لو هيئتْ كل إمكانات هوليود .. لما استطاعوا تصوير مثل ذلك المشهد
كل شعرة في جسدي .. تحارب أختها لتقف قبلها .. والدموع في عيوني تأبى المكوث .. وأنا أشاهد مفخرة بلدي وأبناء جلدتي يرتمون في الموت ويعرضون أعمارهم للهلاك .. نخوة وشهامة وشجاعة ورجولة ..
لم أستطع أن أصدق ما أراه ..!
مكثت أفلام الأكشن ومسلسلات التراث العربي طويلاً تحاول أن توصل فكرة النخوة والشجاعة وأن بطل الفلم لا يمكن أن يصدق فعاله أحد .. لكن في النهاية نقول تمثيل في تمثيل !
رشيد وسيف .. قاما بمشهد حي واقعي .. تعرضوا للموت .. من أجل إنقاذ حياة !
ليست القفزة التي قام بها سيف لينقذ المرأة بعادية .. وليس امتطاء السيل الجارف ومد اليد لإنقاذ نفس مؤمنة والذي قام بها رشيد بأمر مرتجل !
هؤلاء .. أبرزوا خصلة متأصلة .. أظهروا للثقلين سجية تجري في دمائهم ..
لم .. ولن يتوقعوا أن تكون هناك يد تمسك بالجوال لتصور المشهد وتنقله للعالم ..
رموا بأنفسهم .. وهم يرون الموت أمامهم .. فإما إنقاذ نفس وتعني عند الله إنقاذ الناس جميعاً ..
وإما الموت .. وليمت بعد ذلك شهيداً للرجولة والشهامة ..
قضوا لحظات عصيبة .. فالحرب شديدة مع شدة الماء .. والسيل يجرف الأخضر واليابس والحجر واللين .. بل حتى السيارة ..!
أقسم أن لحظة انجراف السيارة .. ألزمت فمي الصمت وأوقف لحظات قلبي للحظات ..
رشيد .. وسيف .. بقيا مثالاً ليس لقبيلة أو عائلة أو مدينة .. بقيا مثالاً لأمة شاهدت المشهد بأم أعينها !
ونبراساً .. نتذكره في كل موقف شديد ..
وما قام به المسئولون .. يشكرون عليه بحق ..
هؤلاء الذين يستحقون الإكرام .. التوظيف .. شهادات الشكر .. أنوطة الشجاعة .. ومبالغ رمزية لا تشكل قيمة عند حياتهم التي كادوا يفقدونها ..
أما إنقاذ المرأة !
فليس إنقاذ شخص واحد فقط .. الله يقول ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ..
إنما إنقاذ عائلة وأسرة بأكملها .. إنقاذ بذرة كادت تموت في نفوس الناس .. إشعال مشعل كاد أن ينطفئ في أفئدة العالم .. مع مبهرات الحضارة والتعلق الدنيا ..
أعاد الشباب هؤلاء بموقفهم .. خصلة كادت تنتهي !
أحيا هؤلاء الفتية .. بظرف دقائق .. مكارم كادت تنسى وكاد الناس في زماننا يذكرونها في قصص الأساطير أو حكايا الأولين ..
الآن .. دونكم هذا الموقف لتروا أن فينا ومنا من يقف ليقدم حياته هدية بسيطة لإنقاذ حياة الآخرين ..
أولئك الذين ينفقون الملايين .. ليحاولوا خداع الناس أنهم شجعان أو أبطال .. ليروا موقفاً تعجز أرحام أمهاتهم أن تخرج رجالاً يعملون كمثله .. أو بعضه !
وفي زمن .. يفر الشخص بحياته .. ويكرر قصص العاجزين المخذلين من ذلّ سلم .. و سلم نفسك وما عليك .. وغيرها من خزعبلات الجبناء وحكم الأذلاء .. جاء هؤلاء الشباب ليقولوا للتاريخ الحديث … أننا هنا .. والدم يجري في عروقنا .. والخصال الذي نشربها في ماءنا .. موجودة وحية لا تزال !
حق عليّ .. أن أقبل رأسيهما !
محمد الصالح