كيف تكون كاتباً بارعاً ؟‎

يحتاج المرء في بعض الأحيان أن يُخرج من عقله ما يزاحمه من أفكارٍ ومعطيات ؛ ليعمل لعقله متنفس ومنتزه على أوراق الصفحات , فيُخرج عالمه الباطن إلي عالمه الظاهر , ولكن هناك مشكلة يتعرض لها كثيراً منا , وهي أن الكثير يفتقر إلي حس الكتابة أو الأساليب الكتابية , ولا يستطيع أن يستفرغ عقله مما فيه , أو أن يخرج عقله من كساده .. فكيف تصبح كاتباً ؟ أصبح فكر الجميع , ومطلبهم .. فالكل يريد أن يحاكي أوراقه البيضاء , بحبر قلمه , ولمسات أنامله , واستنتاجات عقله .

لن تستطيع أن تكون كاتباً بارعاً مجيداً ؛ وأنت خالي الوفاض !

فإذا أردت أن تكون كاتباً يجب عليك أن تكون قارئاً , وإذا أردت أن تكون بارعاً , فيجب أن تكون قارئاً بارعاً … وهكذا .

ذكر في كتاب ( قوة العقل ) للدكتور إبراهيم الفقي : أن شابً في العشرينات من عمره , يسأل العالم والكاتب ومؤسس ( الكريستال كاثيدرال ) في نيويورك الدكتور ( روبرت شولر ) : كيف استطيع أن أكون كاتباً ناجحاً ومرموقاً مثلك ؟ . فرد الدكتور شولر , وقال : عندما تكون لك رغبة مشتعلة لكي تكون ما تريد . فسأل الشاب : وما هي الرغبة المشتعلة ؟ . فقال الدكتور شولر : عندما تفكر في الكتابة قبل النوم , وتفكر في الكتابة أول شيء في الصباح , وتفكر في الكتابة وتتكلم عنها في كل فرصة ممكنة , عندما تصبح الكتابة الشيء المسيطر تماماً على أفكارك وتسير في دمك , هذه هي الرغبة المشتعلة . انتهى

فهل لدينا الرغبة المشتعلة في أن نكون كتاباً ؟! سؤال إجابته عند كل من أراد ذلك .

يقول جبران خليل جبران : ( إذا وجدت في نفسك ميلاً للكتابة , فلتكن فيك المعرفة , والفن , والسحر , معرفة موسيقى الألفاظ , وفن البساطة والسذاجة , وسحر حبة قرائك ) .

كيف تكون فيك المعرفة ؟!

تكون بتنوع الكتب من حولك , فخذ من القرآن والسنة الحجة , ومن كتب التاريخ العبرة , ومن كتب الأدب الحكمة , ومن كتب الشعر الرقه , ومن كتب الطب الدواء العقلي والحسي والمعنوي , وخذ من الكتب الغرب ولكن كن على حذره …الخ ,ثم خذ نفسك بالإبحار في القراءة ولا تقف , بل اجعلها رحلة لا راحةٌ فيها .
سُئل أديسون عن سبب نجاحه , فقال : ( القراءة الدائمة بلا انقطاع , والعمل الدائم بلا يأس ) .

اختار الوقت المناسب …

للقراءة والكتابة والحفظ وقتٌ يختلف لشخصٍ عن آخر , فالقارئ يجب أن يعرف الأوقات التي تناسبه للقراءة , والكاتب هو ايضاً عليه أن يقتنص الأوقات التي يكون فيها عقله خالي من المنغصات .. وجميع العظماء اتفقوا على أن الهدوء والليل أفضل وقتٌ للكتابة .

خُذها ابنه الفكر المُهذب في الدٌجى ….. والليلُ أسود رُقعة الجلباب

مرن نفسك ..

بعد عناء القراءة والحفظ , خذ بعنان قلمك ومرنه , وأسل حبره على أوراقك البيضاء , فسوف تصيب وتخطي , وسوف تمشى وتقع , وهذا أمرٌ لا بد منه حتى تستوي وتتمكن من إتقان الكتابة .

يقول هيفرون : ( إن القراءة جزء مهم من عملية تعلم الكتابة , وإن كان هناك سر لتعلم الكتابة غيرُ الكتابة والكتابة والكتابةِ فهو القراءة ُ والقراءة والقراءةُ , وكل الكتاب الجيدين الذي أعرفهم كانوا محبين للقراءة ) ويضيف : ( لا تحاول كتابة قصة حتى تكون قد قرأت خمسين قصة أو على الأحسن مائة , والشيء نفسه يقال في المقال والقصيدة والرواية … ) .

وذكر في رسائل الرافعي أنه قال : ( وما أردى أحداً يفلح في الكتابة والتأليف إلا إذا حكم على نفسه حُكماً نافذاً بالأشغال الشاقة الأدبية , كما تحكم المحاكم بالأشغال الشاقة البدنية . فاحكم على نفسك بهذه الأشغال سنتين أو ثلاثاً في سجن الجاحظ أو ابن المقفع أو غيرهما … )

ويقول ابن الأثير : ( عليك بحفظ الدواوين ذات العدد , ولا تقنع بالقليل من ذلك , ثم خذ في نثر الشعر من محفوظاتك ) .

واحذر ..

ولكن احذر .. فكل ما سوف تكتبه سوف يدون , فإما لك أو عليك .. يقول الله سبحانه وتعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) ( قّ:18)

ويقول الشاعر :
و ما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فــلا تكتب بكفك غير شيء … يســرك يوم القيامة أن تراه

الكتابة أمرٌ يبعث في النفس السرور , فهي تمتص الشحنات الكامنة من العقل لتجعله في هدوء وراحة .. فأرح نفسك من التفكير بالكتابة على أوراقك التي تحيط بك .
..

الكاتب / فواز ناصر حضرم الحويفي
ايميلي


تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر

   

Exit mobile version