نحن ويومنا الوطني القصة لم تنته ..

بسم الله الرحمن الرحيم

في الآونة الأخيرة أصبح هناك ما يميز يومنا الوطني؛ كالإجازة الرسمية التي تُعطى لموظفي الدولة ولطلبة المدارس ومن في حكمهم, وكتلك الاحتفالات المنظمة البهيجة المعدة لمثل هذه المناسبة الغالية على قلوبنا, وكل ذلك جميل وحسن؛ لكن ويا للأسف فإن هناك من يأبى إلا أن يشوّه هذا الجمال وذلكم الحسن !!

إنهم ثلة من شبابنا وأبنائنا من أبناء هذا الوطن من ذوي التقليعات الغربية الغريبة: شعور منكوشة, وبناطيل إلى ما تحت الأرداف مسدولة, وسلاسل حول الأعناق موضوعة, … سبحان الله ! مبتهجون بالوطن في مناظر مؤسفة, وتصرفات مخجلة, إيذاء لخلق الله, وتعطيل لحركة السير والمرور, والأدهى والأمر تعرّضهم للنساء والفتيات في الشوارع والطرقات والأسواق, .. كل ذلك باسم الوطن, وحب الوطن, وتحت مظلة الاحتفاء بيومه المجيد!!
وإني لأعجب لكثير من المواقف التي تنافي مفهوم الوطن, ومن ذلك ما سأسوقه إليكم من الأمثلة علّكم تطيقون معها صبراً, في العام الماضي القريب وفي مثل هذه المناسبة حاول أحد الأصدقاء عبثاً أن يكشف عن مدى ما يحمل أبناء هذا الوطن من يسير الثقافة والمعلومات حوله, فكان منه السؤال التالي لمجموعة من أولئك الشباب العابثين المتراقصين باسم الوطن: يكون اليوم الوطني في كل عام هو الأول من الأسد, الأول من العقرب, الأول من الميزان؟ فصاح به أحدهم: ما هذا السؤال؟ أسد وعقرب, ما بقي إلا ثعلب وغزال! يا هذا, هل نحن في غابة ؟!!
إن شبابنا وأبناءنا يحتفلون ويبتهجون بيومهم الوطني بمثل هذه الثقافة وبمثل هذه المفاهيم !! إن ما يعني كثيراً منا اليوم هو تلك الإجازة الممنوحة في ذلك اليوم وحسب, وبعضنا قد يقضيها خارج الوطن محتالاً على الأنظمة بالإجازات الاضطرارية قبله, أو المرضية المزعومة المفبركة !! لتضيع بمثل تلك التصرفات كل القيم التي يُفترض بالمواطن منا أن يحملها لوطنه في يومه على أقل تقدير.
موقف آخر لأحد شبابنا وقد تلحّف بعلم مملكتنا الحبيبة من أعلى رأسه وحتى أخمص قدميه مخرجاً نصفه الأعلى من جسده من فتحة علوية في إحدى السيارات متمايلاً طَرِباً على أهازيج وموسيقى صاخبة في منظر راقص لا يليق برجل قادر على حماية نفسه ناهيك عن حماية وطنه وأمّته !!

مواقف ومواقف, مشاهد ومشاهد يلحظها الكثير في يومنا الوطني بعيدة كل البعد, ولا تمت بأية صلة للوطن وما يمثله من قيمة وتاريخ وأمجاد وماض عريق.. إن الوطن وحبه حاشى وكلا أن يكون تراقصاً بالأجساد, وتمايلاً بالأبدان, وتعطيلاً لمصالح البلاد والعباد, وإيذاءً ممقوتاً لخلق الله..
إن الاحتفاء بالوطن إنما هو حب مخلص لقادة هذه البلاد, ودعاء صادق لهم بثباتهم على الصلاح والرشاد, ونصح وتناصح وتفانٍ في الخدمة, ومحافظة على المقدرات والمكتسبات, وسعي حثيث نحو الارتقاء والعلو فوق الهامات.
إن الاحتفاء بالوطن إنما هو حب صادق من المواطن لأخيه المواطن, والجار لجاره.. إن الاحتفاء بالوطن إنما هو التعاون والتكافل والترابط.. إن احتفاءنا بالوطن إنما هو الجد والاجتهاد والتصميم والعزيمة.. إنه التضحية والدفاع في أسمى معانيهما, وأنبل أهدافهما.. ما أحوجنا اليوم أن نربي على مثل تلك المفاهيم والقيم أبناءنا ومنذ نعومة أظفارهم, وسنيّ تعليمهم الأولى؛ فهل هذا كثير في حق الوطن؟ وهل سيعي الآباء قبل الأبناء, والكبار قبل الصغار, والمعلمون قبل التلاميذ, والرؤساء قبل المرؤوسين, والرعاة قبل الرعية, … هل سنعي جميعاً مثل هذه المعاني؛ فنعمل على تحقيقها وبلورتها وترجمتها واقعاً ملموساً, وكياناً قائماً محسوساً؟ هذا ما نتمناه في يومنا الوطني الثمانين.. حفظك الله يا وطن العز والكرامة من كيد الكائدين, وعبث العابثين, وحسد الحاسدين.. كل عام أنت يا وطني وقيادتك بألف ألف خير..


تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر

   

Exit mobile version