هديل .. آية من آيات الله في الكون !

هديل

أثبتت هديل .. لنا جميعاً .. أن الحب ليس له قياس .. والقبول ليس له وزن ..
أن حب الناس .. لا يقاس بالمال ولا بالجاه ولا بالمنصب ولا بالنفوذ ولا الإعلام ..

هديل .. ابنة بسيطة .. تحمل ثقافة بناها أبوها فيها وهو يرى حلمه أمامه يكبر .. بالقراءة والاطلاع والانفتاح الموزون بالشرع الحكيم ..
لم تكن ابنة الأكابر .. ولا ابنة علية القوم .. لم تكن تعيش في قصور شاهقة وتنام على وسائد الحرير ..
ليس لهديل ملايين مملينة في حساباتها .. ولم يكن يخدمها الخدم والحشم ..
كانت فتاة شابة يافعة .. تحمل هم الأمة وهم بلدها والرقي بأبناء جيلها .. وتقرأ لا لنفسها فهي ليست بتلك الأنانية المقيتة التي تتشبث في قلوب الكثير … تقرأ لتطلع غيرها على تلك المعلومات .. كرم في السجايا والخصال .. والعلم قبلهما ..

هديل .. دخلت غيبوبة بشكل غريب .. لم نشهده إلا في حالات قليلة .. ووقفت دليلاً وآية على عجز دولة البلايين .. عن إيجاد سرير لها لعشرة أيام !
وفي هذا آية من آيات الله في كونه !
ثم انتقلت .. ووالداها ومن ورائهما الألوف .. ينتظرون أي خبر عنها ..
أي اطمئنان يُساق لهم ..
اختار الله لها أفضل الأيام .. واختار قدومها إليه في عيد المسلمين ..

وكما كانت هديل .. تسعى دائماً … للتميز والإبداع ..
فقد كانت جنازتها لا ككل الجنائز ..
وقف الجميع في مشهد بكائي جماعي .. يقفون أمام الجبل الصابر أيوب الزمان .. الدكتور محمد الحضيف والوجوم يعلو وجهه ولسانه نسي كل الكلام إلا كلمة واحدة .. هي الحمد لله على كل حال ..
وفي هذا آية من آيات الله في كونه ..

اخترقت هديل … ببساطة .. بأسلوب ميسر لكل الناس ..
اخترقت قلوب الناس أجمع .. وكوّنت في أعماقهم مملكة شامخة من الصدق والنقاء ..
فكانت هديل .. برغم عمرها الصغير .. أنموذجا راقياً لفتيات جيلها ..
لم تختبئ هديل ابنة العشرين خلف اسم مستعار .. بل برزت بعزة وأنفة المسلم المؤمن الصادق للعالم .. وتكلمت عن نفسها بكل وضوح .. وكانت تعرف أن المؤمن الواثق في نفسه لن يضيره أحد ..

هديل .. نهجت لنفسها منهجاً .. وكانت تراجعه بين الفترة وأختها .. وتقيم حالها ..
وفي كل مرة .. ترتقي هديل خطوة لأعلى .. حتى وصلت لقمة المجد والقبول في أفئدة من يعرفوها ..

هديل .. حينما وصلت للقمة .. أراد الله لها أن تقف على قمة جبل الحب .. فتطل على مدى حب البشر لها .. لكنها أرادت أن ترتاح في الجنة وتجتاز عتباتها .. فقد تعبت ابنة العشرين كثيراً ..
الآن .. هديل أخذت إجازة مفتوحة عن كل الأعمال التي كانت تمارسها .. لا تريد أن تذهب للمدرسة فتضاحك الأطفال ..

سيفقدها أبوها الذي يسامرها بين زمن وآخر .. مسامرة أب حنون لحلم جميل أمامه ..
ستفقدها صاحباتها في الحياة .. وأصحابها على النت كلهم جميعاً .. حتى أصحابها الذين لا تعرفهم هديل .. سيبكون كثيراً على هديل ..

حتى الماك الجديد .. الذي ابتاعته مؤخراً سيفقد طقطقة أصابعها على الكيبورد ..
كل الدنيا .. بآياتها ودلائلها .. وكل من عرفك يا هديل .. سيفقدك ..

هديل .. كنتِ آية في حياتك على وجود ربك .. فقد كنتِ ترشدين إليه بحروفك التي تتسلل إلى النفوس ..
الآن .. رحلتِ .. لتكون أكبر من كل الآيات التي نراها بأعيننا .. ولا تعيها قلوبنا ..

نامي الآن يا هديل بكل أمان … فأنتِ بين يدي الرحمن ..

محمد الصالح

Exit mobile version