اطلاعي على عدة مناهج ( للتربية الوطنية ) في أكثر من بلد عربي نجد أن تلك المناهج والتي تكاد أقرب ما تكون إلى غواصات الاتحاد السوفيتي من حيث كبر الحجم .. وهول المنظر .. وقلة النفع
نهجت نفس المنهج الإنساني في العلوم والتربية على مر التاريخ

فطوال عقدين من الحياة الدراسية .. يحقن الطالب ان صح القول .. بحقنات عن وطنه العظيم .. وعن نجاحاته المنقطعة النظير .. وعن استقرار الأمن .. وعن الازدهار الاقتصادي .. وعن النهضة الفكرية التي لم يسبق لها مثيل

حتى إن تخرج صديقنا الطالب تجده يصدم بالواقع المغاير للبوتقة التي وضعته فيها مناهجنا الوطنية .. ويبدأ بعد عقدين من عمره .. إن بقي له همة لم تسلب واجنحة لم تكسر .. بمحاولة فهم وضع وطنه وبالتالي .. محاولات يائسة لتصحيح الوضع

وحتى اوضح فكرتي الثانية أكثر .. لو علم الطالب منذ بداياته أن نسبة الفساد في الدوائر الحكومية تتعدى السبعين بالمئة .. وأن هناك هيمنة غربية على فكره ومعتقده وسياسة وطنه الأفلاطوني وأن ما يسمعه عن نجاح بلاده ماهي إلى كوميديا وطنية أشبه بكوميديا شكسبير الألهية وأن جيشه الجبار لم يطلق رصاصة واحدة ضد العدو .. وأن بلاده بعد وضع المناهج إبّان سقوط جدار برلين .. قد أصبح العدو الاسرائيلي .. اهم حلفائها .. وما الى اخره من أكاذيب وخزعبلات ..

لربما فهم صديقنا الطالب ومنذ نعومة أظفاره دون أن يضطر لقضاء عقدين من عمره … يدرس خيالات .. وتوهمات .. تبعد عنه .. بعد الأجرام السماوية عن كوكبنا الأخضر .. وتزيد عنها ببعض آلاف السنين الضوئية بعدا .. لماذا ننتظر ثلاثين سنة … حتى نفهم !

سئمت أكاذيب الحياة ومن … يعش ثلاثين حولا – لا أبا لك – يفهم

 


Exit mobile version