سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
باديء ذي بدء ، سأكشف لكم اليوم بعضا من أوراقي ، وأزيح غبارا كاد أن يطول عن قصة حقيقية عشت وسط تفاصيلها مع صديق مقرب 1 ، ففي العادة يقوم االمهجور ويحكي الجميع بقصته حتى تكاد الدموع تُرى من خلف أسطره ! لكن اليوم سترونها بشكل مختلف ؛ فالهاجر هو من سيقُص عليكم هجره ، وسترون اعتذاره من خلف سطوره لا دموعه !
ومن أجل أن لا أطيل عليكم فسأترككم مع رسالتي لحبيبي ، فهي حوت كل شيء .
عزيزي ..
ترددت كثيرا في كتابة الرسالة إليك لعلمي بأنه الماضي انطوى ، ونحن أبناء اليوم لا الأمس ، وليقيني أنك عفوت عن جفاي وهجري ..الخ
لكن حقا دعني أنفس عن مافي نفسي وأقر بذنبي وأُشيد بفضلك ، فمنذ أن أينعت والإعتراف بالحق هو عنواني فدعني أكتب عنواني .
فقصتي معك بدأت حين ظهرت في حياتي فجأة على غير ميعاد ، وكأني أراك ملأت الدنيا وشغلت الناس ، وتوطدت بيننا العلاقة كثيرا، لاسيما أن سمعتك كانت ولازالت جيدة ، وكنت كثيرا ماأراك ؛ فبالتلفاز أراك ، وبالصحيفة رأيتك ؛ فلا أدري هل الحب الجديد خيّل لي رؤياك أم أني كُنتُ أراك حقيقة ؟! ثم بعد فترة وبدون سابق إنذار ؛ حلّ الغراب بيننا وتكدر ماءنا! فأصبحت نقيضك بل حتى كنت لا استسيغ وجودك ! وكثيرا ما صرحت لمن حولي بأني لا أطيق رؤيتك ! والمؤلم أني صرحت بذلك في حضورك بدون أي مراعات لمشاعرك!
حتى أني لم أُشغل بالي في التفكير في ذلك ! فكل همي هو أني صُرتُ لا أحبك وهل بعد الكره شعور ؟! وأني مع الإصرار أختار الجلوس في الطرف المقابل على الجلوس معك حين تجمعنا المجالس ، وكلما أحسست بتوددك أبعدت وكشّرت لذلك الاحساس ونفضته بعيدا ! فطال الجفى ولم يهتز لي جفن ، وسهت عيني لتذكرك .
ثم توالت الأيام ، وقدر الله أن أغترب عن موطني في بلاد بعيدة جدا.
فجفاني البعض ، وواصلني البعض ؛ فشكرت من وصلني ، ولم أكترث بمن جفاني ؛ لعلمي بأن هذا هو حال الدنيا !
لكن الذي جلعني أعيد حساباتي وأخجل من نفسي أشد الخجل ؛ أنني وجدتك أول من وقف معي ، وشد من أزري راميا بخلافاتنا القديمة خلفك !
والذي زاد استغرابي بأنك لم تتفوه بأي عتاب بل حاولت أن تحتويني بشتى السبل! فحين وقع البعض في العلاقات المحرمة 2 بتهاون أو خطأ ؛ كنت تقف معي مصوبا لي طريقي ، ومعينا لي في غربتي .
ولازلت أذكر أول اتصال بيني وبينك في بلاد الغربة ؛ حين لم أتصرف بنباهة في حضورك لعظم المفاجأة علي !
حقا ياصديقي لقد أخجلتني من نفسي كثيرا ذلك اليوم !
فوجودك في حياتي غير أشياء كثيرة ، لو أردنا ذكرها لطال المقام ومايهمني هنا إلا أن أُشيد بوفائك الأصيل في زمن أصبح الوفاء كالكبريت الأحمر.
ولقد صدق الواصف حين وصف الناس بالمعادن ! فهنا بان لي معدنك النقي الثمين الذي غير مفاهيم الحياة لدي ، وأظهر لي خطأي السابق ! وما تركه تصرفك الرائع في داخلي هو أني بدأت أُراجع حساباتي وأنظر في رحلتي بهذه الحياة ؛ هل من صديق جفوته وهجرته ؟!
وأخشى إن وجدت أحدهم أن لايكون مثلك ومثل طيبك وعفوك !
فالآن وبعد إقراري بما حصل مني ؛ أرجو أن أراك دوما بقربي وسأكون كما تُحب.
مُحبك
أبو هشام
…………………..
الهامش
1- أي السيد اندومي 🙂
2- العلاقات المحرمة أي أكل لحم الخنزير بالخطأ أو التهاون في الأكل من المطاعم المبهم أمرها